نظراً للسلبيات الاجتماعية والآثار الجانبية التي تعرضت لها الأسر مؤخراً نتيجة نكاح الشغار (البديلة) هذا النكاح الذي تتبعه بعض القبائل بأن تتبادل فيما بينها بزواج أخ وأخته أو أب وابنه وغيرهم من أفراد العائلة مع عائلة اخرى وغالباً يكون بدون صداق أو يكن لاحد من الأطراف ابداء الرأي بالرفض والقبول ويكون هناك شروط معينة يتقيد بها الأطراف المتبادلة في الزواج.. ونتيجة ذلك أن تظهر نتائج سلبية جداً إذا فشل زواج أحد الأطراف وانتهى بالطلاق لابد أن يتم طلاق الآخرين المتبادلين معهم وهكذا ومثل هذا النكاح يعرف بالبدل وعلمياً (الشغار).
«الرياض» اجرت هذا التحقيق حول واقع نكاح الشغار ومساوئه.
مفهوم الشغار
الشغار استنكاح تبادلي كانت تلجأ اليه العرب في الجاهلية بأن تتزاوج من خلال تبادل امرأتين من بنات الرجلين العازمين على الزواج أو اختيهما على أن تكون المرأة المعطاة بمثابة المهر المقدم للمرأة التي سيتزوج منها، ولفظة الشغار جاءت من شغر الكلب ثم استعمله الفقهاء فيما بعد كناية عن رفع المهر عن عقد النكاح ورغم ان النبي عليه الصلاة والسلام قد نهى عنه نهياً صريحاً: لاجلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام فقد ظل تأويل الصداق مثار اجتهادات من الفقهاء اضافة إلى تأويل النهي ذاته وفيما كان يقتضي ابطال النكاح ام لا.
وعلى أية حال ورغم التحريم الظاهري لهذا النمط من النكاح فمن الواضح انه يسود بين اوساط الفئات الفقيرة التي تعجز عن ايفاء المهور.
قصص مؤلمة
السيدة ح. ع محرومة من رؤية ابنائها ثماني سنوات تقول: لقد زوجني والدي وأنا ابلغ من العمر تسع سنوات من أحد ابناء قبيلتنا الذي تنقل كثيراً خارج وداخل المملكة ولم يكن مستقراً نفسياً أو معنوياً أومادياً وذلك مقابل زواج ثلاث من قريباته بأشقائي الثلاثة حيث تم التبادل بين العائلتين مقابل زواج ثلاث من البنات دون قبض الصداق (المهر) وأهم شرط في ذلك انه إذا فشل زواج أحد منا وتم الطلاق يقوم اشقائي كذلك بتطليق زوجاتهن مهما يكن الأمر.. ولذلك ومنذ زواجي المبكر الذي دام أكثر من خمسة عشر عاماً وأنا اعاني كثيراً من هذا الزواج فقد طلقني عدة مرات ومنذ ثماني سنوات طلقني لفظاً وطردني من المنزل واخذ ابنائي الخمسة واعطاني فقط الابنتين الصغيرتين جداً وأنا حالياً اقيم في منزل والدي المسن الذي يعاني من الظروف المادية والمعنوية ومن ذلك اتنقل بين بيوت اشقائي اعاني من اضطهادهم وغضبهم الثائر كلما زارهم الزوج الذي لا يفكر اطلاقاً في منحي فرصة لزيارة أو رؤية ابنائي وعقب كل زيارة يقوم بها تزداد مناصرة اشقائي له لانه استغل زواجهم من قريباته وهم مع ذلك يعاملونني معاملة قاسية تمتد من الضرب المبرح والشتم امام بناتي الصغيرات وحرماني الدائم من احتياجاتي المادية والمعنوية.. واخيراً وبعد أن ضاقت بي الحال لجأت لامام مسجد الحي وشكوت له حالي فرثى لحالي ووعد بأن يساعدني ولكن والدي بين له وللجميع بأن تلك أمور أسرية لا يجب ان يتدخل فيها أحد.. واخيراً بعد توسط فاعلي الخير لايجاد حل نافع وليس بضار لاشقائي وزوجاتهم فكانت نتيجة ذلك أن طلب زوجي مبلغ 50000 ألف ريال فقط مقابل أن يعطيني أبنائي ويطلقني لانه لا يريد ارجاعي ولم شمل العائلة لمعرفته انني لا أملك شيئاً من المبلغ المطلوب وظروف عائلتي المادية صعبة جداً.
معلقة منذ 10 سنوات
ومن القصص المؤلمة لزواج الشغار تروي السيدة ن.م.. المعلقة منذ عشرسنوات مأساتها قائلة منذ أربعة عشر عاماً تزوجت بطريقة الشغار بعد أن تم دفع صداق بمبلغ تم الاتفاق عليه من قبل العائلتين وكان زواجنا معلق بشروط معينة. وانجبت اثنين من الأبناء وبعد ذلك طلق شقيقي زوجته التي هي بديلة لي (شغار) بعد أن انجبت منه كذلك ابناً واحداً وكان من الممكن ان يطلقني زوجي كذلك ولكنه تراجع اخيراً بعد أن عرف أن ذلك حرام ولكن عائلته كانت تصر على الطلاق فاكتفى بهجري وأبنائي منذ عشر سنوات وأنا معلقة وأعيش في منزل والدي إلى يومنا هذا وتزوج والد ابنائي باخرى وأنجب أبناء وبعد أن كان يقوم بزيارتنا وابناؤه من حين لآخر اخذ يهملنا بالتدريج إلى أن نسي مسؤوليته تجاهنا بينما ابناؤنا يتساءلون عن وضعنا حالياً ويتساءلون عن الأسباب التي أبعدت والدهم عنهم طالما أننا ليس مطلقين ولذلك حاول اشقائي التدخل في الأمر واصلاح ذات البين ولكن مازال والد زوجي يصر على عدم العودة وزوجي يرفض تطليقي وأنا وأبنائي نعاني من الحيرة والقلق والشتات ومازالت الجهود من قبل عائلتي حثيثة لوضع حد لهذا التعلق الذي اعاني منه ومازال أملنا بالله تعالى كبيراً في أن يوضع حد لذلك.
