النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: التقليدي .. والنقد ...

العرض المتطور

المشاركة السابقة المشاركة السابقة   المشاركة التالية المشاركة التالية
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    الدولة
    موظف بريد
    المشاركات
    3,481
    Thumbs Up/Down
    Received: 0/0
    Given: 0/0

    التقليدي .. والنقد ...

    الممارسة النقدية في مواجهة التقليد

    توصف المجتمعات العربية بأنها مجتمعات تقليدية في بناها الذهنية العامة، تلك البنى التي تصوغ لها الرؤى، وتحدد لها المسارات، وتخلق لها الانطباعات؛ على مستوى الوعي واللاوعي. ولا جدال في أن مجتمعنا المحلي من أشد هذه المجتمعات العربية تلبسا بالتقليد واتصافا بالتقليدية؛ إلى درجة يكاد التقليد أن يكون معها هوية لنا، أو هكذا يراد له أن يكون.
    نحن موغلون في التقليد؛ وفي استبطان الروح السلفية التي ترى في النكوص، بل وفي اجترار النكوص - كآلية وعي بالوجود والإنسان - تقدما!؛ بوصفه - في التصور السلفي - تقاربا مع المثال، وتماهيا مع المتعالي. نحن - من حيث البنى الذهنية المهيمنة - تقليديون؛ رغم القشرة الحضارية التي نتزيّا بها، ونزخرف بها عالم الفكر وعالم الواقع؛ كي نقنع أنفسنا بأننا ظفرنا بكلا الحسنيين: أصالة الماضي، وحضارة الحاضر!.
    المجتمع التقليدي بطبيعته مجتمع شمولي كلياني، يرفض التجاوز، ويكره الخروج على أنساقه؛ لأنها أنساق متجذرة عبر تاريخ طويل من التكرار والاجترار والممارسة الطقوسية في الاجتماعي. الجديد في هذه الحال البائسة ليس جديدا، وإنما هو بدعة ونشاز واختراق وإفساد. الاستئناس بالمكرور، والاعتياد على المألوف، وكراهة المغايرة والاختلاف، سلوك تقليدي بامتياز.
    إشكالية المجتمعات الكُليانية، أنها متخمة باليقينيات، والمسلمات، والثوابت، والأصول، والقطعيات، والنهائيات. كل شيء قد كمل، ومن ثم لا يحتاج إلى إضافة، ولا إلى تجديد، فضلا عن النقد والمساءلة. الحلول جاهزة لكل شيء، وذلك في صيغ نهائية، تبرع بها الأوائل مشكورين؛ كي يكفونا مؤنة البحث والخلق والابتكار. و"حسبكم فقد كفيتم"!؛ قالها الأسلاف العظام.
    في تصور كهذا؛ مغرق في يقينياته؛ تستحيل المغامرة النقدية. لماذا النقد؟، ولماذا التجديد؟، ولماذا محاولة اجتراح الحلول؟!. ما معنى الممارسة النقدية في مجتمع يتكئ على منظومة إسلامية؟!. وهي منظومة كاملة من حيث التنظير ومن حيث التطبيق؛ لأن الإسلام دين كامل!.
    ما العلاقة بين كمال الإسلام كدين سماوي، والحصانة المُدّعاة التي يهبها المجتمع لتنظيره الفكري المتماهي مع الإسلام (وهو منتج بشري)، ويهبها لنفسه أيضا؛ لمجرد أنه (اجتهد!) في تطبيق تنظيره الاجتهادي؟. سؤال نقدي إشكالي، لا يطرحه التقليدي؛ لأنه فوق طاقته المعرفية، ولا يريد لأحد أن يطرحه؛ لأنه يفضح المنظومة كلها، ويكشف زيف غرورها، لا في واقعها المعاصر فحسب، وإنما في عصورها التاريخية كافة.
    إذا أضفنا إلى ذلك أن مفهوم النقد ذاته - مهما كانت نوعية ممارسته - خاضعا لطبيعة التلقي التقليدي لهذا المفهوم، ولهذه الممارسة، عرفنا صعوبة النقد، وثمن التضحية. المجتمع التقليدي كمنتج لمنظومة التقليد، لا يفهم النقد إلا بوصفه هجاء وقذفا. صحيح أن في الممارسة النقدية مستوى أدنى من الهجائية؛ لا يمكن الانعتاق منه. لكن، هذا المستوى ليس مبررا لنقل الممارسة النقدية الموضوعية من مفهومها (التشخيصي) إلى مفهومها (الهجائي).
    تشخيص العلل والأدواء بدقة وموضوعية، وتحديد أعراض المرض الظاهرة والممكنة، والتنبؤ بمستويات الصحة والاعتلال، يفهمها المريض على أنها أجل خدمة تقدم له، وأهم خطوة في طريق الشفاء. لكن، قد يوجد مريض يعاني ارتفاعا في درجة العته، فيعد هذا التشخيص هجاء لشخصه الكريم، بحيث يستدعي الغضب والاستنفار، بدل الشكر والامتنان. لكن، هذا السلوك الغبي في التعامل مع التشخيص؛ لا يحدث إلا عند جماعة المعتوهين، ومن لا يتجاوزون المباشر والظاهر في التعاطي مع الحياة والناس.
    هذا الفهم الذي يحوّل الممارسة النقدية الموضوعية من مفهوم التشخيص إلى مفهوم الهجاء، هو سبب ما نعانيه من ارتياب المنظومة التقليدية في كل ممارسة نقدية، تمسها من قريب أو بعيد. وبطبيعة الحال، فمجتمع لا يفحص نفسه، ولا يسمح بإجراء الفحص، مجتمع معرض للانقراض والتلاشي، ليس على مستوى المعنى ونوعية الوجود، ولكن، قد يحدث ذلك على مستوى الوجود المادي المتعين.
    ولأن التقليدي ينطوي على ذاتية متنرجسة، فإنه يمد هذا التنرجس إلى كل ما يمت له بصلة، ومنها تراثه العريق، وعاداته التي هي عادات الكرام، ومعدن الأصالة، وعلومه هي محض اليقين. إنه كالمريض الذي يدعي الصحة، ولا يريد أن يصدق بمرضه، ولا أن يعترف به؛ لأنه يظن أن وجود المرض مرتبط باعترافه، وما دام لم يعترف، فالمرض غير موجود، ولا يتصور أن الاعتراف بوجود المرض، هو الخطوة الأولى نحو الشفاء.
    قد يتسامح التقليدي مع الممارسة النقدية التي تتناول ظواهر الأشياء في وجودها المتعين. لكنه لا يتسامح مع النقد المعرفي الذي يتجاوز الظواهر إلى الأنساق الثقافية، أو الذي يفكك بنية المعرفة، ويكشف عن مراوغة الخطاب، ولا معقوليته الكامنة في ادعاء المعقول؛ لأن مثل هذا النقد، كفيل بإجراء تحولات كبرى في مجرى الخطاب. وهذا ما لا يمكن أن يقبل به التقليدي؛ لأنه يصبح خطابا في التغيير، ولا وجود للتقليدي في هذا السياق...

