توماس فريدمان
خلال حوار هاتفي مع الرئيس أوباما يوم الثلاثاء الماضي حول الخطاب الذي سيوجهه إلى العرب والمسلمين من القاهرة يوم الخميس، أخبرت الرئيس بنكتتي الشرق أوسطية المفضلة والتي جعلته يضحك. تقول النكتة:
كان هناك يهودي ورع اسمه غولدبيرغ يحلم دائما بالفوز باليانصيب، وكان يذهب كل سبت إلى الكنيس اليهودي داعيا: «إلهي، لقد كنت يهوديا ورعا طوال حياتي. فما السيئ في أن أفوز باليانصيب؟»، ولكن قائمة الفائزين كانت تُعلَن ولم يكن غولدبيرغ يفوز. والأسابيع تمضي وغولدبيرغ يدعو للفوز باليانصيب، ولكن القائمة كانت تعلن ولا يفوز غولدبيرغ. وأخيرا في يوم سبت انتحب غولدبيرغ وشكا إلى السماء قائلا: «لقد كنت ورعا لزمن طويل، فماذا عليّ أن أفعل كي أفوز باليانصيب؟»، فانشقت السماء وسمع صوتا يقول: «غولدبيرغ، اشتر تذكرة!».
لقد ألقيت تلك النكتة على مسامع الرئيس لأنني في أثناء قراءتي للصحف العربية والإسرائيلية هذا الأسبوع وجدت أن كل شخص يخبره بما يجب عليه فعله وقوله في القاهرة، ولكن لا أحد كان يشير إلى كيف سيقوم هو أو يفعل شيئا مختلفا. فالجميع يريد السلام، ولكن لا أحد يريد أن يشتري تذكرة.
يقول الرئيس: «لدينا نكتة في البيت الأبيض، وهي أننا سوف نستمر في قول الحقيقة حتى تصبح بلا نفع، ولا يوجد مكان لقول الحقيقة فيه أهمية بالغة مثل الشرق الأوسط».
وسيحمل جزء رئيسي من خطاب أوباما الرسالة التالية: «توقف عن قول شيء واحد خلف الأبواب المغلقة وقل شيئا آخر في العلن». ويشرح أوباما ذلك قائلا: «هناك العديد من الدول العربية القلقة من امتلاك إيران للسلاح النووي أكثر من قلقها من التهديد الإسرائيلي، ولكنهم لا يعترفون بذلك. وهناك الكثير من الإسرائيليين الذين يعترفون بأن الطريق الذي يتبعونه حاليا غير مجد وأنهم بحاجة إلى اتخاذ قرارات صعبة في ما يتعلق بالمستوطنات لتحقيق حل الدولتين ـ وذلك الحل يحقق مصلحتهم على المدى البعيد ـ ولكن لا يوجد عدد كافٍ مستعد للاعتراف بتلك الحقيقة علانية».
وهناك الكثير من الفلسطينيين الذين يعترفون بأن «التحريض المستمر والحديث السلبي حول إسرائيل» لم يحقق «أي مصلحة لشعبهم» وأنهم إذا بدأوا في اتخاذ مقاربة بناءة وبالتسامح أكثر مع الآخر فإن حياتهم بالتأكيد سوف تكون أفضل، ولكنهم لا يفصحون عن ذلك بصوت مرتفع.
«وهناك بعض الدول العربية التي لم تقدم أي عون للقضية الفلسطينية بخلاف مجموعة من الأحاديث الغوغائية». وعندما يأتي الأمر لدفع المال لمساعدة الشعب الفلسطيني فإنهم لا «يتقدمون».
وعندما يأتي الأمر إلى مسألة التعامل مع الشرق الأوسط، يقول الرئيس: «هناك رقصة كابوكي دائمة بيننا، وهو ما أرغب في إنهائه، وسوف أحمل مرآة وأقول: «هذا هو الموقف، والولايات المتحدة مستعدة للعمل معكم جميعا من أجل معالجة تلك المشكلات، ولكننا لا نستطيع أن نفرض حلا. فسيكون عليكم جميعا اتخاذ قرارات صعبة. فعلى القيادات أن تقود، آملين أن يحظوا بمساندة شعوبهم».
