اكتشاف سلوك عنصري في مكاتب للبريد في النمسا
الأسماء السلوفينية لا تصلها الخطابات.. وحاكم إقليمي يقول: لا لغة هنا غير الألمانية
فيينا: بثينة عبد الرحمن
رغم صحة العنوان البريدي ودقته، والرقم المتسلسل الذي يوضح بسهولة لموقعه من المدينة، وأن اسم المرسل اليه مكتوب بحروف واضحة مقروءة، فإن المراسلات ظلت تعود لراسليها مع ختم رسمي فوقها كلمة «مجهول او غير معروف» فما السبب وراء عودة تلك المراسلات وعدم تسليمها؟.. سؤال أرق السلطات النمساوية لفترة من الزمن قبل اكتشاف حقيقة ما يحدث.
بعد معاينة بسيطة للاسماء المرسل اليها، اتضح للمتقصين أنها اسماء سلوفينية لمواطنين نمساويين من اصل سلوفيني من الاقليات التي تعيش في مدينة كلاغنفورت، عاصمة اقليم كرنسيا جنوب النمسا، حيث تدور معركة عنصرية علنية وحادة ضد سكان الاقليم من اصل سلوفيني وضد استخدام اللغة السلوفينية كلغة مستخدمة بالاقليم النمساوي. وهكذا امتدت العنصرية البغيضة لتصل مكتب البريد والبرق، حيث دأب بعض موظفي المكتب على عدم توصيل اية مراسلات تحمل اسماء سلوفينية او اية عناوين تكتب بالسلوفانية، حتى ولو كانت معنونة لمكتب فرع وكالة الانباء السلوفينية بكلاغنفورت، لا لجهلهم بتلك اللغة وإنما رفضا لها وللقوانين التي تفرضها.
وذلك ما حدا بسيدة هي رودي فوك رئيسة تحالف تلك الجماعة لتقديم شكوى رسمية رفعتها لمدير مكتب مؤسسة البريد والبرق «البوستة» بالمدينة، والذي حاول التقليل من اهمية الامر، مؤكدا انها حالات فردية لم تصل الى مسامعه، ونافيا ان تكون وراءها اية اغراض سياسية او عنصرية. لكن رودي فوك أصرت دائما على أن الامر «جزء من مخطط عنصري مدروس يهدف لممارسة مزيد من التمييز ضد تلك الاقليات التي استوطنت بالاقليم منذ عهود قديمة وهي تحمل الجنسية النمساوية وتعيش كغيرها من مواطنيه وان كانت تطالب بحقوقها التي كفلها لها الدستور النمساوي، كما تسندها قوانين الاتحاد الاوروبي، ومن ذلك استخدامها للغتها الام بالإضافة للغة الالمانية وهي اللغة الرسمية بالنمسا».
ومن جانبه لم يخف يورك هيدر، حاكم الاقليم، السياسي النمساوي المثير للجدل اعجابه بتصرف موظفي البوستة، مشيدا بما قاموا به، ومؤكدا، وسط دهشة الجميع، على ان مواقفهم (موظفي البريد) نابعة من «وطنية خالصة لكون منطقة كلاغنفورت ليست من مناطق الاقليم مزدوجة اللغة وعليه فان لغة كلاغنفورت هي اللغة الالمانية فقط، ولا لغة سواها».
وكان هيدر، وما يزال، يقاوم بشدة قرارا اصدرته المحكمة العليا يلزم حكومة الاقليم بالاعتراف باللغة السلوفينية كلغة رسمية جنبا بجنب اللغة الالمانية في اجزاء الاقليم التي تسكنها اغلبية من اصل سلوفيني، ليس في المدارس فحسب، بل ان يظهر ذلك في كل الاشارات التنبيهية واسماء الشوارع واليافطات الرسمية. الا ان هيدر يظل يحاجج ويمانع، ويتصيد الفرص لعدم الالتزام بذلك القرار، ما وجد سبيلا.