على مدى السنين الماضية من مسيرة البريد السعودي تراكمت الكثير والكثير من المشاكل التي اثقلت كاهل البريد اليوم حتى عزف المواطن عن خدماته واصبح مغيبا عن اداء الدور المراد منه بشكل شبه كامل ، لم يكن البريد يعاني من نقص الكوادر كما هي الحال في الادرات الاخرى بل كان يعاني في بعض اجزائه من تخمة وتراكم للموظفين ، لكنه كان يعاني من التخلف عن ركب التطور وانعدام التجديد فيه او حتى محاولة التجديد ومسايرة واقع الحياة المتسارع ، فقد بقى البريد يعالج الرسالة بنفس الأسلوب المتبع عندما وضعت انظمة البريد أول مرة ، واصبح موظف البريد يتعامل مع الزبون كالمنعم المتفضل عليه في وقت كانت فيه شركات النقل السريع تتسابق الى استقطاب هذا الزبون وتقديم ماتستطيع من التسهيلات له حتى سحب البساط من البريد تماما وتحول الكثير من زبائنه الى الشركات الأخرى ( وحتى كبار العملاء ) .
ومع بزوغ أول أشعة الشمس الجديدة تبددت خيوط الظلام وانحسرت الكثير من الفطريات التي لم تبرح اماكنها سنين عديدة .. بدأت مسيرة التجديد المباركة أصبحنا بفضل الله ثم بفضل الجهود المخلصة مغبوطين من اخواننا في الادارات الأخرى بعد أن كنا نستجدي من ينقلنا من قطاع البريد ...
هنا وهناك تتعالى بعض الاصوات هناك من يطالب بالمزيد من المزايا المالية مع أنه لم يتقدم في نفسه خطوة واحدة الى الامام ، وهناك من يقترح ادخال بعض الخدمات وهناك من وهناك ...... الخ ، وهناك الكثير ممن يبدون عدم الرضا عن حال الادارات التي يعملون بها أو بألاصح المدراء الذين يتربعون على ارثهم التليد الذي لايشاركهم فيه أحد ...
هناك من تتعالى اصواتهم ممن رأوا في رئاسة مؤسسة البريد منقذا سمح لهم بنطق الكلمات التي كان بعضها جرما عظيما ، تتعالى الاصوات ونداءات الاستغاثه جراء التخبطات الادارية التي تحصل وتمس الموظف بشكل مباشر ...
أن ظهور هذه الأصوات وفي اكثر من مكان يدل على وجود خلل ما ، خلل يحتاج الى علاج سريع وفعال في نفس الوقت .
أن أي منطقة بريدية هي صورة لاستراتيجية مديرها وطريقة تعامله مع ظروفها ، من المؤسف حقا أن الكثير من مدراء العموم ليس لديه الدراية الكافية في الادارة وهذه حقيقة يجب أن نعترف بها حتى لو قيل أن بعض هؤلا يحمل شهادة جامعية .. فالشهادة الحقيقة هي مستوى الاداء ومواكبة الخطط الطموحة للمؤسسة وكذلك مستوى الرضاء الوظيفي لدى العاملين في الادارة ... فالموظف اذا كان ممتعض من شيء ما فلا يمكن أن نفترض اداء كاملا منه .
.. في رأيي المتواضع أن البريد يحتاج الى غربلة سريعة واعادة هيلكة تبدأ بازالة بعض النصب التذكارية التي تتربع على قمة الهرم الاداري في بعض المناطق واستبدالها باكفاء يمكنهم في وقت وجيز معالجة أكبر قدر من المشكلات المتراكمة جراء السنين السابقة التي مر بها البريد والتي تطفو على السطح في وقت نحتاج فيه الى ابعاد هذه المشاكل والعمل يدا بيد ( أي أن نجتمع ولانفترق ) وبالتالي تهيئة جو أفضل للموظف حتى يتمكن من اداء المهام المنوطة به دون أن تمارس عليه أي ضغوطات قد تستهدف في بعض الاحيان وظيفته التي تعتبر مصدر رزقه مما يجعله يتحول الى شخص شرس جدا في سبيل الدفاع عن وظيفته ..
من اعظم مصائب البريد التي ابتلي بها على طول مسيرته السابقة وجود مسؤولين لايفهمون معنى العلاقات الانسانية ولايولونها اي اهتمام ، فتراهم يديرون اداراتهم او مناطقهم بمقتضيات الانظمة والقرارات الادارية والتي بدورها تلجم من يحاول أن يتفوه بكلمة ، ومن الطبيعي والحال كذلك أن يكون الموظف عدوا وضدا لمديره وسيعمل ضد مايريد مديره كردة فعل طبيعية جدا منه ، الامر الذي لايؤدي بأي حال من الاحوال الى تحقيق الاهداف العليا للمؤسسة ...
أقول كل ماسبق وأنا على يقين بأن الامور ستسير باذن الله رغما عن هذا المدير المتعجرف وكذلك ذاك الموظف المغلوب ولكنني اتمنى أن تسير الأمور على أفضل حال ، وبكل تأكيد فان أفضل الحال ليس هو الحاصل الان في كثير من المناطق البريدية ...
دمتم بكل الود ،، محبكم نكبة زماني ..