قلت له : ولكن ماذا تريده ان يفعل غير ان يقدم لك المساعدة بالطريقة التي يقدر عليها ... ؟
قال : لا ان الرجال لاتعوزهم الوسائل التي يؤكدون فيها رجولتهم ورجولة الآخرين ولكن هؤلاء لا يحسنون غير هذه اللغة المتعالية .. وكما يقول المثل فان فاقد الشيء لايعطيه .. اتدري يا صاحبي ما هي امنيتي في هذه الحياة ..؟ ان اجد نفسي عاملا آكل لقمتي من عرق جبيني لا ان اعيش على الصدقات كما يريد لي هؤلاء ...
قلت : ولكنك يا ابو دعيج لا تستطيع وانت في هذه السن ان تقوم بأي عمل يدر عليك دخلا يكفيك مساعدة الناس ..
قال : انني استطيع ان افتح دكانا صغيرا لو ان هؤلاء الذين ينتشون بعذاباتي عندما يشعرونني بوضاعتي عن طريق الصدقات التي يقدمونها الي عندما تستقيم امزجتهم , لو انهم وفروا لي رأس المال الصغير الذي يغطي مثل هذا المشروع ولكنهم لا يرغبون في ان اعيش رجلا كريما يعتز برجولته وانسانيته كما يتظاهرون هم بوجاهتهم وكبريائهم الزائفين ...
انني واثق ان هؤلاء لا يريدون لي الموت لا ابقاء علي بينهم ولكن ليروني اتعذب انا النواخذا ابو دعيج في دنياهم التي
لا تعرف سوى الملايين لغة والمظاهر الكاذبة تعاملا واخلاقا ...
انهم يــاصاحبي يمارسون نوعا من التمرد على الماضي الذي كان فيه ابو دعيج رجلا بكل ماتعنيه هذه الكلمة بينما امثال هؤلاء لا يجرؤون على انتحال اقدار لاتليق باحجامهم الحقيقية...
ان مصيبتي انني اصبحت جزءا من ذلك الماضي ولكنني في الوقت ذاته اعيش في هذا العصر الذي لم يخلق لي ..
هنا يمسك ابو دعيج عن الكلام وتند منه آهة يجترها من اعماق نفسه وكأنه القى عن كاهله حملا ثقيلا..
.........................
ذات يوم طرق علي الباب جارنا (ابو علي) وكان التأثر باديا على وجهه وقال لي بكلمات لا تكاد تسمع **عظم الله اجرك**
ابو دعيج يطلبك الحل..
في عودتنا من المقبرة حاولت ان ابدد الوجوم الذي كان يخيم علينا نحن الاربعة الذين كنا في جناز المرحوم ابو دعيج فامتدت يدي الى مذياع السيارة واذا بذلك الصوت ينطلق مرددا :
هم يحسدوني على موتي فوا اسفا
حتى على الموت لا اخلو من الحسـد


تمت