موبايلي وتقنية (النطاق العريض) ..
استشراف التغيير في عالم الانترنت الرقمي
بقلم: حمود بن عودة الغبيني
مدير عام العلاقات والإعلام بشركة موبايلي
منذ فترة ليست بالبعيدة، طرحت شركة موبايلي تقنية الانترنت باستخدام الهاتف المتحرك عبر تدشينها باقات جديدة وبأسعار زهيدة لم يعتد عليها المستهلك المحلي. ورافق هذا الإطلاق إقبال غير معهود عكس التعطش الذي يضرب بأطنابه كل مدينة وقرية نحو خدمات انترنت لا أقول متقدمة بل على الأقل مقبولة! وحتما فقد نتج عن ذلك اختناق مؤقت على الخدمة تؤكد موبايلي أنها قامت بمعالجته خلال اليومين الماضيين، وتعترف موبايلي مرة أخرى و بجرأتها المعهودة أنها لم تكن تتوقع هذا التزاحم على هذه الخدمة البته. ورافق إطلاق هذه الخدمة العالمية جدل واسع حول إمكانية الاعتماد الكلي على هذه التقنية واتخاذها بديلا لخدمة DSL أو خدمات الانترنت الأخرى، فذهب أقوام إلى التشكيك في جدواها و دافع آخرون عن هذه الخدمة معتبرينها ثورة حقيقية في عالم الانترنت، بينما سعى (معسكر) آخر إلى رفضها جملة وتفصيلا لاعتبارات معروفة وكردة فعل طبيعية في جو المنافسة المشحون. فدعونا نستكشف هذه الخدمة عبر حقائق وممارسات وليس عبر عاطفة هوجاء أو تهجم غير مدروس.
"الشبكة الداخلية (local line plant) هي آخر معاقل الاحتكار". تلك هي كلمات متخصصة في الشؤون التنظيمية لقطاع الاتصالات، نقلها إلي صديق أثناء حضوره دورة تدريبية في جامعة هارفارد. المخجل أن هذه المقولة ما زالت صحيحة إلى حد ما. لا زال هناك اعتقاد قديم راسخ بعض الشيء في ذهن البعض أن السبيل الوحيد للحصول على انترنت النطاق العريض عالي السرعة لايأتي إلا عبر (DSL) تلك التقنية القائمة على الأسلاك و التي تقبع في داخل كابينة لتوصيل الخدمة الهاتفية، وليست مبنية على تقنية تراسل المعطيات التي يعمل بها في أغلب دول أوروبا ويعتمد عليها بشكل كامل ويتم تطويرها بشكل متسارع، ويتجه العالم المتقدم نحوها.
الواقع أن هذا الاعتقاد المتراكم في ذهن بعض المستهلكين ناقص ويحاول قطع الطريق على المستهلك وحرمانه الاستفادة من ثمار المنافسة. فاليوم بإمكان أي منا الحصول على خدمة انترنت النطاق العريض من خلال تقنيات عدة أحدث وأكثر اعتمادية وبأسعار أكثر تنافسية والأهم من ذلك بدعم فني أفضل، حيث إن استخدام الانترنت الخلوي (الانترنت عن طريق الموبايل كما يحلو للبعض تسميته) لا يقيد حرية الحركة لدى المستخدم بل يوفر له سهولة الانتقال في جميع المناطق المغطاة بشبكة النطاق العريض أو شبكة الهاتف المتحرك، وهو تماما نفس مبدأ الهاتف المتحرك الذي لا يربط الشخص بالمنزل أو المكتب كما في الهاتف الثابت. وعلى غرار انتشار الهاتف المتحرك وتفوقه على الهاتف الثابت في الصوت، فسوف تدور الدائرة على الانترنت ليصبح الانترنت الخلوي WiFi الأكثر انتشارا من الـ DSL وهو في ما أظنه أمر ماثل للعيان ونشاهده كل يوم. والعفو، فانترنت النطاق العريض العالي السرعة ليس حكراً على تقنية الـ DSL أو شركة ما كما يزعم البعض. وهذه المعلومات الأساسية أصبحت متداولة ومتوفرة في جميع مراجع الانترنت العالمية والمحلية، ومنشورة على مواقع الانترنت يستطيع أي منا الإطلاع عليها. إذن فلا حاجة لاستغفال الناس وإيهامهم.
