الأسبوع الماضي أيد مجلس الشورى ما جاء بتقرير المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية حول رأي الخبير الاكتواري بطريقة معالجة ما يراه ضررًا قد يحدث بعد 60 عامًا بسبب نظام التقاعد المبكر الذي لا يحصل عليه الموظف المشترك بالتأمينات إلا بعد 25 عامًا من العمل.
وقد نقلت أكثر من وسيلة إعلامية ما تم تأييده بمجلس الشورى بكل ما ورد بتقرير التأمينات الاجتماعية بناءً على توصية اللجنة المالية بالمجلس الذي تضمن إقرار نسبة خصم من التقاعد المبكر عن كل سنة تفصل بين سنه عند التقاعد وعمر 60 عامًا هجريًا السن الأعلى للحصول على التقاعد مما سيقلل كثيرًا المنفعة من راتب التقاعد وعلى الرغم من أنه لم تعلن أي نسبة لذلك الخصم إلا أنه بالتأكيد سيكون مؤثرًا جدًا على دخله سلبيًا ويقصم ظهره بدخله لعدم مراعاة الارتفاع المستقبلي بتكاليف المعيشة بعد رفع أسعار الطاقة والوقود والمياه وعديد من الرسوم والضرائب القادمة التي لن يكفي برنامج حساب المواطن لتغطية آثارها بالكامل فلن يصل بأحسن الحالات لنصف ارتفاع تكلفة المعيشة المباشر من رفع الدعم وغير المباشر على السلع والخدمات فهل انصفتم المشتركين بتأييدكم هذه الإجراء دون فحص دقيق لآلية وطريقة احتساب الآثار المستقبلية للخبير الاكتواري وهل هي مقنعة ناهيك عن الجانب الأكثر أهمية وهو طرق استثمار المؤسسة لأصولها وعوائدها التي لا تتجاوز 3 في المائة إذا عرفنا أن أصولها نحو 419 مليار ريال حسب ما نشر بتقرير صندوق النقد بمشاورات المادة الرابعة للعام 2014 إذا لا تبلغ إيراداتها من غير الاشتراكات أكثر من 13 مليار ريال من أصل 37 مليار ريال بينما مصروفاتها 18 مليار ريال سنويًا وهذا يعني أن الفوائض تتعدى 100 في المائة سنويًا لكن جلها من الاشتراكات.
أما الإجراء الآخر الذي تم تأييده رفع نسبة الاشتراكات بالرغم من أنها تصل إلى 20 في المائة على المواطنين بما فيها نسبة مواجهة أخطار العمل فهل هذه نسبة منخفضة بالرغم من أنها تصنف من بين أعلى نسب الاستقطاع عالميًا فإذا أضفنا أي نسبة مستقبلاً مع ارتفاع تكاليف المعيشة فكيف للموظف أن يتحمل المزيد من الأعباء ليواجه التزاماته!! وما ذكر من أن المجلس وضع عبارة «أو إيجاد مصادر دخل إضافية تعادل ما يتسبب به التقاعد المبكر» من زيادة الالتزامات على المؤسسة حسب وصفهم فهي عبارة لا تعد طلبًا ملزمًا للمؤسسة أن تفعله فالحل الأسهل لها رفع نسب الاستقطاع على المشتركين وخفض نسبة ما سيحصل عليه المتقاعد مبكرًا من راتب نهائي فهو حاليًا بالكاد يصل إلى 60 في المائة فكم يريدونه أن يتقاضى!! إضافة لما ما تم تأييده أيضًا حسب ما نشر بالصحف من خفض المنافع التأمينية فأين هي أساسًا حتى تخفض هل ينوون إلغاء ما يضاف من نسب للراتب إذا كان المتقاعد يعيل أسرة وفيها أطفال حيث تضاف نسبة عن الزوجة واثنين من الأبناء حسب عمرهم ووضعهم أو ماذا اقترح الخبير الاكتواري من خفض بمنافع غير ذلك كتعديلات براتب الورثة وأحقيتهم مثلاً؟.
لكن السؤال الذي يطرح على مجلس الشورى هل فعلاً تأكدتم بطريقتكم من كل ما ذكر من اقتراحات وأين مصلحة المشترك في كل ذلك وهل ترون أن المتقاعد مبكرًا يرتكب ذنبًا وتريدون معاقبته!؟ هل دققتم طرق عمل المؤسسة وإدارتها لاستثماراتها التي هي أموال المشتركين وهل لديهم توزيع أصول مناسب وهل أطلعوكم على تفاصيل استثماراتهم وأصولهم أم أنكم اكتفيتم بالمصادقة على التقرير كأسهل حل لتجاوز الغوص بالتفاصيل التي بدونها لا يمكن بناء قرار سليم، أم أن عدم وجود عدد كافٍ من ممثلين للمشتركين ذوي تأثير بقرارات مجلس إدارة المؤسسة أتى بتقرير لا يشمل أي أثر لمن يدافع عن مصالحهم ويصل بصوتهم كما يجب فالإدارة التنفيذية للمؤسسة تجتهد بعملها وتطلب ما تراه مناسبًا لكن ذلك لا يعني أنه أفضل الحلول، أو أن اللجنة المالية بمجلس الشورى لم تكلف نفسها طلب رأي محايد هي تختاره من مؤسسات ذات خبرة واسعة بعمل صناديق معاشات التقاعد حتى تعرف أن ما جاء بتوصيات الخبير الاكتواري دقيقة وتضع يدها على أي خلل يتطلب تعديله لرفع إيرادات استثمارات المؤسسة كالتلاعب برواتب المشتركين المسجلة الذي تقوم به مع الأسف بعض المنشآت فتنخفض معها رسوم الاشتراك في الجزء الذي تتحمله كتوفير بمصاريفها بطرق ملتوية، ألم يكن من الواجب على اللجنة المالية مقارنة الفرق بمنافع التأمينات بمؤسسة التقاعد الأفضل خصوصًا أن كثيرًا منهم تحت مظلة نظام المؤسسة العامة للتقاعد حتى يكونوا منصفين برأيهم لصالح المشتركين ومستقبلهم بعد التقاعد.
ما رشح بوسائل الإعلام عن كل ما تم تأييده من مجلس الشورى لم يصدر عليه أي إيضاحات من مؤسسة التأمينات أو مجلس الشورى رغم أهمية إعلام المشتركين بتلك الإجراءات وآثارها حتى لا تترك من دون توضيح وتبقى مثار تساؤلات واجتهادات من قبل المشتركين الذين قد يقدم كثير منهم فورًا على طلب التقاعد المبكر لأنه سيعتقد مما طرح بالإعلام أنه سيضر براتبه ومنافعه لو تأخر بطلب التقاعد وتكون بذلك المؤسسة هي من تسهم بزيادة التقاعد المبكر لأن المشترك سيكون مرتبكًا بقراره من دون إيضاحات مع التذكير بأن ربع قرن من العمل ليست قصيرة بعمر الإنسان والمشترك لا يجب أن يتحمل دائمًا مسؤولية تحسين موارد المؤسسة دون حوكمة تتيح له التأثير بقراراتها ومعرفة واقعها المالي بشفافية وإفصاح.