البريد السعودي ينتهك المادة (20) من النظام الأساسي للحكم ويشدد وطأته على المستفيدين لرفاهية موظفيه

عرض الصورة
ملئت هذه الأيام مجالس المجتمع وأحاديث الناس بالتذمر الشديد من الزيادة غير العادلة، وغير القانونية لأجور الخدمات البريدية التي حلقت بها عاليا مؤسسة البريد السعودي وقد فوجئ كثير من المشتركين في صناديق البريد بإغلاق صناديق بريدهم لإرغامهم على دفع الرسوم الجديدة التي سيتم إيضاحها بهذا المقال وتناولت الصحف ومشاهير الكتّاب والمدافعين عن الصالح العام هذا الموضوع وأذكر منهم على سبيل المثال ما كتبه الأستاذ محمد رضا لاري في جريدة الرياض عدد 13625 وتاريخ 10/9/1426ه في مقاله (صندوق بريد ناقص الأهلية) والأستاذ محمد فخر الدين الهاجري أيضا في جريدة الرياض العدد 13632 بتاريخ 17/9/1426ه والأستاذ سعد الدوسري في زاويته بجريدة الرياض (باتجاه الأبيض) والدكتور عايض الردادي عضو مجلس الشورى في مقاله في جريدة عكاظ بتاريخ 21/9/1426ه (البريد خدمة عامة لا منحة) وما نشره أخيرا الدكتور محمد القنيبط في مجلة اليمامة العدد 1891 يوم السبت الموافق 28/12/1426ه وكل هؤلاء عبّروا بشفافية متناهية عن (الرأي العام) تجاه هذا الموضوع والذي قلبت فيه المؤسسة رسالتها وأهدافها من مقدم لخدمة إلزامية للمجتمع يستطيع مختلف أفراده في السابق أيّا كان مستوى دخلهم ووضعهم الاقتصادي الحصول عليها قلبته مؤسسة البريد السعودي إلى تجارة رابحة تؤمن فيه بحبوحة ورغد العيش لموظفيها من بدل سكن ورواتب فاقت رواتب الوزراء ونوّاب الوزراء إلى تأمين طبي لموظفي البريد السعودي من قبل التعاونية للتأمين بمبلغ (65) مليون ريال وهكذا إلى آخر أمنيات وأحلام موظفيها!! (الغريب بالأمر أن لا تتم الموافقة على التأمين عن الأخطاء المهنية للأطباء ويسمح بها لموظفي البريد رغم أهمية الطبيب) حيث صرح معالي رئيس مؤسسة البريد السعودي محمد صالح بنتن أن الاستثمارات المتوقعة والمشتركة مع القطاع الخاص تتجاوز 1,2مليار ريال وذلك بجريدة الوطن العدد (1890) وتاريخ 30/10/1426ه وهذا الاستثمار سوف يوفره معالي بنتن من ظهر المواطن الفقير المسكين ليصرفها على رفاهية موظفي البريد ولعل في ما أورده من خلفيات تاريخية، أرقام ومقارنات ومواد نظامية كفيل بالحكم على بطلان ماقامت به مؤسسة البريد السعودي تجاه المستفيدين من خدماتها وذلك على النحو الآتي: (انظر الجداول)
ويلاحظ على التعرفة الجديدة أن مؤسسة البريد السعودي غيبت فئتين من الرسوم وهي لغاية (10) غرام ومن (20-50) غرام كما زادت الفئة التي يستخدمها عامة الناس أي بالأصح الطبقة الفقيرة بأكثر 100٪ وهذا نوع واحد من الرسوم فقط وهناك أنواع أخرى الطرود والبريد الدعائي والبريد السطحي والممتاز وأجور الصحف والمجلات المغلفة والغير مغلفة كل هذه الفئات تمت زيادتها بنسب مختلفة.

وسوف أتطرق في مناقشتي للموضوع إلى الناحية النظامية لهذه الزيادة وما هو الواجب على البريد، حيث يتضمن نظام البريد الصادر بالمرسوم الملكي رقم م/4 وتاريخ 21/2/1406ه أن مؤسسة البريد السعودي بموجب النظام ملزمة بإيصال خطابات المستفيدين إلى منازلهم بدون صندوق اشتراك بخدمة معينة مهما بعد هذا المكان أو ارتفع ما دامت عليه طوابع مدفوعة الثمن مسبقاً حيث انه تم نقل ما للمديرية العامة للبريد من حقوق وما عليها من التزامات إلى مؤسسة البريد السعودي وفقا لقرار مجلس الوزراء رقم (78) وتاريخ 29/3/1423ه حيث تضمنت المادة الثانية الفقرة «3» (تقوم المؤسسة بتطوير أساليب حديثة لقبول البريد وجمعة ومعالجته ونقلة وتوزيعه بما يضمن وصوله إلى المرسل إليهم خلال فترة معقولة ووفقا للمعايير الدولية المتعارف عليها) والنص صريح ولا يقبل التأويل أو الاجتهاد أو التفسير، وواضح كل الوضوح أن مؤسسة البريد السعودي ملزمة نظاما وتنظيما بإيصال الرسائل إلى المستفيدين طالما أن عليها طوابع بريدية مدفوعة الثمن مقدما، دون حاجة المواطن إلى الاشتراك في صناديق بريد، أو الاشتراك بصندوق (واصل) التي تروج له مؤسسة البريد السعودي.

