محمد علوان
من هناك .. هناك بعيداً حيث الذاكرة أصبحت دغلاً لا نأتيه ولا نصل إليه إلا بغتة من الزمن حيث يعيدنا الى رائحة أو صوت أو مشهد تستعيده الذاكرة شيئاً فشيئاً وبهدوء من يستمتع باللحظة ويدخل الى ثناياها التي تحتفل بدفء وبهجة اللحظات التي دخلت ارشيف الذاكرة التي لا يمكن لها أن تطرح ثمارها وتستفز لحظاتها إلا رغبة في شجن هناك يبزغ من الذاكرة (أحمد الموزع) الرجل التهامي العذب صاحب الملامح الحادة والوجه الأسمر غيم السودة الذي يتراقص غرباً يزف الشمس الى مقرها اليومي والبريد الذي يحمل كل شيء الحزن والفرح ، الأمل والبهجة، اللحظات الانسانية المتناقضة.
اصبح هذا اللقب ( الموزع) ملتصقاً باسمه وهو يطوف على قدميه حارات أبها القديمة من الخشع الى مناظر الى البديع والربوع والقرى والنصب ، الى تلك الوجوه والمنازل التي بلا أرقام أو حروف ولكن ( أحمد الموزع) يعرفهم رائحة رائحة ، ووجها وجهاً النساء والرجال وهم يحبون هذا الرجل الذي يحمل في حقيبته أخبار الأهل أخبار الناس وأحوال من تأكل الغربة شفاف قلبه بعيداً عمن يأنس لهم ويثق بهم ويصرخ فرحاً أو حزناً في وجوههم هذا الذي لا يمكن أن يكون أمام الغرباء ، أمام الغرباء نخفي حزننا وفرحنا وبكاءنا ونبتسم تلك الابتسامة الرمادية البلهاء ها هو (أحمد الموزع) يعود رائعاً ومثقلاً بالمحبة والرغبة في الخدمة أراه الآن في وجوه مجموعة رائعة من شبابنا يعملون في البريد السعودي يتقافزون بصدق لتقديم الخدمة التي خرجت من حقيبة (عم أحمد الموزع) لتكون بضغطة زر لخدمتك وإيصال بريدك الى من تحب ، نعم اشهد أن هذا القطاع الحكومي تجاوز نفسه وتجاوز جهل الناس وتخلفهم وحقيقة فإن الخدمات البريدية العاجلة الأخرى وهي مسميات لشركات عالمية مشهورة ليست سوى الوجه الآخر للنصب والاحتيال وتقديم تلك الخدمة المنقوصة والتي لا تقدم مقابل ذلك المال المدفوع ، بل لابد أن تذهب بنفسك الى مستودعاتهم التي يعلم الله بحال من يقدم لك الخدمة سواء كان سعودياً أو أجنبياً يتعالى عليك بشكل مستفز.
يقابله بكل الود هذه المجموعة الرائعة من الشباب الذين أواجههم في مقر صندوق بريدي والذي وصل إلى مرحلة حضارية إلى أن ينتقل الى بيتك دون عناء ، إن تشجيع الإنسان لتقديم الخدمة يقابله أن يكون الموظف يحصل على تقدير المسؤول وتقديم الحوافز وتقديم الخدمة والتدريب.
لكل موظفي البريد السعودي التقدير ومزيداً من الابتسام والخدمة الراقية التي لا نجدها عند من ندفع لهم مبالغ طائلة دون خدمة تذكر ..
وسلامتكم ..http://www.alriyadh.com/2010/02/01/article494695.html