بعض المديرين لا يتركون مناصبهم إلا مرغمين
يبدو أنه لا حل للكفاءات الشابة والطموحة في بعض الإدارات إلا أن تُهاجر أو تتقاعد مُبكراً أو تضرب كفاً بكف، فالدماء تجمدت في عروقها وهي تنتظر الفُرص التي لا تأتي أبداً في ظل منطق التمديد المتُبع في أغلب الإدارات لمن وصلوا إلى سن التقاعد وتجاوزوه، آلاف العقول الشابة والواعدة في إداراتنا اضطرت ـ بكل أسف ـ إلى التقاعد المبكر أو العيش على الهامش، لأن عمل السلاحف لا يُناسبها ولا يروق لها، فالمديرون ومساعدوهم الذين لا يفرق بعضهم ـ عادة ـ بين السلم الوظيفي وسلم الإدارة لا يريدون الرحيل، حتى لو لم يعد لديهم جديد.
ولذلك فليس مُستغرباً ألا تمر ببعض الأماكن مُصطلحات التطوير والإنجاز والنجاح، وأن نبقى دائماً نسترجع حلول الماضي المُعقدة ونُسقطها على مشاكل الحاضر الأكثر بساطة ووضوحاً. لقد بهرتنا أسطوانات "الخبرة" المُدعاة وبالتالي أصبحنا أسرى لها ولمُردديها، مع أن علم الإدارة الحديث يقول إن الخبرة هي سنة مكررة على أصابع اليدين فقط، اليوم نشعر بالمأساة حين يقال إنه تم التمديد لفلان من الناس لأنه من الكفاءات النادرة والمميزة، ثم نكتشف بعدها أنه مجرد مدير أو مساعد أو حارس ليلي في إدارة حكومية، ونتفهم جميعاً أن يتم التمديد لطبيب أو لأستاذ جامعة أما بعض "اللخبطة" في التمديد فلا نفهمها ولا مبرر لها خصوصاً إذا عرفنا أن أغلب المديرين يستمرون من عشرين إلى ثلاثين سنة في مواقعهم بدون بصمة واضحة أو أثر خلاق، ولا يرحلون إلا بعد أن يُجهزوا بديلاً.
إنني أخشى على أولئك العاشقين والمطالبين بالتمديد أن يفارقوا الحياة وهم على الكراسي، وأن تفوتهم لذة الاستمتاع بالحياة. لقد أصبح فك البعض من الكرسي أصعب من فك اللحام، لا لشيء إلا لأنهما توحدا ولم يعد من السهولة بمكان التفريق بينهما، فسيان صافحتهما أم قبلتهما أم " طنشتهما" فهما كتلة واحدة وجسد واحد.[/SIZE]
محمد علي البريدي _ رجال
http://www.alwatan.com.sa/daily/2007-01-05/readers.htm