لقد قامت الدولة بإنشاء المديرية العامة للبريد منذ 1356 ه وتطوير نظامه حتى صدر أخيرا نظام البريد عام 1406ه وتنظيم مؤسسة البريد السعودي عام 1423ه بعد إنشاء الدولة المباني الضخمة للبريد وجهزته بأحدث وسائل التقنية مثل السيور النقالة وآلات الفرز البريدي وآلات التخليص البريدي، كما بلغ عدد موظفي البريد ووكلائهم في القرى والمناطق أكثر من (10,000) عشرة آلاف موظف أي ضعف عدد موظفي الأحوال المدنية رغم أن عمل موظفي الأحوال المدينة أهم بكثير من أعمال البريد وأدق في المعلومات وليس هناك وجه مقارنة بين الجهتين.إن المتتبع لسير تطور البريد السعودي يظهر له جلياً وواضحاً بأن المسألة ليست في رفع الرسوم البريدية ولا في عدد الموظفين ولا في الأجهزة والمعدات والآلات وإلا لما حدث أن فاقت شركات أقل بكثير من التجهيزات الخاصة بالبريد وأقل عددا من موظفي البريد بنقل البريد وتوزيعه بيسر وسهولة مثل (وقد ذكرت مؤسسة البريد السعودي أنها سوف تضع صندوقا الكترونيا على جدار منزل المواطن مربوطاً بالقمر الصناعي لتحديد الموقع وقد لوحظ أن الشركة التي تقوم بتركيب الصناديق تضع أكثر من صندوق على المنزل الواحد ويبدو أن المحاسبة للعقد تتم وفقا لعدد الصناديق المركبة، ومن المفترض أن لا يتم تركيب هذا الصندوق إلا لمن يرغب به دون إرغام المواطن على تركيب أشياء على جدران منزله دون رغبة منه باستعماله إلا إذا كان الرابط بين مؤسسة البريد السعودي والمواطن هو عقد (إذعان) فهذا شيء اخر، وأستغرب كيف أن أصحاب المطاعم السريعة تصل إلى المنازل في مدينة الرياض بيسر وسهوله دون استخدام أقمار صناعية.وكذلك الشركات الأخرى الخاصة بنقل البريد لتصل إلى منزل المواطن بسهولة بعمالتها الأجنبية .

وحسب خبرتي أن أقصى حد وصلت إلية إيرادات البريد هي (700) مليون ريال فمن أين يتم تحصيل هذا المبلغ الخيالي، أضف إلى ذلك أن النواحي النظامية للعقد حيث انه لم يتم طرحه في منافسة عامة وإنما أعطي لشركة قدمت عرضا ووفق عليه أو نفّعت بالعقد وأكبر دليل على ذلك هو وجود عدة صناديق لمنزل واحد.

أخيراً وليس آخراً أود أن أوضح أن المادة العشرين من النظام الأساسي للحكم تنص على (لا تفرض الضرائب والرسوم إلى عند الحاجة، وعلى أساس من العدل، ولا يجوز فرضها أو تعديلها أو إلغاؤها أو الإعفاء منها إلا بموجب النظام) أيضاً المادة الثالثة من نظام البريد الصادر بالمرسوم الملكي م/4 وتاريخ 21/2/1406ه تتضمن أن يحدد مجلس الوزراء الرسوم التي يتقاضاها البريد عن الخدمات التي يقدمها وتضمن قرار مجلس الوزراء رقم 80 وتاريخ 5/5/1407ه الموافقة على تعرفة أجور الخدمات البريدية وتنص المادة الرابعة منه على أن (تقوم وزارة البرق والبريد والهاتف بالعمل على خفض تكاليف تشغيل جهاز الخدمة البريدية ورفع الإنتاجية فيه) - لكن الظاهر الآن هو العكس- .

كما تنص الفقرة «9» من المادة السادسة من تنظيم مؤسسة البريد السعودي الصادرة بقرار مجلس الوزراء رقم (78) وتاريخ 29/3/1423ه إلى ما يلي (اقتراح المقابل المالي الذي تتقاضاه المؤسسة عن أي عمل أو خدمة تقدمها لاعتمادها وفق النظام) وهذا كاف بأن الرسوم التي فرضت ليست رسوما قانونية وفقاً للنظام الأساسي للحكم ووفقاً لتنظيم مؤسسة البريد السعودي فإن ديوان المراقبة العامة مطالب وفقاً للمادة الثالثة عشرة من تنظيم المؤسسة بمراجعة العقود التي وقعت، كما أننا بحاجه إلى هيئه تنظر بتعسف الجهات الحكومية أو غير الحكومية ضد المواطنين .

وأدعو كلا من معالي الدكتور مطلب النفيسة ومعالي الدكتور مساعد العيبان أن يوضحا ما هو الفرق بين النظام والتنظيم وأيهما أقوى وأشمل.