"الفرنشايز" كلمة فرنسية تعني "حرية التعامل"، وهو تعاقد تجاري بين طرفين، يعير على أساسه الطرف الأول (مانح الامتياز) اسمه التجاري ونظام عمله للطرف الثاني المستفيد من التعاقد، مقابل نسبة من المبيعات، ويحقق هذا النمط من التعاقد مزايا عديدة أكثر من التراخيص والتوكيلات التجارية التي يقتصر العمل فيها على توزيع السلع التي أُنْتِجَت بالشركة الأم.
شركات أمن وحراسة، صيدليات، مكتبات، ملابس رياضية، محلات لمنتجات اللحوم، ملابس أطفال، مراكز تعليم وتدريب.
وتشير الإحصاءات العالمية إلى أن الفرنشايز يساعد على رفع نسبة نجاح المشروع إلى أكثر من 80% بما يضمن نجاحه لانخفاض نسبة المخاطرة، وبالتالي فهو أفضل وسيلة لأي شاب يدخل عالم التجارة بخبرة بسيطة ورأس مال ضعيف.
ويوضح معتز الألفي -رئيس الجمعية المصرية لتنمية الأعمال (أفدا) أن الفرنشايز يمكنه أن يلعب دورا هاما في اقتصاد الدول، فالولايات المتحدة الأمريكية التي تحتل المرتبة الأولى في هذا المجال لديها 1500 علامة تجارية يتم تدوالها بنظام الفرنشايز، يقدر إجمالي مبيعاتها بتريليون دولار عام 2005، وخلقت 10 ملايين فرصة عمل في العالم.
ويستحوذ الفرنشايز على ثلث حجم السوق الأمريكي من السلع والخدمات، كما يعمل به أكثر من نصف المليون من رجال الأعمال، ويغطي 75 صناعة وخدمة ما بين الوجبات السريعة، والتعليم، والاتصالات، والصيانة، والترفيه، فمن بين كل 12 مشروعا جديدا ينشأ مشروع فرنشايز.
وفي مصر بلغ حجم مبيعات الفرنشايز 7 مليارات جنيه (الدولار = 5.7 جنيهات تقريبا) عام 2006، ليصل حجم الاستثمارات المباشرة في هذا المجال إلى 30 بليون جنيه مصري.
صناعة الفرنشايز
وتقوم صناعة الفرنشايز أو الامتياز التجاري كما يقول رامي أبو غزالة -الرئيس التنفيذي لشركة البيك للأنظمة الغذائية بمصر والمملكة العربية السعودية- على أطراف ثلاثة، هي مانح الامتياز، والمستفيد منه، وعقد الامتياز.
ويجب أن تتوافر عدة شروط بمانح الامتياز، أهمها طول الخبرة العملية في السوق، حجم مبيعاته وأرباحه، والسمعة الطيبة، والمصداقية في السوق، مدى القبول العالمي لسلعته، ارتفاع منحنى التعلم لديه، وجود أنظمة معلوماتية متطورة.
وفي المقابل عليه واجبات نحو المستفيد من امتيازه التجاري أهمها الالتزام بتقديم المنتج (استيرادي - إنتاجي) بنفس المواصفات التي يقدمها للمستهلك، تدريب العاملين لديه على طرق تقديم الخدمة أو بيع المنتج بنفس الطريقة التي تقدم للمستهلك في الشركة الأم، والمتابعة والإشراف المستمر على المشروع لتلافي حدوث أي تعثر.
وبالنسبة للمستفيد من الامتياز عليه أن يؤهل نفسه للعمل التجاري قبل الدخول فيه من خلال برامج تدريبية في الإدارة والتسويق واختيار العلامة التجارية التي يرغب في العمل معها بنظام الفرنشايز، فنجاح العلامة التجارية لا يعني بالضرورة نجاح المشروع إذا لم يستعد له المستفيد بدراسات تسويقية جيدة، وعليه الالتزام بشروط المانح مثل اختيار الموقع واتساقه مع الشكل الموحد للشركة الأم، وكذا الالتزام بنفس النظم المحاسبية المتبعة بالشركة الأم، الالتزام بدفع نسبة مئوية من المبيعات، الحفاظ على السمعة الطيبة وتقديم أفضل خدمة للعميل.
و يحصل المستفيد في مقابل ذلك على العديد من المزايا أهمها البدء في المشروع برأسمال استثماري محدود نسبيا، والعمل على مستوى تنافسي عالمي نتيجة تزويده ببرامج تسويقية وإجراءات تشغيل معيارية ومختبرة مسبقا، كما يمكن لحامل الترخيص أن يحصل على حقوق احتكار العمل داخل منطقة جغرافية معينة بمفرده.
والطرف الثالث في صناعة الفرنشايز هو العقد ويحدد طبيعة العلاقة بين الطرفين وحقوق، وواجبات كل طرف وأسس المعاملة المالية بينهما وكيفية نقل الخبرة العالمية من الشركة مانحة العلامة التجارية إلى المتلقي أو المستفيد.
