ثلاث ضربات في رأس المواطن توجع!!
د. فهد بن عبدالرحمن السويدان
لا شك أن غلاء الأسعار وباء وبلا على جميع أفراد المجتمع وهو أمر يلامس كل الناس على مختلف طبقاتهم ويتضرر منه خصوصاً الفقراء.
فها هي الحرب الطاحنة قد بدأت يشعلها الطمع والجشع من تجار الأسواق والمحلات التجارية والمكتبات أبطالها عملاء سريون ينقلون أخبار التخفيضات الوهمية والعروض، التي يعمل عليها المنافسون استعداداً لمواسم الدراسة ورمضان والعيد.
وما هي إلا أيام معدودة تفصل بين المواطنين ومعركة ضحاياها ملايين الريالات التي ستستنزف جيوب أرباب الأسر، وذلك على مشتريات اللوازم المدرسية ورمضان والعيد، إذ يعد هذا العام الأول من نوعه، حيث يتصادف بداية الدوام المدرسي ودخول رمضان ومجيء العيد، وهذا ما يحتم على ذوي الدخل المحدود مراعاة وترتيب أمورهم، رغم انه لا مفر من الاستسلام لتلك الأمور، وإن كانت "ثلاث ضربات متوالية على هامة الرأس توجع بل تصرع".
المحلات التجارية، والأسواق وكذلك المكتبات استعدت بتجهيزات سرية، والمضحك انها تعمل تخفيضات كاذبة لابتزاز المواطنين استعانت بمروجين سريين ينقلون ما يستعد به المنافسون من تجهيزات وتخفيضات وهمية متقمصين شخصيات غير حقيقية للعودة إلى المنافس بالخبر اليقين.
ما يتداول من حديث حول عزم شركات العصائر والألبان رفع أسعارها يجعل أهمية ودور جمعية حماية المستهلك التي أطلقت أخيراً تحت عين المجهر من حيث الفعالية والتنفيذ وحتى الهيبة القانونية والإدارية، خصوصاً أن هذه الجمعية قد جاءت تحت عنوان حماية المستهلك ورعاية مصالحه التي وللأسف الشديد قد وقعت ولوقت طويل تحت وطأة جشع ونهم التجار الذين يفترض أن يمنعهم انتماؤهم الوطني والأخلاقي والاجتماعي من رفع أسعار المواد الأساسية والمعيشية التي تعدُّ من أهم أساسيات وضروريات الحياة.
ومع نفي مصادر بوزارة التجارة علمها بموعد محدد لرفع تلك الأسعار التي قالت بعض الأخبار انها ستكون مطلع الشهر المقبل، ومع ما تتخذه الوزارة الموقرة بالتنسيق مع مثيلاتها من ذوات الاختصاص في الوزارات الأخرى، إلا أن فلسفة رفع السعر وثقافة المزايدة في الأسعار هي بحد ذاتها ما تحتاج إلى هرب لا هوادة فيها مع الذين يتخذونها هدفاً لهم والذي اصبح هوسهم المادي ينصب على رؤوس ذوي الدخل المحدود وأبناء الطبقة الوسطى التي ولله الحمد هي في خير ونعمة في بلادنا إلا انها تحتاج ايضاً للمزيد من التحصين والحماية ضد ممارسات طفيليات السوق والاقتصاد التي دائماً ما تواكب كل مرحلة تنموية في شتى بلدان العالم.
فمعدل التضخم ليس مقياساً دقيقاً لمعرفة الأضرار على الوضع المعيشي ترتفع تكاليف المعيشة ارتفاعاً كبيراً، فيرتفع صوت المواطن وتزداد حدة شكواه وتبرمه، حتى إذا ما صدر معدل تضخم الأسعار من قبل مؤسسة النقد في كل نهاية شهر برقم يوحي بأن هذا التضخم صحي وطبيعي وغير مقلق ازداد هذا المواطن المسكين حيرة وعجباً، إذ كيف يصدق هذا المعدل المطمئن وهو يرى أن السلع والمنتجات التي يشتريها بشكل دائم ترتفع أسعارها في كل شهر عن الشهر الذي قبله حتى ليكاد دخله الشهري يعجز عن تغطية تكاليفها مع أن استهلاكه للمنتجات في كل شهر هو الاستهلاك نفسه، ويزول هذا العجب إذا عرفنا أن معيار قياس التضخم قد لا يكون في بعض الأحوال مقياساً دقيقاً لمعرفة حجم الأضرار المباشرة لارتفاع الأسعار على وضع المواطن المعيشي، ذلك أن معيار التضخم لا يفرق بين ما هو ضروري وأساسي ومستهلك بشكل أكبر لدى المواطن من المنتجات والخدمات والسلع، وما هو كمالي وثانوي مستهلك بشكل أقل، وإنما يقيس معدل تضخم الأسعار في السلع والمنتجات بشكل عام، إذ يقوم في نهاية كل شهر أو ربع عام بقراءة أسعار ما يزيد على (004) سلعة ومقارنتها بأسعارها في الأشهر الماضية، وقد تكون بعض السلع المنخفضة أو المستقرة في أسعارها التي شملها المسح من السلع والمنتجات الثانوية والكمالية لدى المواطن الفرد، بينما تكون السلع الأساسية تذوب - عند قياس معدل التضخم - في أسعار السلع الكمالية والثانوية المستقرة والمنخفضة، فحينئذ لا يكون لارتفاع أسعار السلع الأساسية كبير تأثير في معدل التضخم.
