..
..
اقتراحات من كل صوب تصلنا كل يوم حول شأننا الاقتصادي وكل يدعي أن ما يراه هو الأصوب. هناك من ينادي بفك الارتباط بالدولار وهناك من ينادي برفع قيمة الريال أمامه. هناك من يطالب بدعم السلع الرئيسية وهناك من يطالب بتخفيض رسوم الخدمات العامة. هناك من يناشد وزارة التجارة والصناعة بتكثيف الرقابة على التجار لمنعهم من الحصول على أرباح خيالية وهناك من يطالب الجمارك بعدم السماح بتصدير المنتجات السعودية حتى ترخص أثمانها هنا. هناك من يطالب بزيادة رواتب موظفي الدولة لمساعدتهم على مواجهة الفواتير المرتفعة وهناك من يجادل بأن رفعها سيطلق موجة جديدة من ارتفاع الأسعار وسيعزز التضخم.
الاقتراحات أعلاه ليست كل ما ذكر لكنها أبرز ما قرأت. ومن يذكر اقتراحا عادة ما يقوم بنقض الأسس التي تقوم عليها الاقتراحات الأخرى. فمثلا من يطالب برفع قيمة الريال أمام الدولار يجادل بأن رفع قيمة الريال أمامه حل يمكن التراجع عنه بتخفيض قيمة الريال في حال تغيرت الظروف الاقتصادية للبلاد بعكس فك الارتباط الذي سيؤثر سلبا على ودائعنا الضخمة المقومة بالدولار خاصة وان الدولار،كما يرى، قد دخل في مرحلة ارتداد وفي طريقه لاستعادة ما خسره أمام العملات الأخرى.
لا املك المعرفة حول أيّ من هذه الاقتراحات أجدى، لكن ما أعرفه أن السعوديين يتساءلون: لماذا لا تأخذ الأجهزة ذات العلاقة بهذه الحلول. إذ أن هذه الحلول تبدو جذابة ومفيدة في علاج كثير من المصاعب التي تواجههم لتلبية احتياجات عوائلهم التي أصبحت مهمة تزداد صعوبة كل يوم، أو هكذا على الأقل ما يحاول مقدمو الاقتراحات تسويقه لجمهور مستمعيهم وقرائهم.
المشكلة أن الكثيرين لا يدركون أنه لا يوجد على الطاولة حل قاطع وشامل لقضايا معقدة مثل هذه. كل حل أو منهج حل له محاذيره وانعكاساته على باقي القطاعات الأخرى التي تجعل أحيانا من المتعذر جني الفائدة من ورائه أو إن تكلفة تطبيقه عالية لدرجة انعدام الفائدة منه.
شخصيا، أثق بان المعنيين بالشأن الاقتصادي من البيروقراطيين الحكوميين لا يعانون من قلة الكفاءة ولا من ضعف التصور الشامل للقضية. ما ينقصهم بامتياز هو الشفافية. يجب أن يخرج المعنيون لإطلاعنا على رؤاهم ويبينوا لنا وجاهة النهج الذي يسلكونه لإدارة اقتصادنا. صمتهم يضعهم دائما في موقع الدفاع عن سياساتهم رغم أنهم في الحقيقة اثبتوا كفاءة عالية تاريخيا في إدارة اقتصادنا.
طارق العبودي