اعترفت منظمات أهلية أمريكية أن قائمة طويلة من مواد التجميل ومنتجات الأطفال التي يتم تصديرها إلى أسواق الخليج وبعض الدول العربية الأخرى، تتضمن مواد مسرطنة محظورة، ومن بينها منتجات تحمل علامات تجارية عالمية تلقى إقبالاً كبيراً في الدول الخليجية.
وحسب المنظمات التي أصدرت بياناً بهذا الشأن الثلاثاء 25-3-2008 فإن بعض المستحضرات ومنتجات الشامبو ومواد التجميل التي يتم تصديرها إلى الخليج ومصر والأردن ودول أخرى لم تسمها تحتوي على مادة الـ"ديوكسين 1.4" المسرطن.
حملة "مواد تجميل آمنة"
وقالت المنظمات التي أطلقت حملة "مواد تجميل آمنة" إن مادة برتوكيماوية من مشتقات النفط اسمها "ديوكسين 1.4" قد تم العثور عليها في عدد من شامبوهات الاستحمام للنساء والأطفال بنسب أعلى من المسموح بها.
وأشارت الحملة، في بيان لها، أن التحاليل المعملية المستقلة كشفت عن وجود مادة "دايوكسين 1.4" في شامبو الاستحمام "هالو كيتي"، وفي منتج "هاجيز" لغسيل جسم الأطفال وفي شامبو جونسون للأطفال -وهي معلومات نفتها الشركة لاحقا- وفي شامبوهات تباع تحت أسماء تجارية جذابة أخرى بغرض جذب الأطفال إليها.
وأضاف البيان أن الـ"دايوكسين" منتج مشتق من البترول تعتبره وكالة حماية البيئة الأمريكية مسرطنا محتملا للإنسان، ومسببا للسرطان ثابتا للحيوان وفق برنامج المواد السامة القومي".
وكشف القائمون على الحملة أن هيئة الأغذية والأدوية الأمريكية، وهي هيئة حكومية أمريكية، لا تراجع تلك المنتجات أو تقوم بتحليلها قبل أن تباع، وإنما تطلب فقط أن تقوم الشركات المنتجة بذلك بنفسها.
وقالت الحملة إن انتشار هذه المادة يعتبر خطيراً للغاية، حيث إن النساء والأطفال يستخدمون في المتوسط 12 منتجاً للنظافة الشخصية والتجميل يوميا.
من جهتها اعتبرت شركة جونسون أن جونسون أن صدور مطالبات من هيئة الأغذية والأدوية الأمريكية للحد الطوعي من نسبة استخدام الديوكسان في منتجات العناية الشخصية هي ادعاءات غير صحيحة روجتها بعض المجموعات البيئية في الولايات المتحدة الأمريكية، مؤكدة أن هذه المادة تعد عنصرا شائعا في صناعة تلك المنتجات وأنها لا تشكل خطرا على السلامة ضمن نسب منخفضة مشيرة ايضا إلى انها تظهر بشكل طبيعي وآمن في المنتجات الغذائية مثل الطماطم ومنتجاتها والبن والدجاج المقلي.
وقالت الشركة أيضا إنها قامت بوقف اثنين من منتجاتها في السابق وأبقت منتجا واحدا لا تتعدى نسبة مادة الديوكسان فيه نسبة أربعة أجزاء في المليون، مشيرة إلى المنتجات التي رفعت من التداول لم تسوق أبدا في أسواق الشرق الأوسط.
المادة مسرطنة فعلاً
وأكد رئيس وحدة المسرطنات في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض الدكتور فهد الخديري لـ"الأسواق.نت" أن مادة الـ"ديوكسين 1.4" مسرطنة فعلاً، وقد أثبتت الأبحاث العلمية أنها مسبب رئيس لمرض السرطان، إلا أن الدكتور الخديري قال إنه لا زال غير متأكد من وجود هذه المادة في المنتجات التي تحدث عنها التقرير الأمريكي.
ووصف المادة بأنها "سامة جداً، وتسبب مشاكل وأمراضا في الجلد إذا كانت موجودة في الشامبو"، وقال إن قوة تأثيرها ترجع إلى كميتها ونسبة تركيزها، مشيراً إلى أنها حتى لو كانت موجودة بنسب مسموحة فإن بعض الأطفال قد يسرف في استخدام المنتجات التي تتضمنها بما يؤدي إلى تعرضهم للخطر.
ودعا الدكتور الخديري الدول العربية والخليجية إلى إيجاد مختبرات متخصصة للكشف عن المواد الضارة في المنتجات التي يتم استيرادها، وقال "يجب أن يكون في كل مركز جمركي أو منفذ حدودي مختبر متكامل ومجهز للكشف عن المواد الواردة وعدم الاعتماد على شهادات المنشأ معها".
لا مواصفات في بلادنا
وتعليقاً على ما جاء في بيان المنظمات الأمريكية، وما خلصت إليه تحليلاتهم بشأن المنتجات، قال الخبير الإماراتي في قضايا حماية المستهلك الدكتور حسن الكثيري لـ"الأسواق.نت" إن مشكلة بلادنا تتلخص في عدم وجود مواصفات ومقاييس واضحة تتعلق بالمنتجات التي يتم تصديرها إلى بلادنا، ولذلك تستغل الشركات هذا الجانب وتقوم بتصدير منتجات ضارة أو غير صحية إلينا.
وأضاف الدكتور الكثيري "لكل سلعة مواصفات ومقاييس خاصة بها، وآليات لاستكشاف هذه المواصفات والتأكد من وجودها، لكن غالبية الدول العربية ودول العالم الثالث لا توجد بها للأسف مواصفات، وإذا وجدت المواصفات فلا توجد الآليات والمختبرات الفنية اللازمة للتأكد من مطابقة هذه المواصفات، وبالتالي تضطر دولنا للاعتماد على الأوراق المرفقة مع البضائع الواردة".
وضرب الكثيري مثالاً على غياب المواصفات عن بلادنا بقوله "في الولايات المتحدة يوجد أكثر من 100 ألف مواصفة، بحيث لا يوجد منتج إلا وله مواصفاته الخاصة التي يتم التحقق منها عند دخوله إلى البلاد، أما في الدول العربية فيتراوح عدد المواصفات بين 5 و6 آلاف فقط"!
ولفت الكثيري إلى أن بعض الشركات الأجنبية التي يتم سحب منتجاتها من الأسواق الأمريكية أو الأوروبية؛ لمخالفتها المواصفات، تقوم بإعادة تصدير هذه المنتوجات المسحوبة إلى العالم العربي نتيجة علمهم بغياب المواصفات والمعايير الموجودة في بلادهم عن عالمنا العربي.
ودعا الكثيري الدول العربية والخليجية على وجه الخصوص إلى تأسيس مختبرات مركزية متخصصة على مستوى العالم العربي أو على مستوى مجلس التعاون الخليجي؛ للكشف عن المنتجات الطبية والغذائية، والتأكد من صلاحيتها قبل السماح بدخولها.
وقال إن دولنا العربية إذا لم تكن قادرة على تأسيس مثل هذه المختبرات، فيمكنها أن تتخذ قراراً سهلاً وبسيطاً لحماية شعوبها من المنتجات الضارة، وهو أن تشترط لإدخال أي منتج أن يكون مسموحاً تداوله في بلد المنشأ، إذ من غير المعقول أن يكون المنتج ممنوعاً لأسباب صحية في بلده، ومسموحاً في بلادنا!