مساعد مدير التربية والتعليم بالرياض للشؤون المدرسية د. السديري :


تحويل المعلمين غير الصالحين إلى وظائف إدارية سيخدم البيئة التربوية والتعليمية

حوار: منصور الحسين

ترتكز العملية التعليمية والتربوية على محاور رئيسية هي المعلم والطالب والمنهج، و أهم هذا المحاور هو المعلم فهو الذي يقدم المنهج والفكر للطالب حسب توجهاته وأفكاره ومبادئه، و يقدم للطالب ما يراه عقله و هواه، فالمعلم هو الجزء الأهم في صناعة المنهج ومن خلال فكره ومعتقداته يتم تشكيل الطالب و توجيهه، لهذا أصبح من الضروري أن يتم الاهتمام والعناية باختيار المعلم صاحب الفكر والمنهج الصحيح البعيد عن الإفراط والتفريط.
و بسبب الخشية من وجود بعض هذه الفئات الشاذة والتي تحمل فكر منحرفاً و ضالاً في أي الاتجاهات سواء كان تكفيرياً أو إلحادياً أو منحرفاً أخلاقياً أو سلوكياً أو متهاوناً وغيرها من الأسباب فقد صدر مؤخراً قرار إبعاد المعلمين غير الصالحين للتعليم واستبشر الكثير من أفراد المجتمع بهذا القرار و في مقدمتهم القائمون على العملية التعليمية والتربوية في المملكة.

و للتعرف على هذا القرار وأبعاده نلتقي مع مساعد المدير العام للتربية والتعليم للشئون المدرسية بمنطقة الرياض للبنين الدكتور محمد بن عبدالعزيز السديري و فيما يلي نص الحوار:




في البداية هل يمكن إن تطلعنا على نص الأمر السامي الكريم أو قرار مجلس الخدمة المدنية؟ و هل تم وضع قواعد لذلك من قبل أي جهة حتى الآن؟

- أصدر مجلس الخدمة المدنية مؤخرا قراره و تم اعتماده بالأمر السامي بالالتزام بقواعد إبعاد من لا يصلح من المعلمين عن سلك التعليم لأسباب موجبه. وقد أحيل القرار إلى وزارة التربية والتعليم لوضع الضوابط التي تكفل حسن تطبيق هذا القرار وذلك بالاتفاق مع وزارة الخدمة المدنية.

@ ما تقييمكم لمثل هذا القرار؟ و هل الميدان التربوي والتعليمي يضم فئات غير صالحة للتعليم؟

- يرى المهتمون بالشأن التربوي والتعليمي أن صدور هذا القرار نقلة نوعية سوف تخدم البيئة التربوية والتعليمية إن تمت الاستفادة منه بشكل مناسب، وذلك لأن الميدان التربوي منذ سنوات كثيرة يعاني وبمرارة من عينات من العاملين في الميدان التربوي أصبحوا عبئاً ثقيلاً على المدارس وذلك بسبب ضعف قدراتهم أو إمكاناتهم أو بسبب استهتارهم أو مرضهم أو وجود إشكالات لديهم في بعض الجوانب التي قد تعرض لمن يعمل في هذا الميدان. وقد يكون للمعلم ومن في حكمه يد في وجود هذه العوامل والأسباب، وقد لا يكون له يد في ذلك.

@ هل معنى ذلك أن الوزارة كانت في السابق عاجزة عن إبعاد غير الصالح للتعليم؟ و كيف كانت تتعامل الوزارة وإدارات التعليم مع مثل هذه الحالات في السابق قبل صدور القرار؟

- تتمثل المشكلة الأساسية سابقاً أن هذا النوع من العاملين كانت تتم معاملتهم باعتبارهم موظفين فقط دون النظر لطبيعة عملهم التربوي والتعليمي ومدى تأثر الميدان التربوي بوضعهم. ويتضح هذا من عدم قدرة أنظمة الموظفين القائمة - والتي تتعامل مع الموظفين بشكل عام - على تجاوز مشكلة تأثير مشكلات هؤلاء المعلمين على الطالب والبيئة المدرسية. وهذا ناتج عن ما ذكر سابقاً من عدم التفريق بين طبيعة الوظيفة الإدارية والوظيفة التعليمية من حيث الأثر الناتج.كما أن الخطوات الإجرائية لأنظمة الموظفين قد تساعد على بقاء هؤلاء بسبب اختلاف الكادر الوظيفي الذي يعملون عليه واختلاف طبيعة الوظيفة التي يقومون بها، إذ لا يجيز النظام بقاء من هو على الكادر التعليمي بوظيفة إدارية. فضلاً عن الإجراءات الطويلة والعوائق الفنية المتمثلة في توفير المراتب المناسبة عند الرغبة في تحويل هؤلاء للكادر الوظيفي.

