لقد فاق قتلى الحية الرقطاء أو خط الجنوب قتلى 11 سبتمبر الذين تباكى عليهم من تباكى ,أما أبناء البلد فلا بواكي لهم , لقد أصبح هذا المسلسل الدموي شبه يومي مع هذا الخط اللعين الذي إلتهم ألآف من أبناء الوطن الغالي الذين يسكنون في جنوبه ابتداء بسكان الطائف والباحة وأبها إلى آخر الجنوب.
لقد فقدنا أناس أعزاء على قلوبنا, وقد خلّف لنا هذا الطريق بيوتا تعج بأنين اليتامى والثكالى والأطفال, فقلوب تدمع وعيون تُجرح , وما لهؤلاء أي ناصر أو معين, كم أب فقد ابنه , كم أم فقدت أبناءها ,كم من عريس فقد زوجته , وكم من أب بُشّر بنجاح ابنه حاملا الشهادة ليراها أباه وإذا به يسمع خبر وفاته تاركا شهادته مخالطة لدمائه على هذا الخط اللعين, كم من أم فقدت أبناءها وهي صابرة تدعو على من كان السبب في نثر هذه الدماء على هذا الطريق.
لقد فقدنا ليلة الجمعة عائلة من أقربائنا مكونة من ثمانية أشخاص 5 أطفال ورجل وامرأتين نسأل الله لهم الرحمة والمغفرة وأن يجعلهم من الشهداء, وأن يبارك فيمن تبقى من العائلة ,وأن يصبرهم في مصيبتهم وأن يجبر كسرهم وأن يرينا في المماطلين والحرامية عجائب قدرته, آهـٍ كم من حقد أحمله ,آهٍـ كم من غضب أكنه , ولكن ماأقول إلا أن الموعد يوم القيامة يوم توفى كل نفس ماكسبت لاظلم اليوم, وسنرى صاحب البغلة إن شاء الله التي لو عُثرت في بغداد لسئل عنها, لقد وقفتُ على الجثث الصغيرة وهي تودع لثلاجة الموتى كأنها زهور ذبلت خالط الدم فساتينها, رأيت الرجل مسجى والدماء على ثوبه , رأيت الملابس قد تغير لونها إلى اللون الأحمر, يافجيعة أهلهم وذويهم وأقربائهم,إنا لله وإنا إليه راجعون, لاحول ولا قوة إلا بالله.
لقد خلّف لنا هذا الخط مآسي عظيمة وذكريات مؤلمة, كأنه يشبه جهنم عندما تقول: هل من مزيد , مازال يبلع ويحصد ألآف الأبرياء, يبقى هذا الخط اللعين ألم السنين الذي لم يهدأ بعد, هو النزيف الدائم في قلب كل جنوبي, خط المعوزين والفقراء , وليس خط الكبراء , ولو أنه طريقا لهم لشمّرت الأيادي ولطالته التوسعات والتجميلات منذ مبطي, ولو أن أحد المسؤولين مات على هذا الخط لرأيت القصائد تدبج لاعنة وهاجية لهذا الخط, ولرأيت الكاريكتير كل يوم يُنشر ويُرسم ,ولرأيت مقالات يومية تنتقد وتلفت وتحذر من كارثة , ولكن بما أن الميت مواطن فلا يهم مواطن يروح ومواطن يجيء لكن المسؤول إذا راح ماعاد يجيء.
الثعبان القاتل , الحية الرقطاء, طريق الموت, وأيضا طريق الجنوب مسميات متعددة لقاتل واحد , ولكن يبقى هذا الخط وصمة عار على الجبين.
نسأل الله أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه.