المحاكم السعودية تنظر في رفض سعوديات الانتساب لآبائهن
تشهد المحاكم السعودية قضايا من نوع خاص رفعتها فتيات على آبائهن لإثبات النسب وأخريات يرفضن هذا النسب، برغم ما يتبع ذلك النوع من القضايا من آلام نفسية للفتاة، خاصة في ظل إصرار الأب على عدم إثبات نسب ابنته له.
العربية.نت رصدت حجم هذه القضايا والتقت بمجموعة من أطرافها من محامين وفتيات ضحايا الآباء فكانت الحصيلة كالآتي:
أنكر نسبهم للشك في أمهم
(حياة، ن) -البالغة من العمر 19عاما والمقيمة في إحدى الجمعيات الخيرية بالرياض- كانت أول من روت لنا قصتها فور خروجها من المحكمة قائلة إنها قامت برفع دعوى على والدها لإثبات نسبها مع إخوتها السبعة منه، وقالت: والدي تزوج أمي (أجنبية الجنسية) منذ ما يقارب من 20 عاما وكنا ننعم بالاستقرار، رغم بخل أبي الشديد علينا، وقد ظننا أن ذلك سيتغير مع الأيام حتى حدثت الكارثة، فقد شك أبي في سلوك أمي وطلقها منذ ما يقارب 3 سنوات وسافرت إلى بلدها دون أن تسأل عنا ومن حينها زادت حالة أبي النفسية سوءا، وبدأ يشك في أنني لست ابنته وإخوتي ليسوا أولاده فقام بطردي من المنزل مع إخوتي بعد مراودته لي عن نفسي وامتناعي فذهبنا إلى عمي القريب منا، إلا أننا فوجئنا باتصال أبي به وإخباره بأنني فتاة سيئة الأخلاق ويجب طردي، فما كان من عمي إلا الإذعان لأبي وطردنا من المنزل فحاولنا العودة لأبي فلم نجده ووجدناه قد رحل، كما أنه قام بإنكار نسبنا له في المحكمة، فلجأت لإحدى الجمعيات الخيرية لإيوائنا وقمت من خلالها برفع دعوى على والدي لإثبات النسب والمطالبة بالنفقة وإيجاد سكن لإيوائنا مع إخوتي وإثبات تقتير أبي علينا رغم غناه، وفوجئت به يصر أمام القاضي أنني لست ابنته وبأنني فتاة سيئة السلوك وما زالت القضية متداولة في المحاكم.
عادت بعد 13 عاما لتثبت نسبها
أما (سعدية رجب) البالغة من العمر 51 عاما وهي من إحدى الدول العربية ولديها ابنة تدعي "ف، ع" فالتقيناها فور خروجها من إحدى المحاكم في مدينة الرياض حيث قامت بدعوى إثبات نسب لابنتها "ف، ع" من والدها السعودي، وقالت إنها كانت متزوجة منه منذ 22عاما وطلقت وهي حامل ومن ثم عادت إلى بلدها التي وضعت بها مولودتها وعاشت هناك إلى أن بلغت ابنتها 13سنة تقريبا ورجعت إلى السعودية مرة أخرى لتطالب مطلقها بإثبات بنوته والنفقة على ابنتها، إلا أن أهل الزوج في البداية أنكروا نسب ابنتها، وذلك لأنهم لم يعرفوا أنها كانت حامل عند مغادرتها السعودية فقامت برفع دعوى نسب للمحكمة الكبرى بالرياض تطالب بإثبات نسب ابنتها لأبيها وأمرت المحكمة بعمل تحاليل للابنة وأبيها علما بأن الأب نزيل إحدى المستشفيات بالرياض وكانت نتيجة التحاليل إيجابية ولعدم وجود أقارب للسيدة حاولت السكن في جمعية النهضة الخيرية مع ابنتها لإيوائها مؤقتا لحين انتهاء قضيتها التي مازالت متداولة في المحاكم.
