من لي بمثل مشيك المُدلّل *** تمشي رويداً وتجيء الأول
مرحباً بكم يا سادة يا كرام ، وسلامٌ من الله عليكم ، ورحمة منه وبركة
هذا هو حال نخبة كبيرة بحجم الفضاء العنكبوتي ، من الكتاب والأدباء البارعين في سماء الكلمة ، وفي دهليز الحرف ..
كشفتِ المنتديات عن بريق حروفهم ، فرأى الناس أنماطاً من الكلام ، وطرائق من القول قِددا ، ما كانوا يحسبون وجودها ، وظنوها دُفنت مع ابن العميد يوم دفن ، أو أُحرقتْ مع ما أحرق أبو حيان التوحيدي من كتبه ..
فأخرجوا مارد اللغة العربية من قُمقمه ، فخرج يَلْقف ما يأفِك مهازيل الصحافة ، كما فعلتْ عصا موسى عليه السلام مع ما ألقاه سحرة فرعون ..
مُميَّزون كمّاً وكيفاً ! صفاء في الكلمة ، ومتانة في الأساليب ، وقوة في الطرح ، وسلامة في السياق .. وما أتحدث عن طرق المواضيع التي لا تستطيع نشرها الصحف ، كلا ولا ، إنما الحديث عن مواضيع قابلة للنشر .. فلقد بلغوا الغاية وأوفوا على النهاية ..
وإن اختبرتَ طُرقهم في طُروحاتهم الفكرية والنقدية منها ، رأيتهم يطرحون فكرتهم بأساليب تأخذ بالألباب ، وحُججاً وبراهينَ لا يجد العاقل إلا أن يُثني عليهم وإن خالفهم ، ويعيد حساباته لأجلهم ..
لقد سئم الناس من كتاب الصحافة ، الذين جاؤا على أكتاف الدال المزيّفة ! وعلى بساط الصداقة ! تالله ما جاء بهم عَرَق الجبين ، ولا احتمالات الأديب !
كيف جاؤا ؟! ومن أين أتوا ؟!
لا جرم ! حسْب الواحد منهم أن يتخرج في جامعاتِ العلوج ، حتى تُشرع له الصحف أبوابها ، فيلجها على عِلاّته وأسقامه ! فيُلقي سقيماً ، ويطرح مريضا ..
كُتّابٌ ! لو كان لي من الأمر شيءٌ ؛ لألزمتهم حفظ القاعدة البغدادية
فظني بهم سيءٌ جداً ، نتيجة القراءة في صحفهم ، لسنوات وسنوات ، فهلُمَّ ؛ قلِّب الصحف ذات اليمين وذات الشمال ، فلن تجد ما يروي ظمأك ، ويشفي غليلك ، بل ؛ قف عند أول حرفٍ من الجانب الأيمن من السطر الأول للصفحة الأولى ، واشرع في القراءة إلى أن تصل إلى شاطيء برِّها المَخوف ، عند آخر حرفٍ من الجانب الأيسر من السطر الأخير للصفحة الأخيرة .. ثم انظر ؛ هل استقر في حافظتك مما قرأتَ شيئا ؟! هل ازددت علما ؟! بل إني لأذهب إلى أبعد من ذلك ، فأقول : هل سلم ذوقك من تحرشات معاني مقالاتهم الفجة ، وتصاريف ألفاظها الخاطئة !
غير أن منتديات الإنترنت ، جاءت كطوق النجاة ، فأخرجت أحلاس البيوت ، من تحت رُكام الكتب ، وأكوام الدفاتر ، فشنفوا الآذان ، وقرُّوا العيون ، وبرّدوا الأكباد ، بعرائس حروفهم ، وهي تتراقص على فضاء الشبكة العنكبوتية .
لقد انهزم كتاب الصحافة أمام جحافل إبداع كتاب الانترنت ، وها أنتم تشاهدون عِياناً بياناً ، كيف يقتبسون منهم ! ليسدوا عورة مقالاتهم ، وأعمدتهم الصحفية ، وفي ضمن ذلك اعتراف منهم بتفوق كتاب الانترنت ..
مزيداً من التألق أيها المتألقون
ومزيداً من الحسرة والندامة أيها الصحفيّون
منقول بتصرف