من نظر إلى كتاب الله عز وجل وهو المصدر الأول للإسلام عقيدة وشريعة وأخلاقاً ومُثُلاً، يجد الأهداف الأساسية للزواج واضحة في كتاب الله، فهناك الهدف الذي شرعه الله لهذا الزواج أول ما شرعه وهو بقاء النوع الإنساني، التناسل، والله سبحانه وتعالى أراد لهذا النوع أن يستخلفه في الأرض، فلابد من وسيلة لهذا الأمر فركَّب الله الغريزة في الإنسان تدفعه وتسوقه إلى هذا الأمر، ويترتب على ذلك الإنجاب والتناسل وفي هذا يقول الله تعالى (والله جعل لكم من أنفسكم أزواجاً وجعل لكم من أزواجكم بنين وحفدة) فعن طريق البنين والحفدة يتناسل النوع البشري ويبقى معمراً هذه الأرض وقائماً بحق الخلافة فيها، هذا الأمر الأول.
الأمر الثاني هو الإشباع الفطري لهذه الغريزة التي ركَّبها الله في كلا الجنسين، ركَّب الله في الرجل ميلاً إلى المرأة، وركَّب الله في المرأة ميلاً إلى الرجل، هذا دافع فطري والإنسان يظل متوتراً إذا لم يشبع هذا الدافع وخصوصاً في بعض الأحوال إذا وجد مثيرات أو نحو ذلك، فالإسلام شرع النكاح. هناك بعض الأديان وبعض المذاهب الزهدية والفلسفية تقف مع الغريزة الجنسية موقف الرفض، وتعتبر كأنما هي رجس من عمل الشيطان، فهذا موقف، ولذلك الإنسان المثالي في المسيحية مثلاً هو الراهب الذي لا يتزوج، ولا يعرف النساء، وكان الرهبان في العصور الوسطى يبتعدون عن النساء ولو كُنَّ أمهاتهم أو أخواتهم، حتى يبتعد عن ظل المرأة، الإسلام لم يشرع الرهبانية، وإنما شرع الزواج، حينما طلب بعض الصحابة من النبي صلى الله عليه وسلم أن يختصوا أو يتبتَّلوا فلم يأذن لهم بهذا، طلب سعد بن أبي وقاص هذا وقال: لو أذن له لفعلنا.
هناك القضية النفسية والاجتماعية، حاجة الإنسان النفسية إلى من يؤنسه وإلى من يعايشه باعتبار الإنسان مخلوقاً اجتماعياً، وهذا ما أشار إليه القرآن في قوله تعالى (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) فهذا الجانب، الإنسان في حاجة إلى مودة وإلى رفيق يؤنسه يتراحمان ويتعاونان، هذا أيضاً ركن من أركان الحياة الزوجية الأساسية ومقصد من المقاصد العليا للزواج.
هناك مقصد رابع أشار إليه القرآن وهو المصاهرة وتوسيع دائرة العشيرة، فالإنسان حينما يُصهر إلى آخرين إلى أسرة أو قبيلة أو كذا معناها أنه ضم إلى نفسه هذه الأسرة، ولذلك كان من مقاصد زواج النبي صلى الله عليه وسلم من القبائل المختلفة قوة بهذا، تزوج من بني المصطلق أو غيرهم، بل النبي صلى الله عليه وسلم قال "استوصوا بأهل مصر خيراً فإن لكم فيهم رحماً وصهراً" الرحم أن أم إسماعيل هاجر كانت منهم، والصهر أن ماريا القبطية أم إبراهيم كانت منهم أيضاً، فقامت علاقة بشعب من أجل هذه المصاهرة، حتى جاء الإمام النووي في رياض الصالحين وجعل هذا الحديث في باب صلة الأرحام، فهذه كلها مقاصد أساسية للزواج، فلا شك هذه الأمور كلها يجب أن تكون في حسباننا عندما نتحدث عن الزواج وأهدافه.