.
.
صيغة إدارية تطبق على الموظف إذا قرر الاستقالة أو الانتقال، وبموجبها تتم استعادة ما تحت يده من أمور ومتعلقات الوظيفة، وهو إجراء عادي يفترض أن يمر بسلاسة، إلا أن بعض المديرين والرؤساء، سواء في القطاع الحكومي أو الخاص، يجعلون منه سيفاً مسلطاً على الموظف، فيصبح ذلك النموذج لديهم في غاية الأهمية والحساسية، يماطلون في توقيعه. أمثال هؤلاء المديرين لا يخرجون عن صنفين. الأول مدير لا يعلم شيئاً عما تحت يد الموظف لديه، فيخاف ويحذر من جرد مستقبلي تظهر معه «عهد» كانت لدى ذلك الموظف المستقيل. والصنف الثاني وهو المتوافر أكثر، يماطلون بهدف إذلال الموظف، إما لعدم استلطاف سابق لأنه من غير السائرين في الركب أو المستقلين عن صاحب السعادة، أو لمجرد نرجسية مريضة، يعتقد المدير من هذا الصنف أنها تعطي موقعه وشخصه أهمية اكبر. أحد الإخوة استقال من وظيفة حكومية بعد سبعة عشر عاماً، ورفض مدير شؤون الموظفين - بحسب ما ذكر - منحه إخلاء الطرف العزيز، إلا لجهة حكومية أخرى! متعذراً بأن النظام لا يسمح. وهذه أول مرة اسمع فيها أن النظام لا يسمح.
إخلاء الطرف يعني انتهاء علاقة الموظف بالوظيفة والدائرة أو الجهاز، مثل أي طرفين تنتهي علاقتهما ببعضهما البعض، ليعرف كل طرف ما له وما عليه، والمشكلة أن الأنظمة في الأدراج، لا تجد جهة تطبع أنظمة الموظفين في كتيب وتضعه في المتناول للجميع، ويبقى التفسير في صومعة شؤون الموظفين.
ومثل خطاب إخلاء الطرف، ورقة أخرى هي خطاب الخبرة، أي ما يثبت أن فلاناً عمل لكذا سنة في الموقع الفلاني.
ذكرني وضع الأخ الكريم بحادثة من هذا النوع عشت طرفاً منها. استقال الموظف وطلب إخلاء طرفه ليحصل على ما تبقى من حقوقه. أمر رئيسه في العمل بمنع دخوله إلى المبنى! وأصدر تعميماً شفهياً بمنعه من الدخول، صار حراس المبنى في حالة حرج، لديهم تعليمات شفهية وأمامهم زميل سنوات سابق لا يجوز السماح له بالدخول، والهدف ألا يتمكن من المراجعة والحصول على مراده، لا حباً ورغبة في بقاء الموظف بقدر ما هي حالة نفسية مرضية يعيشها المدير. كأنه يقول كيف يتجرأ ويستقيل من عندي، والشفهي يستخدم كثيراً في مثل هذه المراوغات الوظيفية، ويستطيع المدير أن يطلب من موظفيه شفهياً إجراءات كثيرة، تكتب بخط يد الموظف، ويتحمل في النهاية الأخير مسؤوليتها، بعضها غير نظامي، فإن رفض يضعه المدير في رأسه «المصدي» ليصبح منبوذاً ومشجباً لكل الأخطاء، ويتم نفخ ملفه بالإنذارات والملاحظات، أما إذا وافق أكرمه مرة وأهانه مراراً، ليصبح المنشفة الرئيسية في الدائرة، فيمارس على من حوله ما فعل به المدير وربما اشد.
عبدالعزيز السويد