هكذا نشتري «الأخطار» بأيدينا
وضعنا مواصفة لأحمر الشفاه فقامت الدنيا، ثم اكتشفنا أن البحر رمى لنا كل شيء «خارج المواصفات»..!
أمراض (عديدة) تغزونا في (عقر دارنا) كل يوم، بل كل ساعة.. وأمراض اخرى يحملها لنا (قوم) لا ضمير لهم على الاطلاق..
وأمراض من هنا، وهناك تحملها لنا المياه الصحية، أو غير الصحية، وكذا ادوات الأكل، والشرب، وكذا قطع غيار السيارات، وقطع الكهرباء، وكذا الملابس التي نرتديها، ومواد التجميل التي نستخدمها، وخضار، وفواكه تأتينا من كل بلد لا نعرف (حقيقتها)..
وهذه (الاخطار، أو الأمراض) نحن الذين نذهب إليها بأقدامنا، وندفع الأموال فيها لنقع (ضحايا لها) دون أن نعرف، أو ندري، أو ندرك (كما المجهول يأتي الينا، وكما المجهول نذهب إليه)..
مياه الشرب التي نتناولها، ونطبخ بها، ونغسل أنفسنا، وملابسنا بواسطتها هي - منذ زمن - محل شك، وريبة فهناك من يقول أن مياه الشرب القادمة لبيوتنا (عبر الانابيب) كثيرة الاملاح، وهناك من يقول أن مياه الشرب (الصحية) قليلة الاملاح، وفي الحالتين هناك خطر على الصحة..؟
وعلى سبيل المثال أيضاً نشتري العطور المقلدة، الرديئة، ومعها ادوات التجميل وهي تحمل معها العديد من الأمراض الجلدية، ولا احد يمنع بيعها -علناً - في الاسواق..
وهناك كذلك (أواني الطبخ) التي تفرز سموماً مختلفة (على رأسها الصدأ) الواضح في داخلها، وهناك (السجاد) الذي نفرشه في بيوتنا لينقل للكبار، والصغار أمراض الحساسية، والربو نتيجة (رداءة هذا السجاد)..
ملابس نشتريها من هنا، وهناك شكلها العام (يبرق) لكن ارتداءها يقودنا لسلسلة من الأمراض، وهي - أي هذه الملابس - تباع في كل مكان، ولاصحابها تصاريح رسمية، وهناك باستمرار العروض المغرية لها لتصريف المزيد منها، وتحقيق مكاسب جديدة من الأمراض المعروفة، وغير المعروفة. وهناك (حشد هائل) من (المأكولات، والمشروبات، والملبوسات) لو تم فحصها فحصاً صحياً دقيقاً، وأميناً لاعيدت للبحر مرة ثانية كما جاءت منه في المرة الاولى..
وليس في هذا أي جديد فنحن نرى البحر بعيداً - وهو قريب - فنلقي بهذه المواد، والادوات إلى - صفائح الزبالة - إلى أن تصاب بالتخمة، وترفض المزيد فنلقي بالمزيد من حولها..
استيراد عشوائي «ضخم»
نستطيع أن نقول بمنتهى الثقة اننا - عبر عدد من التجار الصغار - قمنا بأعمال استيراد عشوائي ضخم، ومن بلدان غير محسوبة على خارطة (الجودة التجارية) بقدر ما هي محسوبة على خارطة العمالة التي تديرها، وجشع - بعض ضعاف النفوس - في سبيل تحصيل (مكاسب) سريعة، وعاجلة على حساب (صحتنا) وعلى حساب (سلامتنا).. وفي اطار (جهلنا) وعدم معرفتنا بهذه (الاخطار) ذات المفعول (السريع، وذات المفعول البطئ) وفي الحالتين نحن الضحايا..
والواضح، وشبه المؤكد أن معظم التجار قد اغلقوا بوابة الغرب، وفتحوا بوابة الشرق - على مصراعيها - لاستيراد البضائع الرديئة الجودة، والرخيصة الثمن ظناً منهم أن هذا السلوك هو الطريق السليم لتحقيق أرباح هائلة، وسريعة: المبيعات تزداد، والأرباح تزداد مع ارتفاع المبيعات بصرف النظر عمّا تُسببه هذه البضائع (من أخطار، وأضرار، ومشاكل)..
