بسم الله الرحمن الرحيم
معالي رئيس مؤسسة البريد السعودي
السادة أصحاب العقول الناضجة
السادة بريد المنطقة الشرقية
الـسـلام عـلـيـكم ورحـمـة الله وبـركـاتـه
يكثر المطبّلون حول مدير عام بريد المنطقة الشرقية ، ليس لكثرة الأفراح، ولا لوفرة الليالي الملاح، إنما لكثرة من يحتلون مواقع هم غير أهل لها، ويحتاجون إلى من يؤكد لهم يومًا بعد يوم ، إن لم يكن ساعة تلو ساعة، ودقيقة في إثر دقيقة، وثانية عقب ثانية، أنهم موجودون في المكان الصحيح، وأن كلا منهم هو الشخص المناسب في المكان المناسب .
لقد قلب هؤلاء المطبلون أفراح الموظفين أتراحًا، وجنة عيشهم جحيمًا، لأنهم يزينون الباطل ويقبحون الحق، إرضاء لفئة معينة متكاتفة ، قد يكون بعض أفراد هذه الفئة غير مدركين لحقيقة الوضع وللمخاطر الكثيرة التي تترتب على وجودهم في مكان غير مناسب لهم ، وأن هذا المكان محتاج احتياجًا حقيقيًا لآخرين يستطيعون أن يقدموا من خلاله لمجتمعاتهم خيرًا كثيرًا، ولكنهم لا يستطيعون إبصار ذلك نتيجة وجود زمرة المطبلين من حولهم الذين يوهمونهم بأنهم قمة في أسلوب الإدارة الناجحة ، ويجعلون من كل فعل يقومون به إنجازًا، ومن كل كلمة يتفوهون بها حكمة، وهكذا دواليك حتى يصدقوا أنهم موجودون في المكان الصحيح، وأن أحدًا غيرهم ما كان سيستطيع أن يقدم أفضل مما يقدمه هو فعليًا للناس والمجتمع .
أما أولئك الذين يصلون بشكل أو بآخر إلى مواضع هم على دراية سابقة تامة وكافية بأنهم لا يستحقونها ولا يمتلكون أدنى فكرة عن كيفية تأدية واجباتها على خير وجه فهم الذين يسعون إلى تعيين أشخاص بوظيفة مطبل مع مرتبة الشرف + 20% وناهيك عن الانتدابات وخارج الدوام الذي يتفننون بأسلوب صرفه وأعطاه وجوه ومسميات , ومن المؤهلات المطلوبة في وظيفتنا هذه هي طلاقة اللسان، والقدرة على ذكر المحاسن، وغض الطرف عن المساوئ .
ومن شروط الحصول على وظيفة (مطبّل) أن يكون المتقدم لها قادرًا على تحويل كل (حبة) إلى (قبة)، ومهما بدا العمل الذي يقوم به الشخص الموضوع في غير مكانه ضئيلا أمام نفسه أولا وأمام الآخرين ثانيًا، فإن على المطبّل أن يكون قادرًا على إظهاره في عيون الجميع بمظهر العمل الفذ المتقن الذي استغرق الاشتغال عليه سنوات طوالا، وصُرف عليه من المال والجهد والوقت ما لا يمكن تقديره , أما الخبرات السابقة فهي أن يكون قد عمل مطبّلا من قبل ، وأن يكون قد أثبت جدارته في وظيفة سابقة مماثلة بشهادة شهود من نفس الفئة حتى يكمل بها الطاقم الحساوي .
وتعاني معظم مجتمعنا السعودي من وجود هؤلاء الأشخاص الذين لا همّ لهم سوى إرضاء من هم فوقهم، ولا يعنيهم كيف يكون ذلك أو كيف يتحقق، المهم فقط أن يكون كل شخص وأي شخص يعلوهم منزلة راضيًا ومسرورًا، وهذا يعني بالتالي أن يكون راضيًا عنهم , ويترتب على ذلك أن يكون كريمًا معهم، وأن يغدق عليهم بالعطايا ، وهذا هو المطلوب ، لكي يضمنوا البقاء على كراسيهم الوظيفية، وهو ما يضمن لهم الحصول على ما يريدون من متاع الدنيا، دون أن يفكروا في المقابل الذي يدفعونه لذلك ، أو بالأحرى دون أن يهتموا بالمقابل الذي يدفعونه .
