الشيخ محمد بن سالم البيحاني ، من علماء اليمن ، من منطقة بيحان بجنوب اليمن ، هاجر لطلب العلم إلى حضرموت وعدن ومصر ، التحق بالأزهر ، عمل بالدعوة والتأليف والتعليم ، نظم الشعر و أفتى ووعظ ونشر علمه النافع ، توفي رحمه الله سنة 1392هـ ( 1972م ) عن ستة وستين عاماً .
قال مبيّناً أضرار القات :
و معلوم من أمر القات أنه يؤثر على الصحة البدنية ؛ فيحطم الأضراس ، ويهيج الباسور ، ويفسد المعدة ، ويضعف شهية الأكل ، ويهيج مرض الكلى ، وله مضار عديدة ، وقد قال بعضهم :
إن رمت تعرف آفة الآفات = فانظر إلى إدمان مضغ القات
القات قتلٌ للمواهب والقوى = ومولّدٌ للهمّ والحسرات
ما القات إلا أكلةٌ مسمومةٌ = ترمي النفوس بأبشع النكبات
ينساب في الأحشاء داءً فاتكاً = ويعرّض الأعصاب للصدمات
يذر العقول تتيه في أوهامها = ويذيقها كأس الشقاء العاتي
ويميت في روح الشباب طموحه = ويذيب كل عزيمة وثبات
يغتال عمْر المرء معْ أمواله = ويريه ألواناً من النقمات
هو للإرادة والفتوّة قاتلٌ = هو ماحقٌ للأوجه النضرات
وإذا نظرت إلى وجوه هُواته = أبصرت فيها صفرة الأموات
وهذا مع ما يبذل أهله فيه من الأثمان الغالية المحتاج إليها ، ولو أنهم صرفوها في الأغذية الطيبة و تربية أولادهم و تصدّقوا بها لكان خيراً لهم .
و قد صدق الشاعر القائل :
عزمت على ترك التناول للقات = صيانة عرضي أن يضيع و أوقاتي
وقد كنت عن هذا المضر مدافعاً = زماناً طويلاً رافعاً فيه أصواتي
فلمّا تبيّنْتُ المضرة وانجلَتْ = حقيقته بادرْتُهُ بالمناواة
طبيعته اليبس الملم ببردة = أخا الموت كم أفنيت منّا الكرامات
وقيمة شاري القات في أهل سوقه = كقيمة ما يدفعه من ثمن القات
وإنهم ليجتمعون على مضغه وتخزينه من منتصف النهار حتى غروب الشمس ، وربما استمر الاجتماع إلى منتصف الليل ، يفرون أعراض الغائبين ، ويخوضون في كل باطل ، و يتكلمون فيما لا يعنيهم ، ويزعم بعضهم أنه يستعين به على قيام الليل ، وأنه قوت الصالحين ، ويزعمون أن الخضر جاء به إلى ذي القرنين من جبل " قاف " ، ويروون فيه من الحكايات والأقاصيص شيئاً كثيراً ،.
ومن كبار السن الذين قضى القات على أضراسه من يدقّه ، ويطرب لسماع صوت المدق أو الهاون ، ثم يلوكه ويمص ماءه ، وقد يجففه ويحمله معه في أسفاره ، و إذا رآه من لا يعرف القات سخر به وضحك منه ، فهو من مَن زُيّن له سوء عمله فرآه حسناً .
انتهى كلامه بتصرف يسير .
تقبلوا محبتي وتحيتي الأخوية .
المواصل