كما هو معروف، ونتيجة لارتباط الريال السعودي بالدولار الأمريكي، فإن أي انخفاض في أسعار صرف الدولار أمام العملات الرئيسة العالمية كان ينعكس على شكل انخفاض لقيمة الريال السعودي أمام العملات الرئيسة العالمية في ظل ثبات باقي المتغيرات الاقتصادية.. تكون محصلة ذلك ارتفاعاً في قيمة الواردات إلى المملكة من تلك الدول (كما حصل في الفترة الأخيرة) وهذا بدوره يؤدي إلى ارتفاع تكاليف المعيشة أو ما يعرف بالتضخم الذي يقل من معدلات النمو الاقتصادي لأي دولة.
بعد ارتفاع معدلات التضخم في المملكة أخيراً وظهور مطالب تدعو إلى إعادة تقييم سعر صرف الريال أمام الدولار الأمريكي، أسوة بالخطوة الجريئة التي أقدم عليها البنك المركزي في دولة الكويت الشقيقة، وقد صرح معالي محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي عقب مشاركته في افتتاح مؤتمر يوروموني في الرياض قبل نحو ثلاثة أشهر، بتصريح أكد فيه أن رفع قيمة الريال السعودي أمام العملات الرئيسة العالمية لا يساهم في خفض التضخم، في حين ركز معاليه على أهمية التنسيق ووضع برامج للإنفاق الحكومي لتجنب الضغوط التضخمية.
لحل أي معضلة يجب علينا أن نتفق أولاً: على تحديد أسباب المعضلة بصراحة ووضوح، وهنا أود أن أسأل المعنيين وأصحاب القرار ما هي إذن أسباب حقيقة ارتفاع معدلات التضخم في المملكة؟ وهل لارتفاع أسعار العملات الرئيسة العالمية دور في ذلك؟ ولماذا هذا التضاد في تحليل أسباب التضخم؟
ومن الاقتراحات لحل هذه المشكلة:
- ترشيد الاستهلاك اليومي والمناسبات لدى المستهلكين.
- الدعم المادي والمعنوي للمنتجات الغذائية الوطنية وتوعية المواطن بأهميتها.
- معاقبة التجار المحتكرين.
- نشر الوعي الاقتصادي لدى أفراد المجتمع عبر وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية يقوم بها إعلاميون متخصصون ومحترفون لكشف الحقائق، والاكثار من البرامج وعقد الندوات التوعوية الاقتصادية الترشيدية لتبصير المواطن بأهمية الاقتصاد.
- الدعم المالي والمعنوي للمواد الضرورية التي يكون ارتفاع السعر فيها منشأه مكان المصدر (أسوة بالشعير).
- إنشاء جمعيات تعاونية غير ربحية منافسة للتجار في جميع أنحاء المملكة لتقوم وزارة التجارة باستيراد المواد الضرورية وتتولى الجمعيات التعاونية بيعها على المواطنين بسعر التكلفة في حالة عدم انصياع وتقيد التجار بالانضباط وعدم المغالاة في رفع الأسعار وعدم الاحتكار.
- تسهيل وتيسير إجراءات التراخيص لتجار جدد ليدخلوا السوق كمنافسين.
- اعفاء البضائع من أجور أرضيات الموانئ وازالة جميع رسوم الجمارك عنها.
- فرض رقابة مشددة، لتطبيق الجزاءات والغرامات المالية الرادعة بكل حزم وحسم على أولئك المتلاعبين بأسعار السوق.
- أن تكثف وتفعل حملات الرقابة على جميع الأسواق بالزيارات الميدانية المفاجئة والمستمرة وأن يكون القائمون بهذه الزيارات والجولات اصحاب كفاءات وقدرات وخبرات عالية وان يكون العدد كافيا لتغطية جميع أسواق المملكة.
-
http://www.alriyadh-np.com/2007/09/0...cle276875.html