تروي لنا سارة قصة احدى قريباتها التي منعها والدها من الزواج حتى بلغت الثالثة والاربعين فتقول لقد كان والدها يرفض كل من يتقدم لها دون أن يخبرها حتى انها كانت لاتعرف إلا مصادفة او من الأهل فلم يكن يخبرها ولم تتمكن من الزواج حتى توفي والدها فكان راتبها بالكامل من نصيبه فلديه بطاقة الصراف الخاصة بها ويصرف عليها بالقليل فقط من راتبها وقد حاولت مراراً أن تترك الوظيفة حتى تستطيع الزواج ولكنه منعها من ذلك فقد اجبرها بالضرب على الذهاب للعمل ومنعها من الخروج من المنزل او الزيارات حتى رضخت لأمره فأصبح الدوام متنفسا لها من المنزل حتى لو كان دون راتب ولم تستطع التخلص من هذا الإضطهاد إلا بعد وفاة والدها فقد وافقت على أول المتقدمين لها .
التعصب الاسري
أما وفاء أحمد فتقول :إن هذا الموضوع يؤرقني كثيراً فأنا وقريباتي نعاني منه كثيراً فقد تم رفض الكثير من الخطاب دون سبب مقنع سوى أننا من الحضر وهو من البدو وهذه الفروق هي التي دمرتنا ومنعتنا من الزواج وقد حاولنا مراراً أن نقنع أهلنا ولكن بلا جدوى فلم يقتصر العضل على البنت البدوية أن لاتأخذ حضريا بل حتى نحن الحضريات منعنا من الزواج من البدو وهذا في عائلتنا وبعض العوائل الحضرية ولا أشملهم فيوجد كذا حضرية من عائلتنا تزوجت من البدو.
عاملة مرفوضة
ابناء قبيلتي لم ولن يرضوا بفتاة مثلي ليس عجبا ولكنها الحقيقة ، لا يجرؤون على التفكير بفتاة تعمل طوال النهار في المجال الطبي في بيئة تختلط فيها بالمرضى والعاملين وعامة الناس ، لا يريدون التصديق باني فتاة محجبة ومنطلقة اثق بنفسي واهلي كذلك يثقون بي ، ولا يوجد حدود لطموحي (ماعدا الحدود الشرعية) .. لم يجرؤ ولم يفكر اصلا احد الاقارب على التفكير بي كزوجة منذ ان بدأت الدراسة اي من اكثر من ست سنوات ، وانا الآن اعمل ، اهلي فخورون بي ، اقاربي يشجعوني ، ولكن يبقى السؤال هل يقتنعوا بي كزوجة لاحد ابنائهم ؟ هل يستطيع احد ابنائهم التعايش مع حقيقة اني انسانه عاملة وجادة في ذلك ، وان عملي يسهم بشكل كبير في تشكيل مستقبلي العائلي بالتأكيد لا احد يقدر ، لا ابالغ بذلك ، فانا اتكلم عن تجربة ، تجربة شخصية وتجربة غيري من الفتيات اللاتي مازال التعصب القبلي ساري المفعول عند آبائهن وأولياء أمورهن !!
إقصاء ووحدة
وتقول كلثم .م.: ابي متوفي وامي اعياها المرض واخواني متزوجون ولديهم بيوت وعندهم اولاد وانا اشعر بالوحدة فقد تقدم بي العمر ولم اتزوج بعد .. فكلما جاء خاطب يطلبني للزواج وقف بوجهه اخوتي واوصدوا الابواب امامه فتارة يعتذرون بفقره وتارة يعتذرون بانه لايناسب ولا يكافئ نسبنا واحيانا اخرى يردونهم من الهاتف بدون ان يتعنوا السؤال او التقصي ويعددون السبب تلو السبب حتى احترت من الخاطب الذي سيرضي غرورهم ويقنعهم بنفسه ومتى سأعتق من السجن الذي حاصروني فيه فقريناتي كلهن متزوجات واولادهن بالمدارس وانا مازلت انتظر ان يوافق اخواتي على احد من يتقدمون لي تمر الشهور والسنوات تعبت من هذه الحياة وسئمت من تصرفات اخوتي فقد طال ظلمهم لي الى متى ساسكت على تصرفاتهم غير المسؤولة.
اخي الاكبر الذي يفترض ان يكون بمنزلة ابي منشغل ومنعزل عنا تماما ويمر علينا مرور الكرام ليسمي زياراته بصلة رحم ويلقي بمسؤولياته نحوي الى اخوتي الآخرين واخي الآخر يهتم باصدقائه
تمضي ايام عمري ويذهب شبابي فأنا فتاة مثل كل الفتيات اتمنى ان يكون لي بيت واسرة وطفل يناديني ماما اريد ان يكون لي رفيق لوحدتي فهل ما اطلبه حرام ؟ هل هو جرم ؟ او عيب؟ ان كان من خطبني من نفس ديني ونفس بلدي ويتحلى بالأخلاق والسمعة ومن قبيلة معروفة وانا راضية بعيوبه قبل مزاياه فلماذا احرم من حقي والى متى .
