غدا الامتحان
----------------------------------
الاخوة الكرام دعونا نقف مع ذلك الأب الكريم ومع تلك الأم الرؤوم الرحيمة، اللذين أجهدا أنفسهما من أجل هذا الابن، فكأن كلّ واحد منهما هو الذي سيمتحن، نعم كأنه هو الذي سيمتحن غدا وليس هذا الابن، فلا يرتاح له بال حتى يغادِر ابنه إلى قاعة الامتحان، ويا للهول يا للهول لو نام الابن عن الامتحان، مصيبة عظيمة وذنب لا يمكن اغتفاره، وقد يكون ذلك، ولكن السؤال هنا: هل عملت أيها الأب، وهل عملت أيتها الأم، هل عملتما مع هذا الابن لامتحان الآخرة ما تعمَلونه الآن لامتحان الدنيا؟ هل سعيتما لإنقاذه من فشل امتحان الآخرة كما تسعيان الآن لإنقاذه من فشل امتحان الدنيا؟ هل بذلتم جهدكم المتواصل في تعليمِه وتفهيمه ما يعينه على امتحان الآخرة كما تفعلون ذلك الآن لامتحان الدنيا؟ اسألوا أنفسكم بصدق وإخلاص وبجد، اسألوا أنفسكم: هل توقظون أبناءكم لصلاة الفجر؟ وهذا الابن شاب بالغ عاقل، هل يكون هذا الحرص بنفس الحرص الذي توقظ به ابنك لحضور الامتحان؟ هل تعتني ـ بالله عليك ـ لتوجيهه وإرشاده إذا أخطأ في أمر شرعي كما تعتني بتوجيهه وتصحيح خطئه في مذاكرته؟ بل اسأل نفسك: هل أنت حريص على أن ينال الفوز في الآخرة بنفس الحرص والحماس الذي تسعى له في نجاح ابنك في الامتحانات الدراسية بتفوّق؟
أيها الأب الكريم، أيها الأب المبارك، وأيتها الأم الحنون، تذكروا جميعا أنكم مسؤولون عن هؤلاء الأبناء، ليس فقط من أجل نجاحهم في امتحان الدنيا، بل أنت والله مسؤول عنهم في امتحان الآخرة، اسمع إلى قول حبيبك ونبيك في الحديث المتفق على صحته قال : ((كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته))، إلى أن قال: ((والرجل راع ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية ومسؤولة في بيت زوجها)). إذًا اعلم ـ بارك الله فيك ـ أنّ الفوز الحقيقيّ الذي تبحث عنه لابنك هو والله فوز الآخرة، فاحرص عليه، يقول الله جل جلاله: فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ، هذا هو الفوز، فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ الْغُرُورِ [آل عمران: 185].
وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم.