هاهي قد أغلقت الباب خلفها وتسللت تحت ذلك اللحاف الذي دوماً تستجدي منه لمسة الحنان الضائعة خلف حدود البعد عن الأهل والوطن ،
تغمض عينيها لعل جزء من الثواني يجلب لها لمسات يدي والديها لتصل حسها فتمدها بالرضى عن بعدهم وتواجدهم الغائب في أعماق العقل الذي لا يمكن أن يحله شيء مما حولها ،
أنهكها تعب اليوم ما بين أروقة الجامعة وتعاقب التدريب ، قد فجر في أنحاء جسدها المنهك رغبة بالنوم لكن كيف لهذا الوقت أن يسرقها من التفكير بوالديها ومنزلها ،
آآآآه لو أن هذه الجدار تجعلها تحس أنها تنام بين النجوم و ضوء قمر يذكرها بوجه والدتها وسكون ليل يفكرها باتزان والدها ونقاء سريرة تجعل الجدار لا تطبق على أضلعها ولا تجعل صوتها المخنوق في دهاليز الليل الموحش في غربتها يتآكل كا الصدى وتنظر له بقهر لا حول لها ولا قوة لأن هذا هي ما اختارته ،
كيف لو أن هذه الغرفة هي غرفتها القديمة حيث تستطيع التحرك بحرية للصعود والنزول بحركات خفيفة تضرب بها الأرض كيف تشاء فلا تخاف من شيء ،
كيف لها أن تطلب من الحارس أن يفتح لها الباب تخرج لقليل من الوقت تستنشق شيئاً من الهواء في الحديقة لعلها تستنجد لكن هيهات لها فما إن تدق الساعة الثامنة والنصف إلا والحارس يحمل بيديه سلاسل أصواتها تجلب لها الذعر ، آه إنها سلاسل غلق الأبواب حتى الحديقة ممنوع الخروج لها أو البقاء فيها لساعة متأخرة لالالالالا لا يمكن هكذا كل يوم هذا التفكير وهذه الجدار وهذه الغرفة , وهذا الصوت
لا مجال لغير ذلك فيأخذها النوم وهي على وسادة تتخيلها كتف والدها ودموع تنساب تطلبه ليكون بقربها وتتشبث بأحضان والدتها بين ثنايا لحاف تكره أن تغيره فتفقد رائحتها منه
حاولت أن أنقل مشاعر إنسانة عاشت الغربة للدراسة ولم تحس إلا بالمرارة خلال غربتها عن وطنها فهذه مشاعرها كما تحدثت بها
تحياتي