عانس في الخمسين
وتروي لنا عائشة .غ. معاناتها فتقول : ابلغ من العمر سبعة واربعين سنة، خريجة جامعية أعمل موظفة فأنا مثل غيري من بنات بلدي متحجبة أخاف الله سبحانه وتعالى إلا ان قدري ونصيبي ان اجلس في البيت بلا زواج، ولكن الله سبحانه وتعالى دائما يحثنا على الأخذ بالأسباب والمشكلة هنا ان والدي اهتم كثيرا بتزويج أبنائه من الذكور وهم دون سن الثانية والعشرين وتركنا نحن البنات فكم من شاب تقدم لخطبتي ولكن والدي يرفضهم لأسباب غير مبررة هذا ليس من مستوانا هذا من قبيلة ثانية .. هذا لم يكمل تعليمه هذا والده كان فعل كذا وكذا وهذا لا ارتاح له وفي النهاية انا التي أتعذب انه قد يجهل أنني أعاني من مشكلة كبيرة قد يدفع ثمنها في النهاية وتضيف عائشة قائلة من اكبر الآثار الاجتماعية لمثل هذه الظاهرة هي مسألة العنوسة وهي تعني تأخر النساء عن الزواج حيث تظهر الإحصاءات كثرتها وايضاً الآثار النفسية والاجتماعية علينا معاشر الفتيات بسبب تأخرها في الزواج وخصوصا عندما يكون السبب وراءه اقرب الناس إليها وهو والدها كما ان من آثار هذه الظواهر أنها تزيد من التفكك الاجتماعي في المجتمع وتجعل البنت تحقد على أبيها.
المحجوزة
وتكشف منال. ش. سبب عضلها عن الزواج فتقول : أعيش مع والدي الذي افترق عن امي منذ طفولتي وانا الفتاة الوحيدة من امي ولكن عندما تزوج كنت في التاسعة من عمري كانت زوجة ابي تعاملني بقسوة شديدة لم اذق فيها طعم الراحة كانت تعاملني كخادمة وتضربني ضربا قاسيا وتهينني امام اهلها عندما يكون ابي في الخارج وكنت أقوم بكافة أعمال المنزل والطبخ وقد وفروا راتب الخادمة لأني أقوم بكل أعمالها وأنا الآن أبلغ من العمر التاسعة والثلاثين وزوجة أبي ترفض كل من يتقدم لي عن طريقها ولا تخبر أحدا ولكن يصلني الخبر بعد فترة من الأقارب بحجة أنني محجوزة لأخيها وإذا تقدم لي أحد عن طريق والدي فهي تظهر له أنها تخاف علي من هذه العائلة فهي تعرف ان ابناءها مدمنون او عيوب مشابهة ووالدي يصدقها وهو مشغول بأبنائه منها فيرفض دون تفكير وكل ذلك حتى أظل خادمتهم وطباختهم التي تعودت الصمت فلم تستطع المواجهة أبدا.ً
المحامي عويضة:
المعاناة تتزايد والظاهرة يصعب علاجها
من جانبه قال المحامي عويضة بن محسن المنصور جاء الدين الاسلامي عادلا في كل جوانبه حيث ساوى المرأة مع الرجل في القيمة الانسانية، واوجب عليها العبادة مثل الرجل، ولها الاجر والثواب ايضا مثل الرجل وخذ ما نص عليه القرآن الكريم حيث قال الله تعالى (ومن يعمل من الصالحات من ذكر وانثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نقيرا) وغيرها من الآيات الكريمة كما اعطى الاسلام المرأة الذمة المالية مثل الرجل واعترف لها بأهلية ابرام البيع والمعاملات المالية والتملك، وحقها في الميراث، وأيضا حفظ لها استقلال شخصيتها ونسبها فلا تفقد نسبها بالزواج من الرجل ويرى المنصوران المعاناة من العضل والعنف الاسري تشكل تزايدا واتساعا ملحوظا وكبيرا مما قد يجعلها ظاهرة في المستقبل يعاني منها المجتمع السعودي وهي في تزايد بدرجة عالية وحساسة وعدم معالجتها او الحد منها بلاشك يخلق ظاهرة يصعب معها العلاج لاحقا كما يرى المنصور ان عدم تكافؤ النسب والنظرة اليه وابعاده قد ساهم وسوف يساهم في المشكلة وحمل المحامي المنصور المسئولية جميع شرائح المجتمع ابتداء بالقضاء والخطباء واولياء الامور وانتهاء بالفتيات فالكل مسئول امام الله تعالى ثم امام مجتمع وامام ضحايا تلك المشكلة الكبيرة التي تعتبر بمثابة المرض الخبيث الذي لابد له من وقاية وعلاج مبكر وفعال لاستئصاله من مجتمعنا.
http://www.alyaum.com/issue/page.php?IN=12565&P=6