أكد الدكتور محمد بن صالح بنتن، رئيس البريد في دبي، أمس أن الرؤية المستقبلية لواقع السوق البريدية في المنطقة العربية يسير بتوجهات مختلفة وذلك في إطار إعادة الهيكلة والإصلاح البريدي.
وقال أمام أكثر من 600 مشارك في مؤتمر استراتيجيات اتحاد البريد العالمي الذي افتتح أعماله بدبي أمس، إن أولى تلك التوجهات تتمثل في تجربة خصخصة البريد مباشرة. ويأتي هذا من خلال إعطاء رخصة محددة في الزمن لمستثمر خاص من قبل الحكومة، وان لم تنته هذه الفترة فان التجربة لا يمكن وصفها بالنجاح الكامل نظرا لعدم المرور بمرحلة انتقالية قبل الخصخصة. وأشار الى ان التوجه الثاني هو الانتقال نحو المؤسسة العمومية ذات الصبغة التجارية والصناعية والمملوكة بالكامل للحكومة، وان هذا التوجه هو الأكثر حضورا، حيث تضمن الحكومة سيطرتها على القطاع للاستفادة الاجتماعية منه وتجعله يتطور ويلعب دوره الاقتصادي والاجتماعي. وقال إن هناك توجها آخر وإن كان ينطلق من التوجه السابق حيث التحول إلى المؤسسة العمومية ذات الصبغة التجارية الصناعية إلا انه مكنها من المزيد من التفتح على محيطها وذلك بإحداث مؤسسات ملحقة مختصة كالبريد السريع أو البريد العادي، والأمن، والشحن وغيرها، غير أنها مملوكة بالكامل للمؤسسة أو عن طريق شراكة مع القطاع الخاص، وهذا التوجه والذي سبقه يمثلان المستقبل للبريد في المنطقة العربية. أما التوجه الأخير، وفق الدكتور بنتن، فهو الإبقاء على الوضعية الحالية، ويعني إدارة بريدية تحت إشراف وزارة من دون الخروج عن المألوف ومع تطوير هذه الإدارة وتحسين نوعية خدمتها. وحول التحديات المستقبلية التي تواجه البريد في المنطقة العربية، اشار مدير مؤسسة البريد السعودي الى ان هذه أخطر هذه التحديات التي تعيشها الكيانات البريدية العربية ويتمثل في تأثير العوامل السياسية والاقتصادية على الأوضاع المهنية البريدية. واعتبر أن التحدي الأهم هو المادي والتقني، فالعالم ينقسم إلى دول غنية تمتلك المال والصناعة والتقنيات الحديثة ،ودول اقل مقدرة في امتلاك هذه الإمكانيات، ودول أكثر فقرا تنعدم لديها كل هذه الإمكانيات، فالكل مطلوب منه أن يقدم خدمات بمستوى متقارب، وانه من الطبيعي أن تزداد الفجوة الرقمية باختلاف الإمكانات، وبالتالي فإن الدول والبلدان العربية تقع في الوسط بين هذه الفئات الثلاثة وان اختلف بعضها عن البعض اختلافا نسبيا. وقال انه لكي تتحقق المعادلة الصعبة فان جهودها يجب أن تكون مضاعفة، وعلى سبيل المثال فان أي دولة في المنطقة إذا ما أرادت أن تجاري الدول المتقدمة باستخدام الوسائل الحديثة في تأدية الخدمات فان عليها أن توفر أموالا طائلة لا طاقة لها بها. تجدر الإشارة الى ان المؤتمر ينعقد مرة كل اربع سنوات ويحضره في دبي حاليا نخبة من الخبراء وصناع القرار من أكثر من 130 دولة حول العالم، بينهم أكثر من 40 وزيرا، وعدد من رؤساء وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، بالإضافة إلى ممثلين عن شركات القطاع الخاص، وذلك لمناقشة القضايا والأمور التي تؤثر على قطاع البريد اليوم، والعمل على صياغة استراتيجية جديدة سيتم تبنيها خلال أعمال مؤتمر اتحاد البريد العالمي الذي سيعقد في العاصمة الكينية نيروبي عام 2008.