قبلَ التحوّلِ إلى مؤسّسةٍ كانت تُصرفُ لِلموظفينَ - بعضِ الموظفينَ - نِسَبٌ ( فارزٍ - موزّعٍ - ناسخِ آلةٍ ..... إلخ ) ، وقد أُعطيَ جميعُ زملائي في القِسمِ هذه النسبةُ سوايَ . قدّمتُ بعدها خطاباً لمديري فأوقفَه عنده ، فما كانَ منّي إلا أن كتبتُ أبياتاً شعريّةً أرسلتُها لِسعادةِ المدير العام . بدأتُها بِـ :

قالتْ : تَعلّمْ مِنْ مُجاملةِ الألى
فازُوا بِنسبةِ فارزٍ وَمُوزّعِ

طلبني المديرُ العامُّ وعندَ دخولي عليهِ قالَ مُبتسماً : ( يجبُ أنْ نُحيلَكَ إلى التحقيقِ فأنتَ ذكرتَ أنَّ المجاملةَ سبيلٌ لأخذِ الحقِّ ) ، ورغمَ إعجابِ المديرِ العامِ بِما أكتبُ من شعرٍ إلا أنّه اعتذرَ عنْ تنفيذِ طلبي بِحكمِ أنَّ الأمرَ بِيدِ مديري المباشرِ - مديري المباشرُ لو كانَ بِيدِهِ لَأوقفَ راتبي ، ذلكَ لِأنّي أناقشُهُ - . ساعتَها لمْ أعترضْ على شيءٍ وقلتُ في نفسي : لو كانَ رزقي بينَ كّفَّي عفريتٍ لأخذتُهُ .
وَبعدَها بِأشهرٍ حُوّلت المُديريّةُ إلى مؤسّسةٍ وَوُحّدت النسبةُ . وليسَ موضوعُنا هنا أنَّ هذه النسبةَ تختلفُ عن نسبةِ طبيعةِ العملِ .
أدبيّاتُ الحوارِ حتماً تُوصلُ إلى نتيجةٍ ، إلى قناعةٍ قد تكونُ سلبيّةً في نظرِ الآخرينَ ، رغمَ أنَّ عدمَ الاقتناعِ هو في حدِّ ذاتِهِ قناعةٌ ، فليسَ كلُّ ما أطرحُ يُقنعُكَ ، وليسَ كلُّ ما تطرحُ يُقنعُني .
دمتم بِخير