(يكفي) يا بريد
د. عبدالملك بن إبراهيم الجندل(*)
كل قضية ولها حل، وتختلف سرعة الحل بدءاً من الحل الفوري، وحتى نصل إلى سرعة الأرنب، أو سير السلحفاة، ومن ضمن القضايا التي تحتاج إلى حل سريع (البريد السعودي)، ذلك المرفق الحيوي الهام الذي يحتاجه الكثيرون.
شاهدت وأُعجبتُ وعجبتُ، وعلى مدى حلقتين تلفزيونيتين، ما دار حول البريد السعودي، في قناة الإخبارية.
أعجبتُ بتبادل الآراء بين المواطن والمسؤول، وعلى الهواء مباشرة، وقد تميز أسلوب الدكتور محمد بنتن مدير البريد بالهدوء والروية وعدم الانفعال، مع ما جاءه من كثرة الاتصالات وهجومية بعضها، بل وحضر الحلقة الثانية، وبنفس الروح، وكان بإمكانه الاعتذار بعد الحلقة الأولى، وما أحوجنا في لقاءاتنا وحواراتنا إلى مثل هذا الأسلوب في الحوار.
وعجبت لطريقة البريد السعودي، في محاولة إجبار الناس للاشتراك، في خدمة (واصل)، وبناء على أسباب لا تمت للواقع بصلة، ولكن المجتمع لم يرضَ بتلك الطريقة أو (الوصاية) فرفض تلك الخدمة الإكراهية الجديدة، والنتيجة (لم يشترك أحد)، ولما لم تجد (واصل) صدىً إيجابياً من تلك الصناديق المنزلية، قامت بالإعلان في القنوات التلفزيونية، والصحف عبر صفحة كاملة وبالألوان، وفي لوحات الإعلانات في الطرق!! عن إيصال الخدمة (مجاناً) مدى الحياة، وحددت فرصة الاشتراك التي لا تعوض بفترة محددة، لم يحددوها، بل ورصد جوائز بعشرة آلاف ريال أسبوعياً!!، وذلك تشجيعاً على الاشتراك، ولكنهم لم يراجعوا مواصفات الصناديق الحالية، (المهترئة)، فلا أحد يأمن على رسائله مع تلك الصناديق التي تلف عدداً كبير منها، ولم يؤخذ بعين الاعتبار كثرة تنقل المستأجرين، وأصحاب الأعمال التجارية.
لقد كان البرنامج بمثابة الاستفتاء حول رأي الجمهور عن البريد، وكلفته المبالغ فيها، والكل مجمع على رفض التعرفة الجديدة الخاصة بالصناديق في المراكز البريدية، والأغلبية غير واثقين من الخدمة الجديدة (واصل).
بل وتم تبادل بعض الرسائل عن طريق الجوال، لرفض مثل تلك الآلية، وأطرف الرسائل اقتراح أحدهم بتكوين رابطة (يكفي جشع يا بريد) للرفع بالشكوى حول ارتفاع الأسعار بالنسبة لصناديق البريد، والتخبط الذي يعيشه البريد، من فرض رسوم على خدمة (واصل)، ثم إلغائها والاشتراك مجاناً، وفي المستقبل قد نرى المزيد.
وما دام الأمر قد حصل، وأهدرت الأموال، فإن لي بعض الوقفات:
الأولى: تراجع البريد عن رسوم خدمة (واصل) خطوة تصحيحية، وإن جاءت متأخرة، لأنه من الواجب قبل إهدار مئات الملايين من الريالات، إجراء دراسة استكشافية لمعرفة استعداد المجتمع للانضمام لتلك الخدمة، ثم إيصال الخدمة لمن يطلبها، وتكون تلك الصناديق ذات مواصفات جيدة.
الثانية: نأمل أن يشمل التصحيح أسعار الصناديق في المراكز البريدية (المأمونة) إلى ما كانت عليه، (300) ريال خلال ثلاث سنوات، أياً كان المشترك، وإن (غلبت الروم) يكون (صندوق عائلي) بنفس السعر القديم، و(صندوق تجاري) بارتفاع معقول، والذين سبق أن تم تجديد اشتراكهم بالأسعار الجديدة (المرتفعة) تكون الزيادة رصيد للمشترك في المستقبل، لأنه من العجب (العجاب) أن يكون (مجاناً) صندوق المنزل الذي يتطلب الوصول إليه الكثير من العناء، وعدد كبير من الموظفين، ووسائل النقل، وفي المقابل يكون (بأسعار خيالية) صندوق البريد الموجود في مقر البريد، والذي لا يحتاج إلا إلى عدد محدود من الموظفين، فهل نحن في زمن العجائب.
الثالثة: الاستمرار في خدمة خدمة (واصل) المجانية، وتقديم الخدمات، وللمواطن الحق في إغلاق صندوق بريده، والاكتفاء ب(واصل)، عن طريق القناعة بعد الثقة بالخدمة المقدمة.
الرابعة: هل تم النظر في معاناة المواطن والمقيم المستأجر، إذا أراد الانتقال بعد اشتراكه بخدمة (واصل) فإنه يجب عليه أن يبدأ من جديد بتعديل عنوان بريد (واصل)، ثم إجراءات التعديل فيما يخص البنوك، والفواتير وجميع ما يصله من اشتراكات عبر البريد، ثم إخطار جميع معارفه في الداخل والخارج، أو ينشر في الجريدة (تغيير موقع)، وهذه الدوامة تشمل كذلك القطاعات التجارية المشتركة في خدمة (واصل).
ختاماً.. (قديمك نديمك)، فأرجعوا لنا صندوقنا بالسعر السابق، ولا نريد (واصل) أوصلكم الله لكل خير.
(*)aljndl@hotmail.com
http://www.al-jazirah.com/cgi-bin/da...keyword=البريد