وبالرغم من أن وزارة التربية والتعليم كانت تتعامل مع مثل هؤلاء وفق الإبعاد للمصلحة العامة خصوصاً بالنسبة للقضايا الأكثر إلحاحاً مثل الحالات الفكرية أو اللاأخلاقية وذلك من خلال لجان قضايا المعلمين إلا أن التعامل مع المعلمين ومن في حكمهم من شاغلي الوظائف التعليمية وفق قواعد إبعاد شاغلي الوظائف التعليمية الجديدة يعتبر انجاز مهم يخدم البيئة المدرسية حيث أنه يجمع كل هذه القضايا في إطار واحد ويتعامل بمرونة مع هذه الفئة من العاملين في الميدان التربوي، كما انه يسرع بإبعاد هذه الفئات في نفس الوقت الذي لا يصل بهم إلى الفصل من الوظيفة إلا في آخر المطاف.إلا أن هذا القرار مرحلي يحتاج إلى تفصيل دقيق.

أثر إيجابي

@ نريد أن نقف عند موضوع مرحلية القرار هل يعني ذلك عدم وجود ضوابط وإذا كانت الوزارة بصدد ذلك فهل تم الانتهاء منها؟ وإذا كان لم يصدر شيء حتى الآن فما القواعد أو الضوابط التي تقترحونها؟

- إن صدور هذا القرار وإعلانه يعتبر رادعاً بحد ذاته. إضافة إلى الأثر الإيجابي المتوقع بعد تطبيقه. لكن الشيء المهم هنا هو أن القرار الجديد ألقى بالكرة في ملعب وزارة التربية والتعليم إذ كٌلفت الوزارة وفق القرار بوضع الضوابط والإجراءات التنفيذية التي تكفل حسن تطبيق القواعد وذلك بالتنسيق مع وزارة الخدمة المدنية ولم يصل لإدارات التربية والتعليم أي شيء بعد لأن القرار تحت الدراسة لدى جهاز الوزارة حيث إنه من المتوقع تشكيل لجان عمل له تشترك فيها إدارات التربية والتعليم

ومن المقترحات التي نعتقد بأهميتها في هذا المجال:

@ تجب العناية بآلية تحويل المعلم إلى عمل إداري بحيث تتسم الآلية التي سوف يتم وضعها بالمرونة التي تتيح للإدارة الوسطى وهي إدارة التربية والتعليم أن تحول المعلم الذي تنطبق عليه الضوابط بالسرعة المطلوبة.

@ كما أن التدقيق في الإجراءات أمر لا تقل أهميته عما سبق، وذلك لكي لا تكون الآلية مجالاً للتعسف ضد أي معلم، ويستلزم ذلك التدقيق في كافة الخطوات المتخذة ويجب في كل الأحوال أن يكون رأي الإشراف التربوي ومراكزه محوراً أساساً في العملية برمتها بحكم علاقتها بالميدان وقربها من المشكلة.

@ إن من الضروري أن يرأس مدير التربية والتعليم لجنة قضايا المعلمين وذلك لاتخاذ الإجراءات المتعلقة بإبعاد أي من العاملين في سلك التعليم على أن يشترك في عضويتها مساعدو مدير التعليم ومدير الشؤون الإدارية ومدير الإشراف التربوي ومدير مركز الإشراف المعني إن وجد ورئيس قسم التربية الإسلامية بالإضافة إلى أمين لجنة قضايا المعلمين. على أن يكون هناك لجنة مماثلة في الوزارة برئاسة الوكيل للشؤون المدرسية للنظر في استكمال الإجراءات والنظر في تظلم المعلم إن وجد.

@ أخذ رأي الميدان في حال اقتراح الضوابط والإجراءات من خلال ورش عمل للخروج بتصور يفعل القرار ويحقق أهدافه مع المراجعة الدورية والتعديل وفق ما يستجد بعد تطبيقه ميدانياً.


حالات القصور

@ هل القرار حدد الحالات غير الصالحة للتعليم التي يستوجب إبعادها أم لا؟ و ما هي هذه الحالات من وجهة نظرك؟

- القرار الجديد لم يفصل في الحالات الموجبة للإبعاد وإنما أشار إليها إجمالاً أو ضمناً وترك التفصيل لتضعه وزارة التربية والتعليم لاحقاً، ومن المهم من وجهة نظري أن تقسم جوانب القصور إلى عدة حالات:

أ - حالات الخلل الفكري.