    منقول من الصحافه المحليه لأهميته النقديه والموضوعيه ... الخميس 27 رمضان ...

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Oct 2004
    الدولة
    خدمة عملاء
    المشاركات
    3,195
    Thumbs Up/Down
    Received: 12/0
    Given: 0/0
    بسم الله الرحمن الرحيم

    أحسنت أخي ( abufuzan ) على النقل الموفق ..

    بارك الله فيك

    تحياتي لكم
    إداري

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Oct 2005
    الدولة
    مترجم
    المشاركات
    352
    Thumbs Up/Down
    Received: 0/0
    Given: 0/0

    Post

    أخي الكريم أبو فوزان تحية طيبة وبعد....

    جزاك الله خير علي النقل المفيد اللذي نري فيه أحد أهم العوائق اللتي تصب في النكوص والتعثر
    في تحقيق الأهداف ولذالك نري أن صناع القرار في أي مجموعة أو تنظيم يضعون نصب أعينهم
    إشباع الحاجات لدي الأفراد باالدرجة اللتي تكفل التوازن وشعورهم بتحقيق الذات وذالك لكون
    الإنسان بصفة عامة ظاهرة معقدة ودائما يحول ذالك دون الوصول اللنتائج المرجوة علي مستوي
    الإستطلاعات الميدانية و إستبيانات البحوث الدراسية حول الإنسان كفرد ومجتمع وعليه أنطلقت
    نظرية التطور الفكري لمفهوم الدوافع اللتأثير علي توجيه سلوك أي تنظيم اللحيلولة دون الميول
    الفردية والعبث اللذي من شأنه تعطيل ألية تحقيق الأهداف ...


    ولكم فائق التحية والتقدير...

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Jun 2006
    الدولة
    المدينة المنورة
    المشاركات
    2,936
    Thumbs Up/Down
    Received: 0/0
    Given: 0/0
    تقديري لـ( abufuzan ) على ما خطته انامله بهذا الخصوص .....

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. توزيع واصل والتوزيع التقليدي السابق
    بواسطة جابر في المنتدى ســاحة منسوبي البريــد
    مشاركات: 21
    آخر مشاركة: 12-28-2017, 10:54 PM
  2. الدفاع المدني بمكة يستغني عن الوصف التقليدي للمواقع بـ"واصل"
    بواسطة U-P-U في المنتدى ساحة البريد العامة
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 08-18-2010, 02:30 AM
  3. البريد الإلكتروني يضرب نظيره التقليدي ويقلص نشاطه
    بواسطة رهام في المنتدى ساحة البريد العامة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 04-06-2009, 04:50 PM
  4. بنتن: التقنية الحديثة لن تقلل الاعتماد على البريد التقليدي
    بواسطة ابو حسن في المنتدى ساحة البريد العامة
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 04-05-2007, 03:29 PM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
تعرف علينا
الساحة البريدية منتدى لمنسوبي البريد
للتعارف فيما بينهم ، وتبادل الآراء والأفكار
وطرح المشكلات وإيجاد الحلول لها
إن ما يطرح في الساحة البريدية هو تحت مسئولية العضو نفسه ،
والساحة البريدية تخلي مسئوليتها تماما من أي نشر أو طرح غير مسئول ،
ومع ذلك نحن نبذل قصارى جهدنا للسيطرة والتحكم بكل ما يطرح حسب استطاعتنا ،
ونرحب بأي تواصل عبر البريد الالكتروني لإدارة الساحة
arapost@hotmail.com
تابعنا
للتواصل معنا
arapost@hotmail.com