عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ:
(كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَنَظَرَ إِلَى الْقَمَرِ لَيْلَةً، يَعْنِي – الْبَدْرَ –)، فَقَالَ:
"إِنَّكُمْ سَتَرَوْنَ رَبَّكُمْ كَمَا تَرَوْنَ هَذَا الْقَمَرَ، لَا تُضَامُّونَ فِي رُؤْيَتِهِ، فَإِنْ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَلَى صَلَاةٍ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا، فَافْعَلُوا".
(ثُمَّ قَرَأَ): [وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ].
قَالَ إِسْمَاعِيلُ: (افْعَلُوا لَا تَفُوتَنَّكُمْ).
* رواهـ الـبـخـاري.
-----------------------
(فتح الباري بشرح صحيح البخاري)
قَوْلُهُ: (لَا تُضَامُونَ):
أَيْ: لَا يَحْصُلُ لَكُمْ ضَيْمٌ حِينَئِذٍ، وَالْمُرَادُ: نَفْيُ الِازْدِحَامِ.
وَسَيَأْتِي بَسْطُ ذَلِكَ فِي كِتَابِ التَّوْحِيدِ.
قَوْلُهُ: (فَإِنْ اِسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا):
فِيهِ إِشَارَةٌ إِلَى قَطْعِ أَسْبَابِ الْغَلَبَةِ الْمُنَافِيَةِ لِلِاسْتِطَاعَةِ كَالنَّوْمِ وَالشُّغْلِ وَمُقَاوَمَةِ ذَلِكَ بِالِاسْتِعْدَادِ لَهُ.
وَقَوْلُهُ: (فَافْعَلُوا):
أَيْ: عَدَمَ الْغَلَبَةِ، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَمَّا ذُكِرَ مِنْ الِاسْتِعْدَادِ.
وَوَقَعَ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ الْمَذْكُورَةِ "فَلَا تَغْفُلُوا عَنْ صَلَاةٍ" الْحَدِيثَ.
قَوْلُهُ: (قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا):
زَادَ مُسْلِمٌ "يَعْنِي الْعَصْرَ وَالْفَجْرَ".
وَلِابْنِ مَرْدَوَيْهِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ إِسْمَاعِيلَ "قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ صَلَاةُ الصُّبْحِ، وَقَبْلَ غُرُوبِهَا صَلَاةُ الْعَصْرِ".
وَقَالَ اِبْنُ بَطَّالٍ قَالَ الْمُهَلَّبُ:
قَوْلُهُ: "فَإِنْ اِسْتَطَعْتُمْ أَنْ لَا تُغْلَبُوا عَنْ صَلَاةٍ": أَيْ: فِي الْجَمَاعَةِ.
قَالَ: وَخَصَّ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ، لِاجْتِمَاعِ الْمَلَائِكَةِ فِيهِمَا، وَرَفْعِهِمْ أَعْمَالَ الْعِبَادِ، لِئَلَّا يَفُوتَهُمْ هَذَا الْفَضْلُ الْعَظِيمُ.
-----------------------
وأسأل الله لي ولكم التوفيق
وشاكرة لكم حُسْن متابعتكم