هندية ترفض نسب ابنتها للأب السعودي
وفي المقابل ومن داخل السفارة الهندية بالرياض وجدنا قضية لسيدة هندية ترفض نسب ابنتها لوالدها السعودي وتطالب بسفرها معها إلى دولتها، وتقول السيدة ن، س" البالغة من العمر 35 عاما إنه منذ 14عاما تزوجت مسنّاً سعوديا قدم لبلدي للبحث عن زوجة ثانية تعيش معه ومع زوجته الأولى فتزوج بي وقام بإحضاري إلى السعودية التي مكثت بها ما يقارب 11 عاما وبسبب زيادة المشاكل تم الطلاق بيننا، وبعد سفري لبلدي تزوجت هناك من شاب من جنسيتي ورزقت منه بطفلة وبعد زواج دام ثلاثة أعوام تم طلاقنا، وقد صادف أن سافر مطلقي لدولتي فطلب مني العودة له مجددا فوافقت على ذلك وقام حينها بنسب ابنتي له حتى يتم مرافقتها أثناء سفرنا للسعودية، وبعد فترة توفي المسن فقامت عائلته بأخذ ابنتي مني والإبلاغ عني الجهات المعنية ليتم القبض علي وترحيلي لبلدي، لأنه لم يكن لي إقامة في السعودية فتقدمت بطلب للمحكمة لرفض نسب ابنتي من المسن السعودي ومازالت القضية متداولة أيضا.
أنكر الزواج العرفي بها
أما الخادمة سيلينا والتي قمنا بإيقافها مع ابنها الصغير أثناء توجهها للمحكمة الكبرى لمتابعة دعواها ضد زوج سعودي عملت لدى عائلته خادمة لمدة عامين فأنكر زواجه منها عرفيا وأيضا نسب ابنه له تقول سيلينا منذ حضوري لمنزله بدأ يتحرش بي، وقد ساعدته الظروف لذلك خاصة وان زوجته تعمل مدرسة في منطقة بعيدة عن سكن الزوج ولا تعود إلا متأخرة، في حين أن الزوج يعود قبلها بما يقارب 3 ساعات ولديه طفلة منها لا يتجاوز عمرها العامين فمنعت نفسي منه فقام بتهديدي تارة وبإغرائي تارة أخرى حتى طلب مني أن أتزوجه عرفيا محتفظا بالعقد معه حتى لا تراه زوجته معي وبعد موافقتي على ذلك حملت منه فادعى أمام زوجته أن ذلك الحمل ليس منه وبأنني فتاة سيئة مشهورة بعلاقاتي مع السائق الذي قام بالاستغناء عنه مؤخرا وتسفيره إلى بلده، فأشارت له زوجته بالذهاب بي إلى مكتب الاستقدام الذي قام باستقدامي لترحيلي وهناك رويت لصاحب المكتب ما حدث فأشار لي بتقديم شكوى للمحكمة الكبرى ومازالت القضية متداولة.
ومن داخل مكتب الخضيري للمحاماة فوجئنا بقضية نسب طفلة لأحد رجال الأعمال، حيث طلق زوجته التي تزوجها شرعيا بعد زواج دام شهرا واحدا فقط، كان يزورها خلاله يومين في الأسبوع ولم يخبرها زوجها بطلاقها واستمر في معاشرتها لستة أشهر كاملة وعندما أخبرته بحملها أنكر نسبه للطفل واخبرها بأنه طلقها بعد زواجه منها بشهر وأن الحمل تم بعد الطلاق فقام ذوي الفتاة بدعوى في المحكمة الكبرى لإثبات نسب الطفلة عن طريق التحاليل الطبية ولم تزال للآن القضية متداولة في المحاكم الشرعية.
وقال المحامي علي الخضيري صاحب مكتب الخضيري للمحاماة والاستشارات إن نسبة قضايا إثبات النسب في المحاكم السعودية تتجاوز 10في المائة، مبينا أن إثبات النسب يتطلب عقد زواج وشهود لإثبات بنوه الابن وفي حاله صعوبة الحصول على ذلك يحيل القاضي القضية إلى التحليل الطبي لإثبات النسب، مشيرا إلى أنه في الغالب أن الأب يقوم بنكر نسب ابنه له، موضحا أنه في حاله إثبات النسب لطفل من أبوين اتصالا بطريقة غير شرعية فإنه يلحق نسب الطفل لوالده إذا ثبت ذلك عن طريق التحاليل الطبية، مبينا أن كل قضية تدرس على حده ولها حالتها وظروفها الخاصة، وفي حالة إصرار واعتراض الأب على حكم القاضي بإثبات البنوة فإن القضية تتحول إلى محكمة التمييز
وقال أما في حالة إثبات البنوة لزواج شرعي وغير نظامي فإن المحكمة تعتد بهذا الزواج وتثبت النسب لأنه شرعيا ويلحق نسب الأولاد بالزوج، مشيرا إلى أنه في حالة الزواج العرفي فإن المحكمة تنظر لهذا الزواج بأنه غير شرعي وأقل درجة من الزنا وينظر في نسب الأولاد على أساس الشهود والتحاليل الطبية.