هناك تغطية عالمية توفرها موبايلي تسمى الـ UMTS و الـ HSDPA عن طريق شبكات الموبايل، كما هو الحال لدى كبريات الشركات الأوروبية مثل T-Mobile – E Plus – SF4 – 3G - Orange والتي تنشر شبكاتها للجيل الثالث المتطور والنطاق العريض في كل نواحي أوروبا لتوفر لمشتركيها خدمة انترنت عالية السرعة من خلال باقات محددة و مقابل رسم شهري ثابت. وعلى سبيل المثال لا الحصر، تطرح شركة Vodafoneالبريطانية باقة الانترنت بالنطاق العريض بمبلغ 20 جنية استرليني (حوالي 140 ريال سعودي) شهريا مقابل 250 ميغابابت، بينما تطرح شركة Hutchison النمساوية نفس الخدمة بمبلغ 19 يورو (حوالي 80 ريال) مع رسوم تأسيس تتجاوز الـ400 ريال ومع اشتراط الاشتراك سنة كاملة مقابل استخدام 1 جيجا شهريا، أما شركة Singtel السنغافورية فتطرح أقل باقاتها بسعر 200 دولار أمريكي (حوالي 770 ريال سعودي(، بينما تطرح شركة MTN الجنوب أفريقية باقة 5 جيجا شهريا بمبلغ 200 راند (حوالي 400 ريال سعودي). واليوم تطرح موبايلي السعودية باقة مفتوحة بـ350 ريال وباقة 5 جيجا بـ 200 ريال سعودي وباقة 1 جيجا بـ 100 ريال سعودي. وهنا أدع القارئ يقارن بنفسه ليرى مدى ما تحاول الشركة تقديمه لعملائها. كما أنه بات في المملكة اليوم تغطية بتقنية الـ WiMAX في بعض المدن الرئيسية، وهو ما نفى وجوده أحد الإخوة في حوار صحافي!! رغم إعلان شركة الاتصالات المتكاملة - مثلا - على لسان رئيسها السيد محمد صقر في تاريخ 7 ابريل 2007 توفيرها لخدمة الانترنت بتقنية WiMAX. نعم كل هذه التقنيات متوفرة اليوم في سوق الاتصالات في المملكة. بعض هذه التقنيات مثل الـ HSDPA توفر خدمة انترنت النطاق العريض التي يستطيع المشترك الحصول عليها بعد خمس دقائق من طلبها لها وليس بعد شهور.
كا ان مثل هذه التقنيات لا تحتاج إلى صيانة عالية ودعم فني مكثف لضمان عملها بخلاف الـ DSL الذي يرغم المشترك في بعض الأحيان التعامل مع طيف واسع من فريق إدارة الشبكات والعمليات يتمثل في تواجد أكثر من ممثل دعم فني يحتاج كل واحد منهم إلى شرح جديد للمشكلة عند كل اتصال. ومقارنة بخدمة الـ DSL التي تعاني من الاختناق المزدوج سواء على مستوى شبكة الربط أو الشبكة الداخلية التي تصل إلى منزل المشترك، فإن تقنية الـ HSDPA المقدمة من شركة موبايلي أو أي شركة عالمية أخرى، قائمة بالكامل على شبكات حديثة مدعومة بشبكة وطنية تدعمها الألياف البصرية – و ليس الأسلاك النحاسية – والتي سوف تعززها موبايلي كما أعلنت قبل أيام بتوسعة كبيرة في نهاية هذا العام تقدر تكاليفها بمليار ريال إضافة إلى المبلغ المستثمر في الشبكة الوطنية للألياف البصرية التي خصص لها أكثر من مليار ريال والتي من المقرر أيضا اكتمالها نهاية هذا العام. هذه الشبكة هي الأحدث من نوعها في المنطقة على الإطلاق إذ تعتمد على تقنية الليزر وليس على تقنية الأسلاك النحاسية التي لم تعد تستخدم عالميا إلا في الدول التي لا توجد فيها إمكانات مالية. هذا الجيل الجديد من الألياف البصرية يستطيع في نهاية المطاف أن يصل إلى الحي أو المنزل Fiber to Cabinet and Fiber to Home.
و طبقاً لـ "وايرلس انتلجنس" (Wireless Intelligence) التابعة للمنظمة العالمية الهاتف المتحرك GSM Association ، أطلق أكثر من 130 مشغل حول العالم تقنية WCDMA، وهي البنية الأساسية التي تقوم عليها شبكات الجيل الثالث. 116 مشغل من هؤلاء قاموا بإضافة تقنية الـ HSDPA لتطوير شبكاتهم إلى مستوى الجيل الثالث المتطور. وطبقاً لنفس المصدر، يخدم هؤلاء الـ 116 مشغل للجيل الثالث المتطور قرابة 114.69 مليون مستخدم HSDPA بنهاية الربع الأول لهذا العام، 55 مليون منهم في أوروبا الغربية و 52 مليون منهم في الدول الآسيوية و1.47 مليون مستخدم في العالم العربي.
إن الحاجة الملحة للانترنت في المملكة يبررها العدد المتواضع جدا من مستخدمي تقنية DSL الذين لا يتجاوز عددهم 300 ألف حسب آخر إحصائية رسمية ظهرت مؤخرا من إحدى شركات الاتصالات. يمثل هؤلاء المشتركين نسبة انتشار لا تتعدى 1% من نسبة انتشار إجمالية قدرها 16% ومقابل 12 مليون حاسوب شخصي، 75% منها موجودة لدى الشركات. في المقابل هناك فقط 40 ألف خط مباشر (leased line) تعتمد أغلبها على تقنيات الربط القديمة. اليوم تستشرف موبايلي واقع العالم الرقمي بتقديمها لتقنية HSDPA والانترنت الخلوي عن طريق الهاتف المتحرك وهي التقنية التي بدأت تنتشر في الدول الأوربية واليابان وكوريا، والمملكة يجب أن لا تكون أقل من هذه الدول في تقنية الاتصالات الحديثة، بل إن موبايلي وبجرأتها تطرح اليوم باقة انترنت مفتوحة الاستخدام بسعر هو الأقل على مستوى المنطقة وبناء على المعايير الدولية المعروفة والمعتمدة.