بسم الله الرحمن الرحيم
الانترنت
لماذا تستخدم الانترنت؟
ما الذي سلَبَته أو أضافته هذه الشبكة إلى حياتك و اهتمامك؟
مرّت خمس سنوات تقلُّ كثيرا أو تزيد وهذا الجهاز السحري أمام ناظريك تحاوره ويحاورك، وعلى شاشته الزرقاء كانت لك - لاشك- صولات وجولات قضيت فيها الأوقات الطوال و لربما نسيت معها في أحيان كثيرة نفسك وماذا تريد من بين بلايين المواقع والمنتديات.
في الدول المتقدمة هناك قلق من أن شبكة الانترنت تستقطع نصيبها من وقت الفراغ المحدود في الأصل، وفي بلدان كثيرة من العالم النامي حيث البطالة والفراغ وضعف البناء التربوي يقضي شباب كثيرون ساعات طوالا مع المنتديات وبرامج الحوارات الالكترونيّة كبديل ترفيهي ليس كله نافعا بالضرورة ولكن لا أحد مهتما أو يسأل كما يبدو.
الحقيقة الواضحة أن لكل منّا مع الانترنت علاقة خاصة وعادات استخدام ذات خصائص لا تتشابه مع الآخرين. والسؤال هنا هل الانترنت باتت مؤثرة في حياتنا؟ والى أي اتجاه؟ وبطريقة أخرى هل غيّر وجود تقنية الجوال والانترنت وأجهزة عرض الوسائط من نمط تفكيرنا وطريقة فهمنا للأشياء فيما حولنا؟ هل باتت الحياة أسهل؟ وهل تتجه بنا التقنية ووسائط الاتصال والتواصل إلى المزيد من التقارب والتسامح أم أن موقعا الكترونيا واحدا يمكن أن يشتت جهد سنين من الألفة وجهود التوفيق؟ الم يؤد مقطع "بلوتوث" لا يتجاوز دقيقتين إلى إقامة محكمة وتنصيب قضاة وإثارة مجتمع.
نحن إن ذهبنا مع الإضافات الايجابيّة لتقنية الاتصال الحديثة في حياتنا وخاصة شبكة الانترنت لن نستطيع تجاوز بعض الحقائق الكبرى التي تؤكد كيف أصبح الإنسان معها يمتلك مكتبة عالميّة للمعلومات والتثقيف والترفيه لا تغلق أبوابها. وهي أيضا شبكة اتصالات فعالة متصلة بكل أنحاء الأرض تربط أطراف العمليّة الاتصاليّة بلا رقيب ولا وسيط. ولا يمكن نسيان كيف أن خدمات الانترنت التجاريّة تجعل منها سوقا دائما للمعلومات والبرامج والكتب والعروض التجاريّة المتنوعة. وفي جهة الايجابيات أيضا نجد أن الشبكة المعلوماتيّة قد وفّرت لمستخدميها إمكانيّة إجراء الكثير من المعاملات وعقد المؤتمرات عن بعد وتنفيذ المعاملات المصرفيّة وبيع وشراء الأسهم والسندات بكل أمان وموثوقيّة.
و في ذات الوقت لم يعد خافيا كم هي مؤثرة وواضحة تلك التأثيرات السلبيّة التي رافقت كثيراً من خدمات هذه الظاهرة الاتصاليّة الفريدة. فالنشر الالكتروني صاحبه التشهير والقذف ونشر الشائعات، وخدمات الحوارات ليست كلها جادة وبناءة، وبرامج التواصل المرئي أشغلت وتضرر منها مراهقون ومراهقات غرقوا في قضايا الجنس والشذوذ والفوضى. ولا غرابة أن نَشَّطت التقنية أنماطا جديدة وقديمة من الجريمة لأن الانحراف ظاهرة إنسانيّة لا تبلى وما استجد اليوم هو أن كثيرا من المنحرفين والمجرمين وظّفوا هذه الوسائل الجديدة وخدماتها لإيذاء أنفسهم والتأثير على الآخرين.
أنت وحدك تعرف ما أضافته شبكة الانترنت إلى حياتك إذ يكفي أن تستعرض قائمة المواقع اليوميّة المفضلة وستجد بعض الجواب حتما. أما بعض الجواب الآخر فستجده حين تضرب عدد (ساعات الاستخدام اليومي) في عدد أيام سنوات استخدامك للشبكة فمثلا إذا كنت تستخدم الانترنت بمعدل ساعتين يوميا في الخمس سنوات الماضية فهذا يعني انك قد قضيت قرابة 3650ساعة على الانترنت. ولأنك وحدك (الأمين) على حساب العائد من عدد الساعات الضخم هذا فلا بأس من تذكيرك بأن عدد الساعات المطلوبة لانجاز برنامج بكالوريوس الطب والجراحة العامة هي مابين 270إلى 300ساعة دراسيّة وعمليّة وهذا يعني أن ساعات الانترنت التي ذهبت يمكن أن تمنحك حوالي 12شهادة بكالوريوس في الطب لو كنت قضيتها على مقاعد الجامعة.
مسارات
قال ومضى: وحدهم الناجحون (يبحثون) (أسباب) الفشل في حين ينشغل الفاشلون في (جمع والتقاط) (التبريرات).
الدكتور / فايز بن عبد الله الشهري
fayez@alriyadh.com