نورة عبدالرحمن اليوسف

ما أصعب أن ترى توجيه انتقاد قاسٍ إلى وطنك أو إلى مواطني هذا البلد الغالي، فوجئت بردة فعل دكتور متخصص في الزراعة يعتبر نفسه صاحب فكر ديني وسطي في مقابلة تمت على قناة الراي الكويتية بأن السبب في رفض القيادة للمرأة أن السعودية تعتبر صاحبة أكبر نسبة في التحرش والاعتداءات على المرأة في العالم. لم أستطع تصديق هول ما سمعت وبأي حق يقوم باتهام هذا البلد الطاهر والذي يحتضن الحرمين الشريفين وتحافظ دولته على تطبيق قوانين الشريعة من قصاص وتطبيق إحكام سد الذرائع بهذه التهمة الشنيعة. وأتساءل كيف يتجرأ شخص يدعي الوسطية والثقافة وينتمي إلى هذا الوطن على أن يعلن هذا الاتهام علناً وعلى مستوى دولي في قنوات خارجية ويقلل من شأن مواطني هذا البلد الغالي مقارنة بغيرهم.
أتساءل أولا: من أين حصل الشخص أعلاه على هذه الإحصائية؟ ثانياً: إذا كُنا رغم كل الفصل القائم بين الجنسين والمناهج الدينية المكثفة في مدارسنا وفي النشاط اللاصفي والمحاضرات الثقافية الدينية والدعوية، كل هذا ونمتلك أعلى إحصائية.. هل هناك خلل؟!
لقد أوضح رجال الدين لدينا فيما يتعلق بقيادة المرأة للسيارة أنه لا توجد محظورات شرعية تحول دون ذلك وأن المجتمع هو المسؤول عن ما إذا كانت المرأة ترغب في القيادة أم لا.
وأقول إنه يجب توضيح الموقف الحقيقي للمجتمع بخصوص قيادة المرأة بصراحة. إننا كمجتمع قبلي وفي السابق وقبل توحيد المملكة كان من الخطر التنقل بين منطقة وأخرى لذلك استلزم أن تكون المرأة مصحوبة بمرافق لحمايتها. وعلى الرغم من انتشار الأمن والقانون وتطبيق الشريعة بفضل الله ثم بفضل حكومتنا الرشيدة استمرت نظرة المجتمع بوجوب حماية المرأة واستمرت وتزايدت مع موجة التشدد الديني التي وضعت المرأة أحد أهم محاورها واستمرت الوصاية على المرأة وأنه يجب ألا تخرج من منزلها إلا بحماية سواءً من أحد أقاربها أو من سائق مأجور سوف يقوم بدور الحامي لها. وأن السماح بقيادة السيارة تعني إعطاءها مجالاً وحرية شخصية وهذا لا نقبله لأن المرأة لدينا سوف تظل تحت وصاية ذكر من أقاربها أو ذكر مستأجر من قبل أقاربها ولن يكون للتقدم في العمر أو المستوى الديني والثقافي أو غيره سبب في رفع تلك الوصاية وهذا هو السبب الحقيقي أما أن تتهم دولة كاملة بأنها تمتلك أعلى معدل في الاعتداءات على المرأة فليس هذا بصحيح.
أنا كامرأة في مرحلة من عمري أبنائي في الجامعة وأصبحت منذ عام جدة وأعمل أستاذه بالجامعة لا يهمني أمر قيادة السيارة إلا من وجهة نظر واحدة أنه أصبح قضية تُعلق عليها جميع قضايا تقدمنا وتعاملنا كمجتمع مع المرأة وأتمنى أن تحل هذه المشكلة فقط لإبعاد الضبابية عن صورة المرأة السعودية المشرفة والتي تنافس أخواتها في الدول الإسلامية علماً وثقافةً وتمسكاً بدينها وأتمنى أن تُحل تلك المشكلة ليتم قفل هذا الموضوع والذي قُتل بحثاً ومناقشة في القنوات الفضائية وفي البرامج الإعلامية العالمية عن المرأة السعودية وأن يوقف اتهام شبابنا بهذه الاتهامات الجائرة والتي أتمنى أن يحاسب عليها كل من يتبناها. ولن أعيد تكرار ما تم قوله وتكراره مما يصيب مجتمعنا عند تبني أي تقنية جديدة من فوضى في استخدام هذه التقنية وصيحات بتحريمها لا تلبث أن تتلاشى في أقل من أشهر أو حتى أسابيع من البدء فيها.

http://www.alarabiya.net/Articles/2006/03/27/22321.htm