«انتل» و«نوكيا» عملاقتا الإلكترونيات والجوال تخططان مستقبل الاتصالات اللاسلكية السريعة بالإنترنت
في حدث سوف يمهد لثورة في عالم الإنترنت اللاسلكي والاتصالات الهاتفية الجوالة، اعلنت شركة «انتل» العملاقة للرقائق الإلكترونية وشركة «نوكيا» الرائدة في تقنيات الهواتف الجوالة، عن اتفاق لاعتماد تقنيات «واي ماكس» WiMax للاتصالات اللاسلكية البعيدة المدى والسريعة بالإنترنت، كمعيار اساسي يحدد مواصفات الاتصالات الجوالة بالنطاق العريض للإنترنت.
وسيقود هذا الاتفاق الذي اعلن الاسبوع الماضي، الى توحيد الجهود لتأمين التطوير السريع لتقنيات متقدمة مندمجة للاتصالات السريعة بالإنترنت، بدلا من توجه كل شركة او مجموعة من الشركات لتطوير تقنيات خاصة بها وبالاجهزة الكومبيوترية او الهاتفية على انفراد.
وتدخل «انتل» في مجموعة لتطوير «واي ماكس» Wireless Max وهي التوصيلة اللاسلكية القصوى لمسافات كبيرة، تمييزا لها عن «واي فاي»WiFi Wireless Fidility، اي النقاوة اللاسلكية المستخدمة للاتصالات القصيرة المدى. ويمكن لشبكة «واي ماكس»، توصيل اي كومبيوتر جوال لاسلكيا مع نقطة مثبتة او محطة ـ قاعدة تقع على بعد اميال عنه، سواء كان الكومبيوتر في موقع غير متحرك، او في موقع جوال كالسيارة، وذلك حسب مواصفات محددة منفصلة لكل من الحالتين. وفي نفس الوقت تطور «نوكيا» تقنياتها الخاصة لشبكة الجيل الثالث من الهاتف الجوال التي تؤمن تواصله بالنطاق العريض للإنترنت ولكن بسرعات اقل من سرعات ضخ البيانات عبر «واي ماكس». وسيعني الاتفاق تخلي «نوكيا» عن تقنياتها تلك والتوجه الى «واي ماكس».
* اتفاق العملاقين
* واعلنت الشركتان ان التعاون في ما بينهما سينصب على «التعجيل في التطويرات وانتقاء التقنيات اللاسلكية اللازمة ونشرها». ويدور محور الاتفاق حول التأكيد على الالتزام بمواصفات ومقاييس 802.16e المخصصة لاتصالات «واي ماكس» اللاسلكية للنطاق العريض. وتسمح الاجهزة المصممة بهذه التقنيات الاتصال باي نقطة ثابتة موصولة بالإنترنت خلال تجوال الاجهزة.
ولم يتم التوصل الى اقرار مواصفات 802.16e هذه رسميا، كما انها لا تتطابق مع مواصفات 802.16d المخصصة لأجهزة شبكة «واي ماكس» غير المتحركة اي المخصصة للكومبيوترات الجوالة مثلا ضمن المنزل او الدائرة او المكتب او المقهى التي تتصل سريعا ولاسلكيا بالإنترنت.
وتعهدت «انتل» بوضع الحلول لعدم التطابق هذا بين المقياسين بعد تطوير اجهزة خاصة للتوافق بينهما وتكييف كل مواصفة مع الاخرى.
* اتصال متحرك
* وقد وضعت مواصفات 802.16e لشبكة «واي ماكس» للاجهزة المتحركة اعتمادا على مواصفات الهاتف الجوال ولذلك فان خبرات «نوكيا» تبدو مهمة جدا لشركة «انتل». وكانت «نوكيا» تدعم جهود تطوير شبكة للاتصالات خاصة بالجيل الثالث للهواتف خصوصا تقنيات ما يسمى بتقنيات الدخول الى «حزمة البيانات عالية السرعة» High Speed Data Packet Access (HSDPA). وتزيد هذه التقنيات من سرعة استقبال اجهزة الجيل الثالث للهواتف الجوالة للبيانات من الإنترنت.
اما التقنيات الاخرى التي تساهم «نوكيا» في تطويرها فهي «حزمة الارسال عالية السرعة» High Speed Uplink Pack Access HSUPA التي تؤمن ارسال المستخدم بياناته بسرعة. ومن المقرر ان يختبر عدد من الشركات التقنيتين لاول مرة نهاية هذا العام بأمل نشرهما العام المقبل.
وتتيح تقنيات حزمة الاستقبال عالية السرعة، سرعة 14 ميغابت في الثانية بينما تؤمن حزمة الارسال العالية السرعة، سرعة 5.8 ميغابت في الثانية. وستسمح هذه السرعات بممارسة تطبيقات تفاعلية اكبر على الهاتف الجوال.