ب - حالات القضايا الأخلاقية.

ج - حالات قضايا المخدرات.

د - حالات المرض العضوي المزمن الذي يصعب على المعلم الاستمرار معه بأداء رسالته التربوية والتعليمية.

ه - حالات المرض النفسي الذي يصعب على المعلم الاستمرار معه بأداء رسالته التربوية والتعليمية.

و - حالات اللامبالاة بالأنظمة اللوائح والتي صدر على صاحبها بسبب ذلك عقوبتين، مثل ضرب الطلاب وخاصة المتكرر منه.. إلخ.

ز- عدم الالتزام بالدوام بشكل متكرر والتي صدر على صاحبها بسبب ذلك عقوبتين.

ح - ضعف الأداء الوظيفي المتكرر لمدة سنتين سواء كان بسبب ضعف قدراته العلمية أو بسبب كسله وإهماله.

@ هل يوجد لديكم أرقام و إحصائيات بعدد المعلمين غير الصالحين للتعليم حالياً في المدارس؟

- لا يوجد أرقام محددة في هذا المجال وإن كانت اللجان التربوية تعالج وضع أي معلم لديه أي نوع من الإشكالات وإذا القينا نظرة على تقرير هذه اللجان في منطقة الرياض للعام الدراسي 1426/1425ه على سبيل المثال نجد أنه تم تحويل 411حالة الى اللجان التربوية تشمل كافة أنواع الحالات الإدارية والمرضية والفنية وقد تمكنت هذه اللجان من معالجة 61% من هذه الحالات أي 251حالة واستمر تحت المعالجة 14% أي 56حالة ورفع لإدارة التعليم 25% فقط وذلك لاتخاذ الإجراءات الإدارية من التحقيق أو إيقاع العقوبات المناسبة لنوع الحالات. لكن لا يمكن القول أن هذه الحالات المتبقية تعبر عن معلمين لا يصلحون للتعليم.

@ كم عدد الذين تم إبعادهم عن التعليم خلال السنوات الماضية و تم فصلهم أو تحويلهم إلى وظائف إدارية؟

- أي معلم توجد عليه إشكالات فكرية أو أخلاقية أو نفسية يبعد عن الطلاب حالاً ريثما يتم معالجة وضعه وفق الأنظمة المتبعة ومنها متابعة أوضاعهم في اللجان التربوية. وفي إدارة التربية والتعليم بالرياض تم تحويل قرابة 70معلماً إلى وظائف إدارية منذ عام 1423ه فقط ولأسباب متنوعة.

@ ما الأصناف التي تعاني منها إدارة التعليم سنوياً في غير الصالحين للتعليم؟

- هم الفئات الثماني الذين تمت الإشارة إليهم فيما سبق.

خطط علاجية

@ هل سيكون مصيرهم الفصل مباشرة أم سيمرون بمراحل علاجية قبل؟

- وزارة التربية والتعليم في الأساس حتى قبل صدور هذا القرار لديها خطط علاجية تطبقها على مثل هؤلاء وتوج ذلك بإيجاد ما يعرف باللجان التربوية في إدارات التربية والتعليم ومراكز الإشراف التربوي. والجديد هنا هو أن القرار سيعطي دفعة كبيرة لذلك من خلال بعدين اثنين الأول هو المتعلق بالجانب الرادع للقرار والبعد الثاني هو إتاحته السرعة والمرونة في اتخاذ القرار وعلى أسس واضحة.

@ هل سيتم فصلهم أم سيتم نقلهم إلى عمل إداري فقط؟

- القرار الجديد أتاح نقلهم إلى وظائف إدارية بحيث أنه وان لم يناسب للوظيفة التعليمية فقد يناسب للوظيفة الإدارية.

@ ألا ترون أن الفصل قد يتسبب في نواحٍ سلبية أخرى؟

- هذا الكلام صحيح ولذلك عالج النظام هذه القضية من خلال الخيارات التي وردت في البند ثانياً بحيث أتاح في حال تعذر نقل الموظف إلى أي جهة فانه يحال على التقاعد بناءً على طلبه إذا كان ذلك منطبقاً مع مادة 18من نظام التقاعد أو ينقل لوظيفة بمرتبة أقل وفي حالة التعذر يتاح له فرصة البقاء على وظيفته مع تكليفه بعمل إداري لمدة ستة أشهر للبحث خلال هذه المدة عن أي جهة ينتقل إليها وإلا طوي قيده نظاماً ومع ذلك أعطي الأولوية في التقدم للوظائف الإدارية بحكم ما يمتلكه من خبرات.


تم حذف المصدر