استبشرنا خيرًا نحن موزعي واصل بالتحديد -وللأسف- بداية عهد الإدارة الحالية لمؤسسة البريد السعودي, بكلام وخطابات "المعالي" المعسولة وتبشيره بإنعاش قطاع التوزيع وتغييره جذريًا ولم يكن استبشارنا فقط بتعديل الأوضاع بل بالرغبة في "العدالة" وتحسين أوضاع العمل وتذليل الصعاب أمام الموزعين للقيام بمهامهم بكل سلاسة, لكن سرعان ما تضاءل هذا الاستبشار والتفاؤل حتى ما دون الصفر بل أصبح الوضع كارثًيا على نفسيات الموزعين أكثر من قبل, وكل ذلك بسبب العنجهية والظلم وهضم الحقوق وسلب الجهود والكذب والضحك على الذقون والتقييمات التي لا تعكس على الإطلاق جهود الموزعين وأتحدى أن يواجه على ذلك أي مسؤول من أكبرهم إلى أصغرهم!

هل يعقل أن تكون تقييمات الموزعين ما دون المئة وهم يقتطعون من أوقاتهم وأوقات عائلاتهم لتخليص العمل كاملًا؟, هل يعقل أن لا يكافأ الموزع وهو قد يدفع من جيبه للوقود أو للمكالمات في حال انتهاءهما وعدم صرف المؤسسة للفواتير أو إعادة الشحن؟ هل يعقل أن يقوم الموزع بمهام إشرافية ورقابية وعملياتية بالإضافة لمهامه التوزيعية ثم يكافأ بالنكران والجحود؟ هل يعقل أن تعطى الشمس في يد والقمر في يد للموزع ليُهلك نفسه بالعمل الميداني ثم يرى أن من لم يقم بـ 10% مما يقوم به من جهود يكافأ بالمكافآت وخارج الدوام؟


اتضح فيما اتضح في سابق الأيام, أن كبار المسؤولين وخصوصًا من لهم دخل في التوزيع, أصبحت لهم هواية فريدة من نوعها, وهي, هضم حقوق الموزعين وتطفيشهم والتلاعب بنفسياتهم وأوقاتهم وحياتهم, فبالإضافة إلى التقييمات المجحفة التي لا تعكس إطلاقًا جهود الموزعين في الميدان من توزيع الطرود والوثائق والمستدات والمتاجر وأخيرًا "الأدوية!!" , فهم يريدون قلب حياة الموزع واستعباده طوال الأسبوع لصالحهم!, وكأن هذا الموزع المرهق في الشمس الحارقة وزحام الطرق ومشاكل البعائث ومشاكل العملاء أصبح مملوكًا لهم, وكأنه لا حياة له ولا أهل ولا مصالح؟, لماذا يتم استعباد الموزع و لا يوجد ما يميزه عن غيره بل إن غيره إما أقل تعبًا أو أكثر "مكافآت" و "خارج دوام" , هل من المعقول أن تصبح مصلحة العمل والعميل في المرحلة العليا ومصلحة الموزع ما دون الصفر, بالسالب!!, هل يصح أن يتم وضع ثقل البريد بمجمله على الموزعين وإرهاقهم بما لايطاق من عمل لا متناهي و ورديات متغيره وإجازات غير ثابته!!, هل يعقل أن أقوم بالدوام لما بعد الدوام لساعتين ولثلاث ساعات لأنهي العمل وأنتهي من توزيع "الأدوية!" كي لا يزعل المعزب!! ثم أكافأ بهكذا تقييم وهكذا أوقات عمل!!

راجعوا أنفسكم يا هؤلاء!, لستم من في الميدان, ولستم أصحاب المبادرة الحقيقية, ولن تكونوا كذلك!, تحويل حياة الموظف إلى جحيم لمصلحة العمل هو أقصر طريق لتحقيق الأهداف يا قصيري النظر والمعرفة, لكنه أسوأ طريق وأكثرها تكلفة في المستقبل لو كنتم تعقلون!!

هضم الحقوق واستعباد الموزعين يا أصحاب المعالي وأصحاب أصحاب المعالي, مرفوض جملة وتفصيلًا ولا أظن أنه سيمر من الآن فصاعدًا وللدولة أعزها الله مسالكها في رفع الظلم!.. فافهموا!

في النهاية, كلمتي أوجهها للموزعين فقط ولا أخاطب المشرفين لأنهم أجبن من تصويب الخطأ بل من الثابت أنهم أصبحوا صفرًا على الشمال بعد تغيير التقييمات التي قاموا برفعها وهم لا يملكون اليوم أدنى أمر سوى تسيير شؤون نقاط التوزيع!, أقول لإخواني الموزعين, وينتبهوا لكلامي جيّدا, لا أحرضهم على عدم القيام بواجباتهم, لكن أي مسؤول في البريد لا يستطيع أن يجبره على القيام بمهام خارج وقت الدوام بلا مقابل, بل لا يستطيع اجباره على القيام بأي مهام حتى لو كانت هناك "وعود شفهية!" بوجود حوافز, حوافز لا مرئية تسمع عنها ولا تراها, ولا يستطيع أي مسؤول في البريد الاضرار بك ما دمت تنهي كامل دوامك في الميدان منتهيًا من أكبر عدد ممكن لك توزيعه "في ساعات الدوام لا في غيرها"! وبوجود مسالك قانونية في الدولة لا يخيب من يتجه نحوها وفي ظل خادم الحرمين وولي عهد والتجديد الذي قاموا به في شتى المسالك والاتجاهات فاسترداد الحقوق اليوم سيكون أسهل مما هو في السابق لو اضطر أحد للتوجه لها.

وهذا أول الغيث