وانصبت الجهود اخيرا على توحيد تقنيات 802.16e مع تقنيات الجيل الثالث للهاتف الجوال خصوصا بعد ان اشار الخبراء المناصرون للتقنيتين الى انهما تتسمان بجوانب تدعم اندماجهما.
* مزايا ونقائص
* من الواضح ان «واي ماكس» ناجحة في توفير بديل لشبكة الجيل الثالث من الهاتف الجوال، لأن اهم مزاياها يكمن في تأمينها لنقل البيانات بالنطاق العريض للإنترنت مما يتيح نقل النصوص والصور والصوت بسرعة. ومع ذلك فان تقنيات «الحزمات العالية السرعة» للهواتف الجوالة سوف تؤمن نوعا من السرعة كما لن تكلف تحسيناتها اللاحقة اموالا كثيرة.
ويضاف الى ذلك ان «نوكيا» تطور ايضا تقنيات خاصة بها تسمى I-HSPA لهواتف الجيل الثالث الجوالة تؤمن سرعة كبيرة للاتصالات الجوالة والثابتة.
وبعد خسارة «انتل» في احتلال موقع متميز لها في تطوير تقنيات «واي فاي» فانها تأمل الآن بأن تتحكم بمستقبل «واي ماكس» الأبعد مدى بمساعدة عملاق الصناعات الهاتفية «نوكيا».
* اختبارات «واي ماكس»
* تجري في الولايات المتحدة حاليا اختبارات على فاعلية شبكة «واي ماكس» والاجهزة المصممة للعمل معها. وقد عرضت شركة «ريد لاين كومينيكيشن» اثناء انتظام معرض «سوبركوم» في شيكاغو بداية هذا الشهر، اجهزة تنوي اختبارها الشهر المقبل اثناء انعقاد منتدى «واي ماكس».
كما عرضت شركة «أبرتو نتوركس» خطوطا لـ «واي ماكس» وتقدمت شركات اخرى بخطط ومقترحات لتنفيذ شبكاتها بحلول نهاية هذا العام. وسوف تبدأ الاختبارات الشهر المقبل بهدف الحصول على اجازة لتشغيل نظم «واي ماكس» المثبتة (غير المتحركة او المتجولة) التي تعتمد على مقاييس 802.16 ـ.2004 وقد وضعت مواصفات هذه المقاييس على غرار مواصفات خط الاشتراك الرقميDSL والكابلات، ومواصفات «واي فاي» اللاسلكية القصيرة المدى. وبامكان شبكات «واي ماكس» بهذه المواصفات ارسال الصوت والصور والنصوص لعدة اميال لاسلكيا نحو اجهزة المشتركين في مواقع غير متحركة كالمنازل والمكاتب.
وسوف تعرض «ريد لاين» اجهزة طورتها بالاعتماد على رقائق إلكترونية من «انتل» هي Pro/wireless S116 ومحطة ـ قاعدة اتصال صممها مهندسو الشركة. ووضعت الشركة احدى محطاتها على برج وسط شيكاغو على مبعدة 4.5 ميل (7 كلم تقريبا) عن موقع المعرض وقاعدة اخرى على مبعدة 1.5 ميل (2.5 كلم تقريبا). ونجحت الاتصالات في استقبال البيانات بسرعة 25 ميغابت في الثانية وفقا لما اعلنه ميث داوسيت نائب مدير الشركة.
كما أعلنت شركة «آي بي ام» العالمية للكومبيوترات انها تخطط ايضا لادخال شبكة «واي ماكس» ضمن شبكاتها الموجهة لخدمة زبائنها من الشركات الكبرى. وتختبر «ريد لاين» الشبكة على ترددات 3.5 غيغاهرتز وهو نفس التردد الذي تطور فيه شبكات «واي ماكس» في عدد من دول العالم منها بريطانيا. اما «أبرتو» فقد عرضت خطوط «باكيت ماكس» PacketMax. ويحتوي الخط على ثلاث محطات ـ قواعد مختلفة بسعاتها تخصص لقطاع الاعمال والمستهلكين وللادارة البسيطة. وسوف تفرض الشركة رسوما على خطوطها بحدود 400 الى 600 دولار لكل مشترك بالمحطة. وتنوي الشركة اختبار شبكاتها في مختبر تقني في اسبانيا الشهر المقبل على ترددات 2.5 غيغاهرتز و5.8 غيغاهرتز.
وكان خبراء اميركيون واوروبيون قد حذروا من احتمال تخلف اوروبا في ميدان الشبكات اللاسلكية للاتصال السريع بالإنترنت، نتيجة الاخفاق في وضع ضوابط العمل في هذا المجال. وحذر ستيفن ويلمان رئيس مؤتمر «واي ماكس» الذي نظمه منتدى «واي ماكس» في لندن الشهر الماضي من تدني الحماسة في هذا المجال. الا ان اتفاق «انتل» مع «نوكيا» سيقود لا محالة لانتعاش التوجهات الاوروبية نحو شبكة «واي ماكس».