منظومة التنميات المعزولة عن الثقافة:
النظره الاحاديه والواقع الاجتماعي...
حيث النظرة الأحادية لمفهوم التنمية، تلك النظرة التي جعلت التخطيط الرسمي في دول المنطقة يلهث وراء خطط تنموية متمفصلة عن التخطيط الشامل للتنمية الوطنية (النهوض الشامل بالمجتمع) ولست أبالغ إن قلت بأن مصدر ذلك ليس في مجرد سوء الفهم لعملية التنمية، وإنما في تبعية حركة التنمية في مجتمعاتنا لمطالب العالم الرأسمالي بدلا من أن تكون ملبية - أساسا - مطالب الواقع الاجتماعي المتخلف وحاجاته التي لا تكف عن التوسع والاطراد. وتنعكس التنميات المتمفصلة على طبيعة الأفكار والقيم والعناصر المتوالدة في إنتاج الثقافة.
وعن الكتاب والاعلام الرسمي...
عزلة الكتاب عن السوق الاستهلاكية، لأن الكتاب واحد من رموز الثقافة الوطنية المحلية والقومية التي ترفد من الاتجاه المضاد لنمط التنمية المفروضة علينا من الخارج. لذات فقد حاصرته أدوات هذه التنمية بمزيد من استعراض ظواهر النمو الاقتصادي، وبمزيد من الاحتفاء بآلات الاستهلاك والترويح لكشوف التكنولوجيا البصرية. وقد بات الكتاب يواجه بنفس الحواجز التي تفصل بين سلسلة التنميات المعزولة عن الثقافة.
تكريس الإعلام الرسمي لسياسات التنمية المعزولة عن التنمية الثقافية. فالإعلام في مجتمعات دول الخليج يلبي مطالب نمط الاستهلاك الذي يغمر حياتنا ولكنه لا يلبي جزءاً من احتياجات المواطن لإشباع نزعات الفردية في تنمية مواهبه وقدرته وإمكانياته في الخلق والابتكار.
ذلك أن التناقض بين الحرية والسلطة، وبين الثقافة والماضي التقليدي وبين السائد والمغاير، وبين الثقافة والتنميات المعزولة إنما يؤكد على وجود ازدواجية ثقافية قوامها الانفصال التام بين مصادر وخصائص وقيم الثقافة الرسمية ومصادر وخصائص وقيم الثقافة الشعبية.
ونحن نذهب إلى أن المصدر الأساسي للثقافة الرسمية، عبارة عن مجموعة من الرواسب الثقافية التي عولجت بنمط التحديث الغربي، الذي لا يمس صميمها بشيء من التغيير الهام، في حين أن المصدر الأساسي للثقافة الشعبية هو الذات الفردية/ الجماعية المتحررة المنطلقة من حاجات التجدد الاجتماعي. ومن ثم فإن هذا التناقض يرسم في وضعنا الثقافي الراهن مؤشراً واضحاً لإمكانيات التواصل الثقافي.
وعلى هذا فإن التواصل الثقافي هو تحويل المكاسب القومية/ الوطنية إلى مشاريع عملية يلمس المواطن إمكانياتها في إطلاق طاقاته وتغيير حاجاته. وهو قدرة متطورة على الاستفادة مما هو تاريخي/ خصوصي في حياة المجتمع سواء عن طريق تفجير ما فيه طاقات الخلق والابتكار التي ينبئ بها لمصلحة شعب المنطقة بأسره، وليس لمصلحة طبقة محددة ببعض الامتيازات الاجتماعية والاقتصادية، أو عن طريق توظيف ما هو تاريخي/ خصوصي مشترك في إزاحة جميع الآثار الانفصالية، كأن تتحول الإستقلالات المتعددة إلى استقلال واحد وكأن، تتجه العملية الإعلامية إلى التكامل في إطار استراتيجية إعلامية موحدة وتتجه وسائل الاتصال إلى القضاء على حواجز الماء والصحراء.
منقول من صحافتنا لهذا اليوم الثلاثاء 25 رمضان......... بتصرف ..