متعب بن عبدالعزيز بن عبدالله السديري
يقاس رقي المجتمعات بمقاييس مختلفة قد تكون فلسفية أو موضوعية. إلاّ ان ما رجح لدي من خلال تراكماتي المعرفية القليلة والمتواضعة ان هناك ثمة عناصر قياسية تسمو بها ثقافة المجتمع وحياته، ولا يمكن اغفالها منها سرعة الإنجاز والمرونة والتغلب على العقبات، وأضحى في عصرنا الحاضر مؤسسات عالمية وضعت معايير قياس يحكم من خلالها على الجودة والأداء، كما أضحى رضا العميل في عصرنا الحديث من أهم معايير قياس الإنتاجية لدى المؤسسات الخدمية؛ من خلاله يمكن ان يحكم على جودة الخدمة، وكمستخدم قديم للبريد؛ لمست تغير لغة التعامل فأصبح تعامل البريد مع المستخدمين إلى كونهم عملاء لمرفق خدمي وسابقاً كانوا مراجعين لجهاز حكومي.
وفق البريد بكوادر بمختلف والمستويات شاهدت ذلك في تعاملي ومراجعتي للمكاتب الأمامية للبريد وأصبحنا نشاهد عربات البريد تجوب بحيوية الشوارع والأحياء وتقف أمام أبوابنا تحمل رسائلنا بكثافة وبشكل غير مسبوق، فهذا ساعي البريد ابن الوطن (الجندي المجهول) يوصل رسائلنا إلى صناديق البريد المكانية منزلية أو غيرها ومستلما صادر البريد منها مختصراً الوقت علينا، بعد فترة سبات وخمول وموفراً علينا الذهاب بها للمكاتب أو الصناديق العامة كما لا أنسى تقديم مجموعة خدمات بريدية جديدة متنوعة وهامة؛ لذا لا غرابة ان حصل البريد على اعجاب الآخرين بدءاً من شكر خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين حفظهما الله إلى ما ناله البريد من العديد من جوائز وشهادات لما قامت به من إنجازات مشرفة على المستوى المحلي والدولي.
تحمد مبادرة البريد على تصميم وتنفيذ واطلاق مشروع العنوان المكاني «واصل» بشكل منتظم ومتماثل ومتشابه ومتناسق وبطريقة احترافية مدروسة، لم تغفل أي شبر من بلادنا الغالية؛ انطلقت عنونة مكانية جديدة؛ قاطعة سنين التيه الذي كنا نتخبط فيها فكان لكل منا طريقته في العنونة والتوصيف في تحديد مكانه تعكسها ثقافته؛ فأحدث فوضى لم تخل من غرائب وطرائف.. في الوصول أو التواصل؛ فالعنونة احتياج هام وركيزة أساسية لأي مكان فمجتمع بلا عنونة تيه وضياع ليس للبريد فحسب بل تعويق للتنمية في شتى مجالاتها ولمختلف الخدمات؛ وقد كان انعدام العنونة المكانية بنظام احترافي أمراً مقلقاً في مجتمعنا وآفة اجتماعية دخلنا دوامتها لم ندرك من أين الخلل؟ وما هي المشكلة؟ فعشنا سنين التيه (إن صحت التسمية) في حيرة نتيه عندما نريد ان نتجه إلى أي اتجاه في أرض الوطن المترامي الأطراف لا بل في المدينة أو القرية؛ فيصعب ان نحدد مكان مستشفى أو مدرسة أو مسجد أو بيت بل حتى بعض أبواب ولاة الأمر المفتوحة - حفظهم الله - وان كانت مشاعرنا لا تخطئ عنوان الود لهم ولا تخطئ قلوبهم عنوان الود لمواطنيهم؛ ثم وبفضل من الله أتى البريد ينهي سنين التيه ليضع النقاط على الحروف وليخرجنا من تلك الدوامة بمشروع العنوان المكاني «واصل».
إن مشروع العنوان المكاني «واصل» بكل أسف لم يلق الترحيب من فريق جهلاً أو تجاهلاً، وانتقد من فريق ثان دون موضوعية أو تجرد وشفافية فلاكت ألسنتهم مغالطة وجرحت أقلام جائزة، وفريق ثالث هم نتاج تلك الأقوال المحمومة والمقالات وافقت نفوسهم الضعيفة فامتدت أيادي طائشة لتكسر صناديق العنونة؛ لتحاول قتل هذا المشروع الوطني غير مكترثة بوسائل التنمية وأساساتها وتطوير البلد! أو تؤثر العيش عيش في الضبابية والظلام لنبقى في التيه! فكأن هناك من يختلس على حين غفلة بالتحريض على تصرفات لا مسؤولة تعبث بالمقدرات الوطنية كهذا الاعتداء على صناديق البريد.
ترى من المستفيد من قتل طائر البريد (الحمام الزاجل) كقتل الأشرار (حمام السلام)!؟ اسأل الله ان يردنا للصواب وان يباركنا ويوفقنا لخير بلادنا.
وختاماً أقول لبريدنا (واصل ونتواصل).http://www.alriyadh.com/2009/05/14/article429283.html