إن هؤلاء (المطبلين) لا ينظرون سوى لموطئ قدمهم ، والذي يعنيهم هو أن تكون الأرض من تحتهم مستقرة، أما الباقون من أبناء المنطقة وخاصة الموظف البسيط فلا يعنيهم أمرهم أبداً ، ولا يهمهم في أي حال يكونون، لأن وظيفتهم لا تطالبهم سوى بإرضاء من فوقهم ، أما إرضاء من تحتهم أو من هم ( أي المطبلون) تحتهم في الواقع- ليس من ضمن متطلبات وظيفتهم، بل إنه يكاد يكون أمرًا تعجيزيًا بالنسبة لهم ، ومذهبهم في العمل وفي الحياة عمومًا: إذا أردت أن تُطاع، فاطلب المستطاع، ورضا الناس غاية لا تُدرك.... إلخ , وقد يكون بعضهم أكثر تصريحًا ويذكر أنه يأخذ راتبه في آخر الشهر من جهة واحدة ، لذلك فهو معني بإرضاء تلك الجهة فقط ، ولا يعنيه إن رضي الباقون أم سخطوا، لأنهم خارج دائرة اهتماماته .
والذي يزيد الأمر سوءًا هو أن مثل هؤلاء المطبلين لا يكتفون بالقيام بمهنة التطبيل، أو بعبارة أخرى، إن مهنتهم لا تعني فقط أن يجعلوا كل صغير كبيرًا، بل تتضمن الكثير من الأمور السلبية التي لابد أن تؤثر على المجتمع كله فتزيين الباطل وتشويه الحق يعني أن يكون (المطبل) ضليعًا في الكذب، متفننًا فيه، قادرًا على ليّ الحقائق، وعلى إقناع الطرف الآخر أو الأطراف الأخرى( المدير العام ) بما يقوله , وكما أن قلب الحقائق ليس بالأمر السهل، فإن تسويف الحقائق المقلوبة، وتبرير الأكاذيب المختلقة يفوقه خطورة، ويجعل الحياة تبدو وكأنها فصل من مسرحية حساوية كبيرة، يعيشها أفراد في مؤسسة تعوزها النزاهة والشفافية والإخلاص في العمل .
ولكي لا يعيش أي جزء من المجتمع فصلاً في مسرحية لا تُعرف لها بداية أو نهاية، ولكي لا تمضي حياتهم في كذبة لا أول لها ولا آخر، لا بد أن نكون أكثر وعيًا بطبائع الناس، وأكثر إدراكًا لسرائرهم ولنفسياتهم فالمطبلون في النهاية بشر، ولكنهم من طينة مختلفة , بشر في صفاتهم الخارجية وشياطين في نزعاتهم الشخصية ، ولكن لا حظ لهم في الصفات الداخلية والنفسية من البشرية والإنسانية، ومثل هذه الكائنات التي تمزج ما هو بشري بما هو غير ذلك يجب أن تُبعَد عن كثير من المواضع المهمة في المؤسسة ! هذا ما يبدو أنه المفروض، ولكن الواقع يقول غير ذلك، ولنا في الحياة من حولنا أدلة وشواهد تُعْجِز الراغب في إحصائها وتكتب له علامة الفشل قبل أن يبدأ مهمته .
كلمة أوجهها إلى مدير عام بريد المنطقة الشرقية
فأقول بأننا لن نسكت عن تلك الفئة المطبلة وأن هؤلاء الخمسة باتت أمورهم مكشوفة والموظفين غير المناسبين مع زمرة المطبلين الملتفين حولهم عن الأماكن التي يشغلونها دون وجه حق، ولكن السؤال المهم الذي يفرض نفسه هو: من الذي يمتلك المعيار الحقيقي الذي تتم بناءً عليه عمليتا الإقصاء والإبقاء؟ بل إن السؤال الأهم هو: كيف لنا أن نعرف المعيار الحقيقي من بين معايير كثيرة تفرض نفسها يومًا بعد يوم ، في أجوائنا المشبعة بالثوابت المتزعزعة ، وفي ضوء اختلاف آراء الناس وأفراد المجتمع اختلافات جوهرية تجاه أمور كانت تبدو حتى عهد قريب من أكثر الأمور ثباتًا وتسليمًا بها حتى أصبحت الراية حساوية في معظم الإدارات ولا نعرف هل هي خلطة كنتا كي السرية التي جعلتهم يسيطرون وهم في الحقيقة مكشوفون وحان الوقت الذي نسعى به للتصحيح وأن يعي غيرنا أننا ليس بأغبياء ومعالي الرئيس يجب أن يعرف ويتنور ما يدور في كافة مناطق البرد فتصحيح ثم التصحيح ثم التصحيح يا أيها المطبلون الخمسة .