المستهلك أيضا مستفيد
وتؤكد السيدة شانتال زيمر المدير التنفيذي لاتحاد الفرنشايز الفرنسي أن كلا الطرفين بنظام الفرنشايز مستفيد، ومن ثَمَّ يحرص على التوسع فيه، فهو يتيح للشركة المانحة التوسع السريع بدون الاحتياج لرأس مال كبير ولا أعباء إدارية كبيرة، كما يستفيد الممنوح من الخبرة الطويلة والسمعة الطيبة للعلامة التجارية بما يقلل نسبة المخاطرة في المشروع، وهناك مستفيد ثالث من النظام وهو المستهلك والذي لبَّى الفرنشايز رغباته برغم تعقدها؛ فأصبح من السهل شراء المنتجات العالمية بأسعار وأذواق مناسبة للمجتمع الذي يعيش فيه، كما يعمل الفرنشايز على تحديث جودة الخدمات والمنتجات المقدمة للمستهلكين، وتقلل التكلفة النهائية للمنتج، كما أنه يحمي المستهلك من تقليد العلامات التجارية وذلك بتوفيرها في الأسواق بجواره.
وتؤكد زيمر أن الفرنشايز في الغرب يسير وفق أدبيات وأخلاقيات معينة فرضها العاملون في هذا النظام على أنفسهم؛ فهي ليست وليدة قوانين أو سياسة حكومات كما يعتقد العرب.
الأسواق العربية تنتعش
أوجد الفرنشايز بالسوق العربية أنماطا استهلاكية وإنتاجية جديدة، فمع ظهور سلسلة مطاعم أمريكية في الأسواق العربية منذ ما يزيد على عشرين عاما تأثر المستهلك العربي، وأعيد ترتيب احتياجات الأسواق العربية من السلع والخدمات واستتبع ذلك إنشاء عدد من المصانع؛ لتغذية هذه المنافذ بالبضائع على مختلف أنواعها.
فحدث توسع كبير في صناعة الدواجن مثل إنشاء مجازر حديثة وتربية بمواصفات خاصة من حيث الوزن والنوعية والتماثل، ونشأت مصانع غذائية حديثة لإنتاج احتياجات تلك المطاعم لمقابلة زيادة الطلب خاصة بعد استساغة المستهلك العربي لهذه المنتجات.
والأهم من ذلك أنها أدخلت نظما حديثة في الإدارة والتدريب وأساليب التسوق ودراسات السوق لمواجهة تزايد المنافسة في هذا المجال، وطورت غرف التبريد والتجميد لحفظ المأكولات وكذلك انتشرت سيارات النقل المبردة، وأدخلت إلى الأسواق العربية ماكينات التحصيل الحديثة المبرمجة التي تناسب سرعة الخدمة في هذه السلاسل، والتي تلائم النظم المحاسبية الحديثة في التكلفة.
كما استفاد عدد كبير من المستثمرين العرب في تقليد فكرة السلاسل التجارية على أسس حديثة، مستفيدين من الخبرات التي جنوها من السلاسل الأجنبية. وقد حدث ذلك في مصر حيث قطعت الصناعات الغذائية شوطا لا بأس به، وظهرت سلسلة مطاعم مصرية شهيرة بدأت تعرض نفسها للعمل داخل مصر وخارجها بنظام الفرنشايز، وحدث الشيء نفسه في الملابس الجاهزة بما أوجد نصف مليون فرصة عمل منتظمة خلال السنوات الأخيرة.
الثقافة عائقا
وعلى الرغم من استغلال بعض المستثمرين العرب للفرنشايز فإن ثقافة الفرنشايز تكاد تكون معدومة في العالم العربي، كما يقول مصطفي عبد المقصود - منسق حقوق الامتياز (الفرنشايز) بشركة ومكتبات برناسوس المصرية - فعلى الرغم من نجاح الفكرة وانتشارها في الغرب فإن العرب ما زالوا يخشون التعامل بها، فبعض مانحي الامتيازات يرفض أن يشاركه أحد نجاحه ويتعامل مع الحاصل على الامتياز على أنه منافس له؛ فيتأخر في تقديم المنتجات له، أو يقدم له منتجا بمواصفات أقل من التي يقدمها لعملائه مع العلم أن من شروط العقد بينهما أن يعطيه أسرار المهنة وكيفية الإنتاج، فكل مشروع ناجح له منتج يميزه عن باقي السلع.
أما المستفيد من الترخيص فعادة ما يرفض دفع قيمة الفرنشايز ظنا منه أن هذه الأرباح نتيجة عمله، وليس من حق المانح مشاركته فيها؛ وبالتالي تقع الكثير من المشاكل القانونية، والتي تظل لسنوات طويلة في المحاكم وتكون تجربة سيئة أمام الراغبين في العمل بنظام الفرنشايز.
ما يحتاج رابط الموضوع متكامل