يكاد كل عاقل أن يجزم بأن الترقيات متى ما خضعت للأهواء الشخصية والتقديرات العشوائية وأمزجة مسؤولي الأعمال في أي قطاع إنتاجي أو خدمي أو غيره، فإنها بلا شك تنأى عن العدالة، وينعكس ذلك بشكل مباشر على الخدمات وكفاءة العمل المقدم لدى شريحتين من الموظفين الشريحة الأولى وهم من نالوا ترقيات دون استحقاقها، وأولئك يتعاملون بلا مبالاة ودون بذل الطاقات الكافية في نوع الخدمات التي يقدمونها، وذلك لأنهم تذوقوا طعم النجاح السهل غير المقترن بالجهد والعطاء المكافئ له، والشريحة الثانية وهم من بذلوا عصارة أفكارهم وسخروا كل إمكاناتهم الخدمية والإنتاجية وبإخلاص وتفان في ادائهم للعمل، وظلت آمالهم معلقة تحلم في أن ينالوا ما يكافئ إخلاصهم من الترقيات المستحقة، ليصطدموا في نهاية المطاف بسقوط أسمائهم من سجل الترقيات وتتضاعف دهشتهم حين يرون زملاءهم المتقاعسين المستهترين في أداء أعمالهم نالوا تلك الترقيات، وهو الأمر الذي يؤدي إلى فتور هممهم ويكبح طاقاتهم وحماسهم المعتاد ويغمرهم الإحباط مما ينعكس سلبا على أدائهم لأعمالهم.
ويكمن الحل في هذه الحالة الى أن نخضع تلك الترقيات لمعايير وشروط محددة بدقة وتعميمها على الموظفين لكافة القطاعات بحيث يراقبها كل موظف في أدائه الوظيفي ويشرع في بذل الجهد الكافي للوصول إليها وتحقيقها، ومتى ما تمكن من تحقيق تلك الشروط والمعايير يجد نفسه انتقل تلقائيا إلى الترقية المستحقة بسلاسة آليا وبعيدا عن التعقيدات الروتينية وأنظمة إدارية بات عليها التاريخ والتقديرات العشوائية.
مع ضرورة أن يصاحب سير الترقيات دراسة مسبقة مستوفية وشاملة من قبل لجنة عالية الخبرة مشتركة بين وزارة الخدمة المدنية و وزارة المالية والجهات الأخرى ومشاركة القطاع الخاص، ثم تنظر مدى تلاؤم تلك المعايير والشروط مع أداء الموظفين المرشحين لتلك الترقيات إعادة وترتيب هيكلة المرتبة والدرجات والعلامات والمكافآت والاعتمادات المالية التي تتطلبها تلك الترقيات دون إلزام المترقي بمسمى أو مهنة معينة وذلك وفقا لمبدأ العدالة.
صالح بن ناصر الشمراني
جريدة عكاظ - http://www.okaz.com.sa/new/issues/20...1226559179.htm