زميلي العزيز :

إذا اجتهدت في عمل ما أو صنعت معروفاً فلا تنتظر الشكر من أحد ، واعلم أن البشر قصروا في الشكر تجاه الخالق عز وجل وهو الذي خلقهم و رزقهم وأسبغ عليهم نعمه الظاهرة والباطنة ، فما كان من أكثرهم إلا الجحود والنكران ، فهل تنتظر أنت أيها الإنسان أن يشكرك أمثال هؤلاء البشر !!

اعمل أيها الزميل من أجل الله عز وجل وإخلاص النية له سبحانه وتعالى فهو وحده من يستحق أن نصرف إليه جميع الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة ، ولا تنتظر الشكر من أحد ، لأن معظم البشر لا يخلون من الجحود والنكران والتعدي على جهود الآخرين الفكرية والعملية .

هناك العديد من البشر حينما يجتهدون في مكان معين وتنتهي مدة عملهم بعد جهودهم الواضحة ويتركون هذا المكان لا يجدون من يشكرهم ويندمون على العمر الذي ذهب وضاع منهم في خدمة هذا المكان ، وكأنهم يجهلون أن رضا الناس غاية لا تدرك وعندما لم يجدوا الشكر من البشر انقلبوا على أعقابهم وامتنعوا عن خدمة الآخرين وأخذوا يعملون فقط من أجل ذاتهم وهنا تقع الكارثة ويصبح كل شخص يسعى إلى العمل من أجل مصلحته الشخصية فقط وتلك هي الأنانية، والأنانية معول هدم لأركان المجتمع إذا انتشرت بين أفراده.

زميلي العزيز لا تغتر كثيراً في مظاهر الناس ، فهــنـآك أُنــآس تصآدفهـم وتشآهـدهــم وتتعامل معهم ، قـــد يــكــونوا أمــآمك شــيء ومــن خـلفـك شيء آخر أو مــن خــآرجهــم شــيء ومـن دآخلهـم شـيء آخـر .. ولكن اعمل مع الجميع باحترامك و مبادئك ولا تنظر إلى الآخرين وما هم عليه .
قد يصاحبك صديق لك سنين ، ويظهر لك العون والود بمهارة ، ويكشفه الله لك يوماً ما وفي موقف ما بأنه خائن وغير مخلص ! وقد تشعر حينها بخيبة أمل .

قد تواجه في بيئة عملك من الجانب السلبي الكثير ، ذو الوجهين يتحدث لك ويتحدث عنك بالسوء ، والكذاب الذي لا يصدقك القول ، والمنافق الذي يظهر لك محبته وحرصه عليك وفي باطنه ينكل بك ، وسارق الجهود والأفكار الذي يجلس معك ويأخذ كل ما لديك من جهود وأفكار ويقدمها بإسمه !
هذه الأمور قد تولد لديك الإحباط واليأس وكره العمل حتى يظن الجميع بأنك عنصر مقصر ومحبط و بالتالي غير فعال !

ومع كل ذلك لا تقلق ، كن مع الله ولا تبالي

كن على يقين بالله وثقةٍ به ، وحسن ظن فيه ، فرُبَّ موقف صعب مررت به ، أراده الله لك ليأتيك بعده خيرٌ تعجَب له! ، و رُبَّ حرمان أراده الله لك ليأتيك بعدها بعطايا وهبات تعجِز عن وصفها واستيعابها ، و ثق أن الله غنيٌّ عنا وعنك ، وليس بحاجة إلى إتعابنا أو إرهاقنا ، و ثق أن الله لم يَخلقنا كي يهملنا ويتركنا ، لأنه يعلم جيدًا ضَعف أنفسنا ، و ثق أن ربك لم يخلقك من أجل أن يعذبك ، فهو رحمن رحيم رؤوف كريم ، و ثق أن الله لم يُرسل لك مصيبة أو بلاءً قسوةً منه أو انتقامًا ، بل رحمةً منه وغفرانًا.

كفَّ عن التفكير، فالرب في التدبير ، وردِّد دومًا: (حسبنا الله سيؤتينا الله من فضله إنا إلى ربنا راغبون) رددها وكن على يقين أن الفرج قادم، والفضل من الله قادم ، و ارغب في ربك وفيما عنده ، واطلب منه ما تشاء، فهو الجَوَاد بلا حدود!