نـبــذه عـن مـحـافـظــة حـفـر الـبـاطــن
لقد كانت حفر الباطن في القرن الهجري الأول مجرد طريق في براري بني العنبر من تميم تضطر لاجتيازه الحجاج بين العراق والجزيرة العربية وتعددت الشكاوي من ندرة الماء في هذه المفازة وبلغ الأمر والي الأمر الصحابي الجليل أبا موسى الأشعري رضي الله عنه الذي تولى الإمارة في عهد أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه فتجرد لمعاجلة المشكلة.
قال ياقوت الحموي في معجم البلدان ولما أراد أبو موسى الأشعرىفي حفر ركايا الحفر قال: دلوني على موضع بئر يقطع بها هذه الفلاة قالوا : هو بجة تنبت الأرطى بين فلج وفليج فحفر الحفر وهو حفر أبو موسى بينه وبين البصرة خمس ليال , وجاء في وصف الآبار (...وهي ركايا مستوية , بعيدة الأرشية ,يسقى منها بالسانية , وماؤها عذب ).
فجاء هذا الماء العذب في منتصف المسافة بين البصرة خمس ليال فجاء هذا الماء العذب في منتصف المسافة على طريق الحج كما احب ابو موسى, والتي بلغت أكثر من سبعين بئرا.
وهكذا كانت المنطقة التي اختيرت موقعها للحفر غنية - وقتها- بالأرطى ,وقد يستنكر البعض نبت الأرطى في شعاب الأودية على اعتبار أنها لا توجد اليوم إلا في رمال النقود ولكن ربما كانت أشجار الارطى في الرمال قريبة على جانبي شعب الوادي أو ربما طرأت على البيئة تغيرات في المناخ أدت لانحسارها.
وهكذا نجح أبو موسى الأشعري رضي الله عنه في اختيار المكان المناسب هناك بين فلج وفليج أي وادي الباطن الحالي وبين وادي فليج الصغير حيث كانت تكثر أشجار الأرطى والعوسج وفي أعمق نقطة من شعب الوادي تم حفر الآبار المطلوبة وكان عدد الآبار في البداية خمسة آبار وكان ذلك عام 17هـ أو بعده بقليل حتى وصلت الآبار إلى سبعين بئراً وزيادة وهو عدد هائل في مساحة محدودة من هذه النقطة مما جعل آبار الحفر من أشهر مياه العرب . وقد ورد في المعجم الجغرافي وصف نادر ودقيق لآبار الحفر نحو سنة 1320هـ أي قبل حوالي مائة سنة نقلاً عن كتاب دليل الخليج الصادر عن ديوان حاكم قطر حيث تقلص عدد آبار الحفر من سبعين إلى أربعين وهي كما يلي :-
عدد آبار الحفر أربعين منها إحدى عشره ماؤها صالح , وهي تقع في سهل واسع يبلغ قطر دائرته ثلاثة أميال والمسافة بين تلك الآبار تتراوح بين ربع ميل إلى 100 ياردة وعمق الماء به نحو 30 قدماً وهي مياه فاترة ويتصاعد البخار من أفواه الآبار عند الصباح ويستخرج ماؤها بالسواني لبعد قعرها.
أسماؤها :
آبار أبي موسى : بهذا دعيت المنطقة بعد أن نجح أبو موسى الأشعري رضي الله عنه في استنباط الماء من عدد كبير من الآبار التي حفرت في هذا القفر الشاسع من حولها ليجد المسافرون عندها الري والراحة والأمان وهي تسمية متوقعة عرفان بهذا الصحابي الجليل.
حفر أبي موسى : استبدل بكلمة ( آبار ) كلمت ( حفر ) لأن كلمة الحفر بسكون الفاء مرادفة في اللغة لكلمة البئر فضلاً عن وقوع البلدة في نقطة عميقة من الوادي كأنها حفره كما يظهر ذلك في وضوح أمام القادم من خارجها.
حفر بني العنبر : كما نسبت المنطقة أيضاً إلى بني العنبر باعتبار أنهم كانوا يسكنون وادي فلج قبل حفر آبار الحفر في عهد أبي موسى الأشعري , وقد كان فلج بلاد لفروع من ربيعه بن بكر بن وائل وغيرهم فأزالتهم بنو تميم عند ظهور الإسلام وحلت فروع منهم كبني العنبر وغيرهم هذا الوادي وأصبح من منازل عدي بن جندب بن العنبر بن عمرو بن تميم. ويحدد المؤرخ حمد الجاسر نقلاً عن كتاب العرب منازل بني عدي بن جندب بأنها ... بطن فلج من طريق مكة وملكهم من الطريق ما بين ذات العشر إلى الرقيعي ...).
ومعنى هذا أنهم كانوا يعيشون في وادي الباطن وبالتحديد في المنطقة التي تمتد من أم عشر إلى الرقعي من طريق الحج المعروف ولهذا ولى أبو موسى المنطقة بعد حفر الآبار واحد من بني العنبر وهو الصحابي سمره بن عمرو بن قرط العنبري.
حفرالباطن : وهذا هو ما انتهت إليه التسمية وتحول الناس إليها وهجروا تقريباً التسميات السابقة حيث أعادوا إضافة الكلمة إلى اسم الوادي الكبير الذي يحتضن بلدتهم.