صحيفة الاقتصادية
الذين شاهدوا حلقة اللقاء مع معالي الدكتور محمد بنتن في "الإخبارية" المذاعة مساء يوم الإثنين 3/1/1428هـ، لا بد أنهم شعروا بخيبة الأمل. ففي الوقت الذي تسعى فيه حكومة خادم الحرمين الشريفين لدعم الإصلاح الشامل في جميع المجالات ودعم كل ما يخدم المواطن وتنفق الأموال والجهد المتواصل لمواكبة التقدم العلمي والنهوض بالخدمات التي تسهل تعاملات المواطنين وتسرع إنهاء معاملاتهم، وهو هدف حرص عليه خادم الحرمين الشريفين وحثّ جميع مسؤولي الدولة لتسخير الإمكانات التي تحقق الاستخدام الأمثل للتقنية والتحول إلى برامج التعاملات الإلكترونية الحكومية والتجارة الإلكترونية بهدف اللحاق بمن سبقنا من الأمم.
ومع هذا يخرج علينا أشخاص محسوبون على الطبقة المثقفة في المملكة العربية السعودية بل ممن أحسبهم عينا أمينة على هموم المجتمع ينقلون لأصحاب القرار ما يشاهدون ويسمعون من مجتمع المملكة بكل أمانة وإخلاص مستخدمين الصحافة والإعلام لتوضيح ما هو غامض من محاولات وجهد. فكثير من مشاريع الدولة قد لا يتضح مردودها للعامة ولكن بكل تأكيد تكون واضحة لكل مثقف ومتابع لعملية الإصلاح التي يقودها خادم الحرمين الشريفين والمخلصين من أبناء الوطن. صحيح أن مهمة التوضيح تقع في الدرجة الأولى على مؤسسة البريد ولكن ما طرحه بعض أولئك المثقفين (أو هكذا أحسبهم) جعلني أتعجب أحقاً هم لا يرغبون أن يكون لكل مواطن عنوان بريدي لإيصال بريده إلى عتبة داره؟ ألم يسمع هؤلاء أن الدولة متجهة بكل جهدها إلى مكننة المعاملات الحكومية وأن المواطن سينهي جميع تعاملاته الحكومية والتجارية من منزله أو مكتبه؟ وأن هذا قرار سياسي تصر الدولة على تحقيقه وتنفق في سبيل ذلك بلايين الريالات لا لشيء بل لتسهيل معاملات المواطنين. ناهيك عن أن المواطن سيتمكن مثله مثل أي مواطن في العالم المتحضر من شراء حاجياته ومتطلباته عن طريق التجارة الإلكترونية، بل إنه سيتمكن من الحصول على وثائقه الرسمية مثل جواز السفر والشهادات الدراسية وشهادات الميلاد والسجلات التجارية وشراء تذاكر السفر والخبز والحليب والدواء بأوامر إلكترونية أو هاتفية من منزله أو مكتبه.
إن هذه الخدمات لا يمكن تحقيقها بكفاءة دون نظام بريدي متطور كالذي تحمل مسؤولية تحقيقه البريد السعودي لإيصال الوثائق والشهادات والمشتريات إلى عتبة الباب. وهل يريد سعادة الكاتب الشهير ومن هم على شاكلته أن يتسلم مشترياته وبضائعه من كتب وملابس وطرود قد تكون كبيرة الحجم أو الوزن من صندوق بريده في وسط المدينة أو في أي مكتب من مكاتب البريد أم أنه من المنطق والأفضل أن يتسلمها في داره أو مكتبه؟ ومع هذا أقول لكل من ساهم بسلبية في ذلك اللقاء: لم يجبرك أحد على أن تلغي صندوق بريدك القديم ولم يجبرك أحد على أن تستفيد من هذه النهضة التي تعيشها المملكة العربية السعودية كما يمكنك رسم كروكي بسيط عندما تريد أن تشتري ثلاجة أو غرفة نوم تعطيها للبائع ليجلب لك ذلك إلى منزلك بدلاً من أن تعطيه عنوان منزلك الذي ستجده على صندوق البريد المثبت في جدار منزلك. وقد يكون من الأفضل لهؤلاء إعطاء رقم صندوق البريد القديم وانتظار الشاحنة تحت جدار مكتب البريد الذي فيه صندوقه ليرشدها إلى طريق منزله.
السفير (م)/ فريج سعيد الحربي