حسن محني الشهري
أتذكر منذ تفتحت عيناي على معرفة الأشياء حولي قبل 30عاماً تقريباً أو ربما تزيد وأنا اسمع أن خريج الثانوية العامة بالمرتبة الرابعة ب 2700ريال.. كان ذلك قبل 30عاماً عندما كان الإنسان يستطيع أن يعيش مرفهاً بال "27000".
يستطيع أن يستأجر منزلاً مشرفاً له ولأسرته.. ويستطيع أن يأكل ويشرب ويوفر.. بل بإمكانه أن يفكر في شراء أرض وبناء منزل.
السيارة كانت في آخر موديلاتها من تويوتا من 10آلاف ريال إلى 20ألف ريال.. ومصاريف الحياة كانت في متناول اليد بمعنى أن ال 27000ريال يمكن أن تصمّد إلى آخر الشهر، بل كما ذكرت يستطيع الإنسان أن يوفر ويعيش كريماً متعففاً رافع الرأس.
اليوم وبعد مرور أكثر من 30عاماً نفس المرتبة لخريج الثانوية - هذه إذا وجدت - دون النظر إلى متغيرات العصر التي وصلت بالإنسان إلى مرحلة الجنون.
ودعونا نستعرض المتطلبات الضرورية للحياة.. دعونا نستعرضها واحدة واحدة ونقسمها على الراتب أو نقسم الراتب عليها - لا فرق فالنتيجة مأساة تبدأ من اليوم الأول للراتب وتنتهي في نفس اليوم في الظهر أو العصر.. وربما امتدت فصول المأساة إلى اليوم الثاني ليبدأ فصل الملهاة في المسرحية.
نبدأ بالسكن المجني على الإنسان فيه فبدون السكن لا يستطيع العيش.. وبالسكن لا يستطيع توفير المبالغ المطلوبة له. ولقد تحدثت عن السكن وبدل السكن للطبقة المسحوقة التي تتوظف بعد الثانوية.. فإذا كان الراتب 27000وبدل السكن شهرين أي بمعدل "450" ريالاً شهرياً أو 5400مجتمعة فأين هو السكن الذي إيجاره الشهري "450" ريالاً؟ أين هو السكن الذي إيجاره السنوي "5400" أين هو؟
إن أقل إيجار معقول يمكن أن يسكن فيه إنسان في أي منطقة في المملكة هذه الأيام بعشرين ألف ريال. أي بمجموع يوازي بدل السكن أربع مرات تقريباً.
وإذا كانت الشركات والقطاع الخاص أو وظائف الدولة لا توفر السكن وتتعامل بما هو متاح أمامها بدل راتبين. فإن الشاب المغلوب على أمره مضطر لأن يزيد من راتبه الشهري 1200ريال شهرياً حتى يوفر إيجار السكن هذه ال 1200لو خصمناها من 2700لبقي 1500ريال فقط.
وقد كان بودي أن لا أقسم ال 1500ريال هذه على ضروريات الحياة للإنسان.. ولكن رأيت من الطرافة أن أقسم راتب هذا الشاب لنعرف النتيجة.
لو بدأنا بالأمور الصغيرة - الكبيرة - الكهرباء 100ريال والماء 100ريال - والجوال له ولزوجته فقط 300ريال.. وتلفون المنزل 100ريال والغاز 30ريالاً والملابس له ولزوجته - دون أطفال - وهذا افتراضاً 270ريالاً.. وإمكانية أن يذهبا إلى مطعم أو يجلبا طعاماً من مطعم وهذا على مدار شهر كامل 300ريال - وهنا استثنيت إمكانية استضافة ضيوف، وهذا نادر في مجتمعنا - و 300ريال بنزين وزيت السيارة.
المجموعة فيما يبدو لي .1500.هذا الراتب كاملاً ذهب إلى رحمة الله. طبعاً هناك 90% من ضروريات الحياة لا يمكن أن يعيش الإنسان بدونها.
أولاً: السيارة من المؤكد أنها تقسيط.. ولنتوقع أن تكون ب 1000ريال.
ثانياً: "المقاضي" لا يمكن أن تتوفر لأسرة بأقل من ألفي ريال شهرياً في ظل ارتفاع الأسعار.
وثالثاً: لن أضيف شيئاً فإذا كان الموظف يحتاج كحد أدنى لكن يعيش بالحد الأدنى 3000ريال إضافية على راتبه فأعتقد أن المأساة أكبر من أن يحتملها الإنسان، حيث يستحيل عليه مواجهة مستلزمات حياته بمرتب تم سنه قبل 30عاماً عندما كان ذلك المرتب يكفي أكثر من أسرة.. الآن لا يكفي شاباً بمفرده.. فكيف به وبزوجته وأطفاله؟
إنني أسأل الجهات المسؤولة:
هل يعقل أن يكون هذا الراتب لخريج الثانوي لشبابنا الذين يريدون أن يحضروا في المجتمع كفاعلين.. أن يكون هذا هو الراتب نفسه الذي كان يصرف لجيلين سابقين؟ وهل ستستمر هذه المعاناة الضخمة التي تعصف بسواد المجتمع الذي لا يدري ماذا يفعل؟
إنني أسأل.. وإنني أطرح البدائل، وذلك بأن يكون الحد الأدنى لرواتب خريجي الثانوية 5000ريال أساسي بالإضافة إلى بدل سكن مقطوع عشرين ألف ريال و 3500ريال لخريجي المتوسطة - لأن هناك من لا يستطيع إكمال الدراسة لظروف مختلفة - وأيضاً بدل سكن مقطوع عشرين ألف ريالاً. والذين يحملون الابتدائي 2500ريال وبدل سكن مقطوع عشرين ألف ريال. إن ما تقدم يوفر للإنسان الكرامة المطلوبة التي يستاهلها في بلد كريم معطاء كالمملكة العربية السعودية.. البلد الذي عم خيره العالم بأسره.. أفلا يعيش أبناء هذا الوطن نفس الخير وهو الذي يهمي على من حوله بالخير والأيادي الندية؟ إنني كما ذكرت أتساءل.. وأطرح الحلول التي لا تخفى على المسؤولين.. وبدون هذه الحلول سوف تنعقد الأمور لدى شريحة كبرى من المجتمع يفوقون نصف عدد سكان المملكة.. وإذا ما تعقدت الأمور المادية توترت النفسيات وتولدت الإشكالات.. وبدلاً من أن يرتاح الإنسان لكي يعطي وينتج ويبدع فإنه سيتجه اتجاهات أخرى عكسية لتوفير المتطلبات الأساسية للحياة.
http://www.alriyadh.com/2008/07/14/article358950.html
الله ينصر دينك ياشيخ قسماً بالله كلامك عين العقل إحنا مشكلتنا في هذا المجتمع أن صانعي القرار لدينا لم يفكروا بتغير الزمن ومتطلبات الحياة بل كان تفكيرهم بكيفية تطبيق الأنظمة البالية التي أكل الزمن وشرب عليها تخيل أن الموظف الحكومي لايوجد لديه إلا بدل واحد وهو بدل نقل بينما في الشركات الكبيرة يوجد بدل سكن وتأمين صحي وحوافز وإلخ. الله يكون في عون الموظف الحكومي مايدري من وين يلقاها. لايغير الله مابقوم حتى يغيروا مابأنفسهم