صندوق الذهب
.
.
المغلق بخيوط البيروقراطية
مازن السديري
لا يزال صندوق الفائض النفطي الذي يُبتغى منه زيادة الدخل السعودي عبر الاستثمارات الخارجية يلاقي صعوبة الموافقة، وأسير فترة النقد العربي السعودي قد ترغب في صرف النظر عن فكرة هذا الصندوق برمتها حسب تصريح د.محمد سليمان الجاسر نائب رئيس مؤسسة النقد العربي السعودي في قمة دافوس مؤخراً.
هنا تأتي مشكلتنا؛ وتصادمنا بالبيروقراطية التي دائماً ما تحول دون تنفيذ المشاريع، وتحقيق الأهداف، لذا أحب أن أذكر وأقول إن نجاح أي مؤسسة أو أي فكرة اقتصادية يدور حول قدرة هذا المشروع على تجاوز الصعوبات وحلها؛ وسآخذ مثالين على ذلك أحدهما داخلي والآخر خارجي لتبيان قيمة المسؤول القادر على حل المشاكل والصعاب.
داخلياً: مؤشر أسعار السلع الاستهلاكية الذي سمح به سمو الأمير سلمان بكل حصافة وحكمة ويوضح أسعار السلع وكشف أي محاولة تلاعب، وهي فكرة منطقية وجدت رجلاً قادراً على التنفيذ والمبادرة والرغبة في حل الصعاب، وهو أيضاً المسؤول الذي تستطيع لقاءه والنقاش معه إذا اعترضتك المشاكل والهموم الإدارية في حل المعاملات. أجزم أن فكرة هذا المؤشر كانت سوف تموت بين الدراسة والقراءة والتصريحات الإنشائية لولا أنها وجدت هذا الرجل الحاسم والإداري الحصيف.
خارجياً: الرئيسي الفرنسي نيكولا ساركوزي وهو من واجه عمال السكة الحديد وجهاً لوجه وبكل ثقة ليتناقش معهم ويحاججهم حول موضوع التقاعد والرواتب الذي استطاع وحده دون ضغوط المؤسسات الإدارية الفرنسية إيقاف الإضراب وخلق وجهات نظر مختلفة لصالحه داخل النقابة المعارضة له والوصول إلى حل منطقي. وهو أول رئيس فرنسي يذهب بنفسه مع قادة الشركات لحل المشاكل والعقود العالقة التي تخص تلك الشركات خارجياً؛ متجاوزاً الكثير من جدران البيروقراطية والزمن الضائع. وشيء آخر يذكر لساركوزي طرح جدول مشاريع داخلية ستفرز أكثر من (10.000) شركة خلال الأربع سنوات القادمة، وتخلق الآلاف من فرص العمل. هذا كله عندما يكون المسؤول حصيفاً وواثقاً ونشيطاً، مسكين صندوقنا للفائض النفطي الذي علق بين خيوط البيروقراطية وهو الذي كان يرغب فقط بأن يحقق دخلاً سعودياً اضافياً أسوة بصندوق الكويت الذي أنقذها فترة الغزو كما أشرت في مقالي السابق؛ وصندوق الإمارات الذي يُقدر حجمه ب(780) مليار دولار، أما صندوقنا السعودي الذي قد يُولد ميتاً، فهو لا يساوي إلا (20) مليار دولار، أي حوالي (2.5%) من صندوق الإمارات رغم توفر السيولة لدينا وانخفاض أسهم الشركات العالمية التي هي من الذهب، ليكون عندنا ذهباً آخر غير الذهب الأسود.. ولكنها البيروقراطية.