ولابد من وقفة حازمة، وصارمة، وجادة لكل ما تقذفه (أمواج البحر) إلينا من بضائع، ومنتوجات، وصناعات، وادوات، ومواد..
كنا نسخر من اهتمام هيئة المواصفات والمقاييس من وضع مواصفة لأحمر الشفاه لكن ما جاء قبل ذلك، وما جاء بعد ذلك من ادوات الزينة، والتجميل، والمكياج تتسبب في أمراض جلدية مختلفة - ثبتت اضرارها - جعل بعضنا يتراجع عن هذه السخرية، أو جزء منها..
وما قيل عن وجود مواصفة لصبغات الشعر (من باب مساواة الرؤوس بالشفاه) جعل بعضنا يصر على وجود هذه المواصفة عاجلاً، وليس آجلاً بعد أن أصبح بيع أحمر الشفاه، وصبغات الشعر، وبقية أدوات، ومواد التجميل تباع على الأرصفة، وعند العطارين، وتحت الكباري، ولدى محطات البنزين.. كذلك بقية المواد، والبضائع، والادوات (مثلاً بوتغازات طبخ صغيرة بعد تشغيلها يتسرب منها الغاز فتنفجر).. ونجف كهربائية بمجرد أن (تسخن) تنفجر، وادوات، وأجهزة تقع في الدائرة، ونفس رداءة الصنع (وتتشابه الاسماء، والماركات، والموديلات).. وكثير منا يفترض (الأمانة) في التاجر المستورد، والبائع الكبير، أو الصغير ناسين أننا في مواجهة (غول) الجشع، والطمع، وانعدام الضمير الإنساني، ولم يكن حالنا - هكذا - قبل أكثر من ربع قرن تقريباً..؟
التقليد، والغش، والحماية
وننتقل إلى قطع الغيار، والأجهزة الكهربائية (التي تحظى برعاية تامة، وتسهيلات ضخمة) في وصولها إلينا - من الشرق - وهي من ناحية الشكل - تفوق الوصف نعومة، وجمالاً، ومن ناحية الجودة في أسفل السافلين، وطبعاً أسعارها في متناول الجميع لأن خطرها يُصيب الجميع فكيف نسمح باستيراد قطع غيار سيارات تجارية رديئة جداً - في الاستخدام - لتكون نتيجتها جملة اخطار لقائد السيارة وبالذات حينما نترك (الحبل على الغارب) لهؤلاء الميكافيكية، يصولون ويجولون في سياراتنا بواسطة قطع الغيار (التجارية - المقلدة) التي تحقق نتائج ايجابية في اضافة المزيد، والمزيد من كوارث السيارات..؟
قال لي احد المقيمين الذي اشتغل فترة من الزمن في شراء سيارات نصف عمر، وربع عمر بأسعار متدنية، وكان يقوم باجراء صيانة لها في احدى ورش الصيانة، والميكانيكا - شمال جدة - أن الميكانيكي الذي كان يتعامل معه يسأله سؤالاً محدداً: هل سيستعمل السيارة شخصياً، أم سيعود لبيعها؟.. فاذا اخبره انه سيبيعها وضع بها كل قطع الغيار التجارية المقلدة، وإذا اخبره انه سيستعملها شخصياً وضع بها قطع الغيار الاصلية (وعليه في الحالة الثانية أن يتحمل فارق السعر).. ولا يهم ما سيجري لمن يشتري السيارة التي تم تركيب قطع غيار تجارية، مقلدة لها، وما سيجري لقائدها، ومن معه، ومن امامه، ومن على جانبه الايمن، أو الأيسر.
