خصوصية سعودية : (واسطة) حميدة !!
الكاتب: محمد الرطيان - 14/02/2012
يقول الخبر الذي نشرته صحيفة " الرياض " قبل يومين: (اعتبرت الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد " الواسطة غير الحميدة " التي تتفشى في المجتمع نوعاً من أنواع الفساد بما تحمله من أضرار اجتماعية نتيجة جهل البعض بمخاطرها) انتهى الخبر ، و .. ضع - عزيزي القارئ - تحت (غير الحميدة) ألف خط ، وبعدها عشرة آلاف علامة تعجب!
هذه "الخصوصية السعودية" رعاها الله ، فمثلما هناك زواج طبيعي – يتم أمام الله وخلقه – هناك أيضاً زواج مسيار ومسفار ووناسة وسياحي!. ومثلما هناك اختلاط مُحرم ، هناك اختلاط جائز ، واختلاط عابر ... ! وعلى نفس السياق : الواسطة غير الحميدة تعني أن هناك ( واسطة حميدة ) يجب قبولها والتعامل معها بشكل طبيعي!
هذه إحدى ملامح "الخصوصية السعودية" تبتكر لك عبر اللغة كلمات جديدة لتمرير ما يُراد تمريره !..وأحيانا يتم تغيير معنى بعض المصطلحات لتتناسب مع حاجات البعض كتسمية (الواسطة الحميدة) بـ (الشفاعة). "أجل واسطة حميدة" !! يعني كيف ؟!
الجهة المعنية في البلد بمحاربة الفساد تبتكر من الفعل الفاسد فعلاً غير فاسد ؟! .. بل وتقوم بتلميعه ، ووصفه بالحميد! ما هي أهم ملامح هذه ( الواسطة الحميدة )؟ هل عندما أتدخل لمساعدة أحدهم لكي يحصل لوالدته المريضة على سرير في مستشفى ، يعتبر هذا الأمر واسطة حميدة ؟ .. ولكن هذا الأمر – بالمنطق والعقل والقانون – يعني أن المستشفى والعاملين به : فاسدون .. ويستحقون العقاب . ثم أن (واسطتي الحميدة) لعلها أخذت السرير من أم أحدهم مرضها أشد من مرض أم صاحبي ، وحاجتها إليه أكبر . ولماذا لا تحصل الاثنتان على سرير لكل منهما دون حاجة لواسطتي الحميدة ، وهذا هو حقهما الطبيعي الذي لا يحتاج إلى واسطة .. أو استجداء من أي أحد.
الواسطة الحميدة جعلت قطاعاً معيّناً – ولفترة من الزمن – لا يعمل فيه سوى أبناء منطقة واحدة !
الواسطة الحميدة حرمت أحدهم من وظيفة بحجة نقص طوله 2 سم ومنحتها لآخر أقصر منه !
الواسطة الحميدة قامت بتعيين فرد واحد، وآلاف من خريجي التخصصات الطبية وخريجي كليات التقنية ينتظرون نظرة من "حميدة"!
الواسطة الحميدة تغض الطرف عن شهادة مزورة ، وتمنح الأرض لاسم غريب يرافقه أسماء أعيان وتجار المدينة ، وتنسى الضعفاء والبسطاء فيهم.
الواسطة الحميدة تصنع "الشبك" الذي يحوّط المساحات الكبيرة ، وتمنح الكرسي لأنصاف الموهوبين ، وتنقلك لعالم الأثرياء بـ "شخطة" قلم!
الواسطة الحميدة إذا أتت من كبار المسؤولين استطاعت أن تتجاوز كل القوانين والأنظمة بطرفة عين !
الفساد لا يتجزأ ، والواسطة – بخبيثها وحميدها – يجب أن تُحارب ويُقضى عليها ، وتستأصل كما تستأصل الأورام. أخاف أننا غداً سنقسم الفساد قسمين : فساد حميد ، وفساد غير حميد ! .. ولاحظ اللغة ، نسميه بلطف (غير حميد) حتى لا نجرح إحساسه بوصفه بـ (الخبيث)!!
الفساد: فساد ، لا اسم آخر له ولا يمكن تلطفيه باسم آخر ، ولا تلوينه بألوان مختلفة ، ومحاربته يجب أن تتم في كافة الجهات وضد كل الأسماء .. ليس فقط ضد جهات ضعيفة لا ظهر لها .. ولا بطن منتفخ !
ما عدا هذا فإن هيئة مكافحة الفساد سيتراكم أمامها كثير من قضايا الفساد!
انتهى
.
.
.
ما خُـط بالاحمـر يحكي واقع ادارات التوزيع للاسف
.
.
.
.