أوصيكم ونفسي بمخافة الله ، على ألاّ يكون بيننا ظالم ومظلوم
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء سيدنا محمد :
أيها الأخوة الكرام :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :-
بعون الله وتوفيقه نفتتح أعمال السنة الرابعة من الدورة الرابعة لمجلس الشورى سائلين العلي القدير أن يبارك جهودنا ويجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم .
أيها الإخوة الكرام :
لقد كنت أمام خيارين . الأول أن أستعرض معكم ما تم إنجازه في الفترة الماضية من سياسات وأنظمة وبرامج ومشاريع تصب في مصلحة الوطن والمواطن والثاني أن يكون حديثي معكم من القلب للقلب بعيدا عن الأرقام والإنجازات التي عرفها كل مواطن ومواطنة . وهو ما تضمنته الكلمة الموسعة والموزعة عليكم .
أيها الإخوة الكرام :
ما أكرم الزمان والمكان الذي ألتقي وإياكم فيه فالزمان يوم من أيام العمل والعطاء وتقدير الأفكار النابضة بالخير والانتماء والوطنية والمكان بيت من بيوت الوطن التي تحترم الحرية وتدرك المسؤولية .
الحرية تكون في التفكير والنقد الهادف المتزن والمسؤولية أمانة لا مزايدة فيها ولا مكابرة عليها فبها - بعد الله - نصون حريتنا ونحدد معالمها ونقول للعالم هذه قيمنا وتلك مكارم أخلاقنا التي نستمدها من ديننا.
أقول ذلك مؤكدا لكم أن الحرية المسؤولة هي حق لكل النفوس الطاهرة المحبة لمكتسبات هذا الوطن الروحية والمادية . ليبقى شامخا عزيزا متفوقا في زمن لا مكان فيه للضعفاء والمترددين . فوطن قام على إرادة الله ثم بعزيمة الرجال الكبار الذين تزاحموا بالمناكب خلف قائد وحدتهم الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراهم جميعا - في مسيرة أراد لها الحاقدون الكارهون الفشل ، وأراد الله لها العزة والنصر هو ميدان تنافس الشرفاء من أجل رفعة الوطن وعزته .
هذا الوطن علينا أن نحيطه بأكرم تعابير الحب والوفاء فهو تجربتنا التاريخية التي نفتخر بها وندافع عنها وهو الرؤية التي تسير في طريقها بتصميم وعزم بين دروب وعرة لا يمكن لها أن تعيق النفوس الكبيرة المتوكلة على الله .
أيها الإخوة الكرام :
يشهد الله تعالى أنني ما ترددت يوما في توجيه النقد الصادق لنفسي إلى حد القسوة المرهقة كل ذلك خشية من أمانة أحملها هي قدري وهي مسؤوليتي أمام الله - جل جلاله - ولكن رحمته تعالى واسعة فمنها استمد العزم على رؤية نفسي وأعماقها .
تلك النفس القادرة على توجيه النقد العنيف الهادف قادرة - بإذن الله - أن تجعل من ذلك قوة تسقط باطلا وتعلي حقا .
ولنتذكر جميعا أننا مسؤولون أمام الله ثم أمام شعبنا ووطننا . نستحضر في كل أمر قوله تعالى : ( ولقد خلقنا الإنسان ونعلم ما توسوس به نفسه ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ) .
هذا وبالله العزة ، وإليه المنتهى ، عليه توكلنا وبه نستعين .
وفيما يلي نص كلمة خادم الحرمين الشريفين / أيده الله / التي وجهها مكتوبة لأعضاء مجلس الشورى ..
بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
أيها الإخوة أعضاء مجلس الشورى
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
على بركة الله وبعونه وتوفيقه نفتتح أعمال السنة الرابعة من الدورة الرابعة لمجلس الشورى سائلين المولى عز وجل أن يبارك جهودنا ويجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم متضرعين له أن يتم علينا نبل المقصد ، وتوفيق التجربة ، وصواب التفكير ، وصفاء الإخلاص ، في عالم قاس قلق متلقب لا يصون تجربتنا وإنجازاتنا فيه إلا رحمة الله تعالى بنا ثم الوعي الكامل بمسار التجارب الإنسانية التي لم تسرع الخطى قبل أن تعرف الطريق التي تشمي عليها .
أيها الإخوة الكرام :
يمثل الاستقرار السياسي مطلباً أساسيا للمحافظة على كيان الدولة ، وتحقيق التنمية وحماية منجزاتها ، ومن هنا فقد تم إكمال منظومة تداول الحكم بإصدار نظام هيئة البيعة ولائحته التنفيذية وتكوين هيئة البيعة ، كما جرى تحديث نظام القضاء ونظام ديوان المظالم وتخصيص سبعة مليارات ريال لتطوير السلك القضائي والرقي به .
وفي المجال الاقتصادي عملنا على تحسين مشاريع البنية الأساسية القائمة وتطويرها ، كما تم اعتماد مشاريع جديدة في القطاعات المختلفة وبشكل يحقق التنمية المتوازنة بين مناطق المملكة ، إذ تم تخصيص (165) مليار ريال في ميزانية العام الحالي للإنفاق على المشاريع الجديدة والقائمة ، وستسهم هذه المشاريع - بعون الله وتوفيقه - في رفع معدلات النمو الاقتصادي وزيادة فرص العمل .
كما نال قطاع التعليم والتدريب نصيبه من الاهتمام ، ونأمل أن يسهم مشروع ( تطوير ) في مجال التعليم العام بتطوير قدرات الطالب السعودي وجعله قادراً على استيعاب المستجدات العلمية ، فالتعليم العام هو الأساس لأي نهضة علمية وتنمية حقيقية ، أما التعليم العالي فقد شهد نقلة كبرى حيث زاد عدد الجامعات ليغطي كافة مناطق المملكة .
أما في مجالي الطاقة والبيئة فقد حظيت باهتمام قيادتكم ، تجسد ذلك في انعقاد مؤتمر القمة الثالث لدول أوبك في شهر نوفمبر في الرياض ، وما نتج عنه من إعلان المملكة العربية السعودية تخصيص مبلغ ( 300 ) مليون دولار لتمويل البحوث المتعلقة بالطاقة والبيئة والتغير المناخي .
إن حكومتكم - حين ترسم سياساتها وتضع برامجها - تأخذ بعين الاعتبار المصلحة العامة ، وتلمس احتياجات المواطنين والتصدي لأي مشكلة أو ظاهرة تبرز في المجتمع السعودي ، ومن هذا المنطلق تم إنشاء عدد من الهيئات والإدارات الحكومية والجمعيات الأهلية التي تعني بشؤون المواطنين ومصالحهم ، ومنها ( الهيئة الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد ) ، و(الهيئة العامة للإسكان) و ( جمعية حماية المستهلك ) كما تم إنشاء وحدة رئيسية في وزارة التجارة والصناعة بمستوى وكالة تعنى بشؤون المستهلك ، وستعمل الحكومة - بعون الله تعالى - على تحقيق النمو ورفع مستوى معيشة المواطن ، وتحسين نوعية حياته .
أيها الإخوة الكرام :
لقد سعت الفئة الضالة إلى تطوير قدراتها التدميرية بغية إلحاق أكبر الضرر بالوطن ومنجزاته ، كما وسعت من قاعدة دعمها ، بيد أني أؤكد لكم استمرارنا وعزمنا على التصدي لهذه الفئة ، وقد حقق إخوانكم رجال الأمن البواسل إنجازات متتالية في تفكيك خلايا الفئة الضالة ، وتجفيف منابع تمويلها ، وكشف حقيقة فكرها ، فلهم الشكر والتقدير وتغمد الله الشهداء منهم بواسع رحمته وأسكنهم فسيح جناته.
أيها الإخوة :
لقد شهدت القضية الفلسطينية في الأشهر الأخيرة تطورات نأمل أن تعزز من خيار السلام ، وفي هذا المجال نؤكد على موقف المملكة العربية السعودية حكومة وشعباً الداعم للشعب الفلسطيني حتى ينال حقوقه المشروعة ، كما نجدد التزام المملكة بمبادرة السلام العربية.
أيها الإخوة الكرام :
من هنا أخاطب كل مواطن وأقول : عندما أوصيكم ونفسي بمخافة الله ، والحرص على ألاّ يكون بيننا ظالم ومظلوم ، وحارم ومحروم ، وقوي ومستضعف ، فنحن جميعاً أخوة متحابون في وطن واحد يتمسك بعرى عقيدته، ويفتديها بحياته ، ويتمسك بوحدة الوطن ، لا يسمع نداءات الجاهلية ، سواء لبست ثياب التطرف المذهبي أو الإقليمي أو القبلي. إن دولتكم الموحدة القوية سوف تبقى ، بإذن الله ، أقوى من كل التحديات ويجب أن يعرف الجميع ، في الداخل والخارج ، أن فترة الفوضى والشتات التي قضى عليها الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود - رحمه الله - قد ذهبت بلا عودة ولن تكون بعون الله إلا ذكرى ترسخ فينا مفاهيم الفضيلة والانتماء لهذا الوطن ، انتماء يقدر الصعوبات ويحيلها إلى تصميم وإرادة وتغيير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.