لقد كان واضحا من الحوار الذي امتد لعشرين دقيقة مع أوباما أن الرئيس ليس لديه أوهام تتعلق بأن خطابا واحدا سيمكّنه من جعل الحملان تنام إلى جانب الأسود. بل إنه يرى الخطاب جزءا من مقاربة دبلوماسية أوسع مفادها: إذا دخلت مباشرة إلى غرف معيشة الناس فلا تخشَ أن تحمل مرآة لكل شيء يفعلونه، ولكن يجب أن تشركهم أيضا بطريقة مفادها «أنا أعرف من أنت وأحترمه»، وبذلك سوف ينتهي بك الأمر ـ إن لم يكن هناك شيء آخر ـ وقد منحت المزيد من المساحة للدبلوماسية الأميركية، ولا يمكنك أبدا أن تعرف متى ستحتاج إلى ذلك.
ويضيف السيد أوباما: «عندما يطلب شخص ما إرسال 17 ألفا من القوات الإضافية إلى أفغانستان، فستكون مضطرا إلى أن تقترح أن ما نقوم به لا توجد قوة صلبة تكفي لدعمه. وأنا أُسقِط من حسابي الكثير من تلك الانتقادات. فما أعتقده هو أننا إذا كنا سنتحدث بشكل مباشر مع الشارع العربي وكان الشارع العربي مقتنعا بأننا نعمل بطريقة مستقيمة، إذن فإنهم وقياداتهم سيكونون أكثر ميلا تجاهنا وأكثر قدرة على العمل معنا».
وبالمثل، قال الرئيس إنه إذا طلب من قادة ألمانيا أو فرنسا مساعدته في أفغانستان أو باكستان «فلن يضير أن يكون لي مصداقية عند الشعب الألماني أو الفرنسي. حقا، ستظل لديهم قيودهم على الميزانيات والسياسات الداخلية، ولكن ذلك بلا شك سيجعل الأمور أسهل».
ويضيف أوباما: «إن جزءا من معركة أميركا ضد المتطرفين الإرهابيين تتضمن تغيير قلوب وعقول الناس الذين يدعمونهم، وإذا كان هناك أشخاص تتراوح أعمارهم بين 22 و25 عاما من الرجال والنساء سواء في القاهرة أو في لاهور يستمعون إلى خطاب سواء كان خطابي أو خطاب أي أميركي آخر ويقولون: (أنا لا أتفق مع كل ما يقوله ولكن يبدو أنه يعرف من أنا أو يبدو أنه راغب في تعزيز التنمية الاقتصادية والتسامح والنظرة الشاملة)، وبالتالي فمن غير المحتمل أن يغوي إرهابي مثل هؤلاء الشباب».
أعتقد أن هذا هو الصواب. لقد قال لي صديق مصري: «لا تستهن بما قد تثمره البذور عندما لا يكتفي القادة الأميركيون بالترويج لقيمهم ولكن يمارسونها بوضوح. والرئيس أوباما سوف يتحدث من جامعة القاهرة، وعندما يرى الشباب العربي والمسلم رئيسا أميركيا يبدو مثلهم تماما وله اسم يشبه أسماءهم وفي عائلته مسلمون ويأتي إلى عالمهم ويقول الحقيقة، فإن ذلك أمر باعث على الثقة والقلق في الوقت نفسه. فسوف يتساءل الناس: «لماذا يكون هذا الرجل الذي يبدو مثل أي شخص في شوارعنا، على رأس العالم الحر، ولا نستطيع نحن ملامسة الحرية؟». ونحن لا نعرف أبدا كيف يمكن أن تكون ثمرة ذلك.