ص.ع معلمة في المرحلة الثانوية كبرت ولم تتزوج وتبلغ من العمر 41 عاماً هي ضحية زواج الشغار الذي تحدثت شخصياً عن نتيجة فشل اتمام زواجها من ابن عمها فقالت.. عادة قبيلتنا زواج ابن العم من ابنة العم وغالباً ما يكون بطريقة الشغار الذي لا يقتضي دفع صداق وحيث انني كنت صغيرة على الزواج تم زواج شقيقي على ابنة عمي مقابل زواجي إذا كبرت بشقيقها ولكن ابن عمي لم يشأ الانتظار لانه كان يكبرني في العمر فتزوج باخرى من بنات القبيلة بعد ان اتفق مع والدي على اتمام زواجنا إذا كبرت.. ومرت السنين وحان وقت زواجي ولكن ابن عمي لم يتقدم لاتمام الزواج وتعلل بظروفه المادية والأسرية وكثرة المسؤولية التي يتحملها بكونه انجب اولاداً وبناتاً وخلال سنين الانتظار اكملت تعليمي وتم تعيني معلمة ومضت عشر سنوات للآن وابن عمي لايحرك ساكناً وأخيراً وبعد اقناع العائلة قرر ابن عمي الزواج مني ولكن بشروط تعجيزية كان اولها أن أتحمل مسؤوليتي المادية كاملة مثل السكن وغير ذلك من متطلبات الحياة فغضبت عائلتي كثيراً وتم فسخ عقد النكاح الذي دام سنوات وسنوات بعد أن بلغت سن الاربعين عاماً ولأن عائلتي تتقيد كثيراً بالتعصب القبلي فهي بلاشك لن تقبل بزواجي من أي شخص آخر اضافة إلى ما مضى نتيجة زواج الشغار.
رأي الدين في نكاح الشغار
فضيلة الشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن جبرين قال: في حكم زواج البدل كاستبدال الأخوان كل واحد بأخته أو الآباء كل واحد بابنته وحكم من أنجب اطفالا.. قال هذا نكاح الشغار ولا يجوز إذا كان هناك شرط كأن يقول: «لا أزوج ابنك إلا إذا زوجت ابني حيث انه لابد من اكراه المرأتين أو احداهما، فاذا رضيت المرأتان وكان الرجلان ذوي كفاءة واعطيت كل منهما حقها ولم يكن هناك شرط جاز ذلك.
من جانبه المأذون الشرعي فريد أحمدالعجرفي.. قال: من المعلوم ان الشارع الحكيم لم يحرم امراً من الأمور الا لما لذلك التحريم من أهمية قد لا يدركها المسلم الا بواقع المشكلة وقبل أن اتطرق للحديث عن نكاح الشغار أو ما يسمى في العرف المحلي (البدل) اجده لزماً ان نتعرف على التعريف الإسلامي والشرعي للشغار.
فالشغار بكسر الشين سمي شغاراً لخلوة من العرض ومنه قولهم شغر المكان إذا خلا وقيل من شغر الكلب إذا رفع رجله يبول شبه قبحه بقبح بول الكلب.
وفي الشرع ان يزوج رجل رجلا ابنته أو أخته ونحوهما على أن يزوجه الآخر ابنته أو اخته ونحو ذلك. وقد اجمع العلماء على تحريمه لحديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما ان النبي صلى الله عليه وسلم «نهى عن الشغار والشغار أن يزوج الرجل ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما صداق» - متفق عليه.
وانما حرم الله نكاح الشغار لأن الولي يجب عليه أن يزوج موليته إذا خطبها كفوء ويجب أن يكون نظره لها نظر مصلحة لا نظرة شهوة والصداق حق لها لا حق له وليس للولي ولا للأب أن يزوجها الا لمصلحتها وليس له ان يزوجها لغرضه. وبمثل هذا تسقط ولايته ومتى كان غرضه أن يعارضها باخرى ولم ينظر لمصلحتها وصار كمن زوجها على مال له لا لها وكلاهما لا يجوز، فلو سمي صداقاً حيلة والمقصود المشاغرة لم يجز وان المتتبع للحقيقة يجد أن من اعرض من منهج الإسلام قد وقع في هذا الباب الذي لا تنتهي مشاكله وانني من خلال تجربتي في هذا المجال أي عمل مأذون للانكحة نجد وله الحمد ان هذا الفعل اخذ في الانقراض بسبب تعلم الناس وتفهمهم في أمور دينهم ولكن لا يمنع من وقع ذلك من بعض الجهلاء وانني اتذكر قصة من حوالي عشر سنوات نتيجة زواج الشغار انه حصل خلاف بين أحد الزوجين فطلق احدهما فقالت أم زوج المرأة الاخرى لابد أن تطلق ابنتهم كما طلقوا ابنتنا وفعلا طلقها مع اصرار الوالدة على ذلك وتربى الأطفال بعيدين عن ابويهما والسبب الجهل.
( ( ( منقول ) ) )
إحترامي
محمد الجساس
رد مع اقتباس
