في ذلك الزمن...السحيق
كانت تتراءى لي الظلال بعيدة يملؤها غبار السنين..
معتمة لا استطيع أن افهمها او أميزها..
منذ كنت طفلة أدركت بأن الطفولة عبئ ثقيل..
لأني ما زلت أجهلها ولم أعشها..
أرغب دوما أن اتجاوز حدود العمر بمساحات كبيرة..
لأشعر بالأمان مع مرور الأيام..
كنت أظن بأن الأيام ستشعرني بدفء أيامي التي لم أعشها..لترغمني على الحياة..
وانتظرت طويلا..طويلا . تتراءى الأيام باهتة الظلال لا تثير الا الصقيع الذي يوحي
بالموت.. وأحلام هشة تتطاير ثم تتكسر..
اردت اليوم أن أكون امرأة مختلفة..
تحلم بالسعادة ..وتعشق الضحكات.. تحلق بينهم كفراشة..
ترغم من حولها بأن يتتبعوها..
طقوس غريبة بات يمارسها قلبي ..؟؟
لا يشعر..لا ينبض..لا يخفق..لا ينبئني بزمني..
كنت أبحث عنك بين خلايا أجزائي المتجمدة…
أخبرتك ..
بأني سأشتاقك..
لم تفهم همسي واضطرابي..
هي لحظات الموت والحياة..تجمعني..
اعترفت بان يد القدر رمتك امامي وبانك قادرعلى الاتجاه بقارب حياتي
الى بحر مليء بالاحزان...
اتذكر!! كيف بدوت وانت تعترف ... وتتوسد لحظات الحديث والاعتراف
كقطعة الجليد على كف مجروح ،استقمت واستدرت جالسا ،وابتست
ابتسامة صفراء واعترفت ..
اتذكر؟!!
الان....
تختلط الحقيقة بالخيال..تزدوج المفاجاة المجنونة بخلايا الوعي الذي
ينسحب كاللاضوء امامي..
لازلت اتذكر...
وانت تغرق في نفسك..وصمتك..واشيائك
.
تتبدى كمن يحاول ان يختصر كل نفسه..وانسانيته في تلك اللحظة..
وحينها استجمعت كل قواي واحاسيسي..لانطلق بها..وانا في مكاني
استجمع بقايا عقلي الضائع ..والملم شتات الذاكرة المفقودة.
انت مسئول عن احتراقي..انت مسئول عن ذبول ازهاري..
ساصرخ في وجه الكون:
لتمت كل الازهار والاشجارلينتشر السراب...
لتسقط كل الوان الجمال...
لينزف كل من يستحق ومن لا يستحق دون انقطاع...
الان...انزف مذبوحة بكبريائي..مجروحة بعمق ذلك الحزن وتلك اللحظات
المريرة في حياتي.. اتمنى ان تشرق الشمس على قلوب يغطيها الظلم
والظلام ويحاصرها الجليد..
ازحف مرغمة بوجهي على نار تستعر..وجمر يتلظى..زمان يمضي وظلمات
تعقبها ظلمات..
آخذ نفسا عميقا واعاود السير من جديد..
اعود بذاكرتي الى الوراء البعيد..اتذكر ذلك الوجه يااااااااااااااه كان مختلفا
عنك..
تنقشع الستائر المعتمة وينطلق نور خفيف يغمر دواخلي ..
لا يزال وجهه امامي يمنحني كل حنان الدنيا..
اتراقص نشوة وفرحا..
وفجأة...
اتذكر ملامحك..وعيونك تتسع..وملامحك المرعبة..
احاول ان ابتعدعن صوتك الذي يشبه تكسر الصخر..يحاصرني خوف
خفي..وابتلع ما كنت اريد ان تنطق به.
انت قاتل احلامي وانت من احرق وردي ...
ومانع ليلي من الاتضاح ...
انت من نثر الملح في ذاكرتي ...
ووأد جمال ايامي ...
وبين حصار الشمس وحفاظها على توازنها حاملة منفاها في الاعماق ..
عدت بزورقي ابحث عن ميناء وحيدا ارسوعليه اجدني فجاة محاصرة بجبال
من جليد..
احاول السير اشعر بالغرق في بحر تحتاج فيه ان تجدف بمجداف بعيدا عن
مجداف الارهاق والوجع.
اصر ان ابتسم لاجبر الضباب على الانسحاب امام الشمس..
لا يزال حصارالجليد يقتل باقي احلامها..
أتألم من زمن يمتلكه شخص (او اشخاص) لا يكتسبون وجه الحق او
الصدق..
تعبت من رحلة العذاب اليومية..
بت اجد نفسي كعصفوريحلق فوق زوايا ارض لم تزرع ..
ارض فاضت بالحقد ..
بت احلم بمنفى اختياري يحتويني وفرديتي ونفسي المحبطة ووجعي.
هل سيطول انتظاري للسواد وللمساء الدامي.. بعد ان اعتادوا ركوب صهوة وجعي؟!!
كم جاهدت على ان اتمرد على بقايا الدماء التي تتجمد في عروقي..
وكم جاهدت على ان اغادرذلك الزورق التائه الذي يحملني من محيط دون
عنوان الي محيط لاتحمل الخريطة له اسما..
كم جاهدت على ان اجعل دربي فارغا هادئا دون وجوه تتكسر كل لحظة ودون
ملامح توجعني كل فترة..
ودون اصوات تضيء الالم في داخلي ..
كل الظروف المحيطة كانت ادوات اغتياليه لداخلي وصفوي وبساطتي 0
والان....
اتمنى ان اجد موتا يليق..