وإذا كان بائع القطع لم يغش فهو (فسحها) رسمياً من الجمارك فإن الذين يديرون ورش الصيانة، والميكانيكا يتحملون (المسؤولية) ويتحملون من يحاسبهم على هذه المسؤولية فالأمر هنا متعلّق بالارواح، وإدارة الجودة تتحمل مسؤولية دخول هذه القطع التجارية، المقلدة، والمزورة التي تتحول إلى أدوات للموت..؟
قضية «الفشل الكلوي» أولاً
وهاتان حادثتان، الاولى عن ضبط عبايات نسائية، وطرَحْ (ضد الحشمة) والاخرى عن ضبط (تنك طحينة) تؤدي إلى (الفشل الكلوي) لا سمح الله.. والجهة التي قامت بضبط الحادثتين واحدة، وهي جهة تتمتع بالنشاط، والحركة، والحيوية، والكفاءة.. والجهة التي نعنيها هي لجنة الغش التجاري في فرع وزارة التجارة بجدة، والتي لا يكاد يمر وقت قصير إلا وتضبط مخالفة من المخالفات (السمينة) أحياناً، والمتوسطة في أحيان اخرى، وقد رسخ اسم رئيس هذه اللجنة في ذاكرتي الصحفية (أحمد معبر) من كثرة ما تردد على صفحات الصحف من حملات يقوم بها فرعنا النشيط في جدة، وآخر حملة كانت عن ضبط مصنع، أو مخبأ لتفصيل العبي النسائية فتم ضبط (550 عباية شفافة تظهر ملامح الجسم، و600 طرحة تظهر ملامح الرأس، والخدين) وانشغال انشط لجنة بمسائل من هذا النوع ليس في صالح المستهلك فهذه الملابس الشفافة (موجودة في الاسواق، والملابس الاخرى المحزقة، والضيقة أكثر من الهم على القلب) وعباية نسائية تظهر الجسم لا يعتبر وصفاً دقيقاً لأن المفروض أن يكون الجسم فوقه فستان، وفوق الفستان عباية، ولا نريد أن ندخل في نقاش عن العبايات، والطرح، والفساتين، ولا نريد لفرع وزارة التجارة النشيط أن تذهب جهوده في ضبط هذه المخالفات فمهته الأكبر، والرئيسية، والاساسية هي حمايتنا من (الغش الذي استشرى) وامتد لكل شيء تقريباً سواء ما تعلق بالأكل، أو الشرب، أو اللبس، أو التجميل، أو البناء، أو أعمال الصيانة، أو الأجهزة الكهربائية، أو الأواني المنزلية، أو المفروشات، وهذه المهمة نقول بكل صراحة انها أكبر من امكانات، وقدرات (كل لجان الغش) بعد أن صار البحر يرمي إلينا من كل اتجاه ببضائع دون المستوى، ودون المواصفات، ودون الحدود الدنيا للجودة (وهذا السوق مفتوح يؤكد ما نقوله).. ولأن ما يوجد في السوق، اضافة لما يوجد في البلاد من محترفي غش، وموزعي أمراض كان ضرورياً (الانتباه الشديد) لما يعرض، ويباع، ويخزن، ويجمد..؟
وحتى لا نخرج عن الموضوع الرئيسي فإن اعضاء لجنة الغش في فرع وزارة التجارة (بناقص مفتش) احبطت - وهو مصطلح أمني - الجزء الثاني من «تنك الطحينة» بعد أن ثبت أن هذه الطحينة تتسبب في الفشل الكلوي.. وهذا الحدث الذي نشرته احدى الصحف مؤخراً أشارت فيه إلى أن الكمية - المضبوطة - بلغت أكثر من 600 تنكة طحينة (بكل تنكة 15 كيلو).. وان الجهة الفاعلة قد - نجحت - في تسريب 456 تنكة (يجري مطاردتها) لعلها مازالت خارج الاستعمال الآدمي - حتى الآن - وهذا الاحتمال وارد، وغير وارد، وان كنا - من كل قلوبنا - نتمنى أن يكون وارداً حتى لا يصاب - المئات - بمرض الطحينة القاتل..؟..
( ( ( منقول ) ) )
المصدر:
http://www.alriyadh.com/2005/04/08/article54818.html