بسم الله الرحمن الرحيم
النجاح كلمة جميلة تهفوا إليها النفوس ، وتصبو لها القلوب ، إنها كلمة مدوية ، عشقها العلماء ، وهام بها العظماء ، ولم يعرض عنها إلا الذين رضوا بالدون ، وقبلوا أن يسطروا على هامش الحياة وفي ذيل القافلة .
لقد سطر التاريخ نماذج مشرقة لصناع النجاح ورواده ، الذين سادوا وقادوا وتركوا بصماتهم في سجل الحياة ، فهذا عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه نجح في بناء دولة إسلامية لم يشهد التاريخ لها مثيلاً ، فأمن الناس على أنفسهم وأهلهم وأعراضهم وأموالهم ، وعزوا فلم يجرؤ أحد على إذلالهم ، وفاض المال حتى لم يجدوا من يأخذه وكل ذلك في سنتين لا غير .
وهذا عبد الرحمن الداخل يفر إلى الشام بعد سقوط دولة بني أمية ، ويأبى إلا نجاحاً ، فشيد ملكاً عظيماً في قعر بلاد النصارى ، وأقام حضارة إسلامية شهد لها العدو قبل الصديق بالعظمة والروعة .
إن النجاح يحتاج إلى أناس عقلاء أذكياء ، لهم همم عالية ، لا يرضيهم الواقع المعوج ، ولا يركنون إلى الحال الرديء ، نفوسهم متعلقة بالسماء ، وهممهم كالجبال الشامخات ، يسيرون وفق خطط مرسومة في حركة دائبة ، لا يكل ولا يمل ، حتى يصل إلى مرامه ، ويحقق أهدافه .
النجاح ليس في وفرة المال ، وإن كانت مطلوبة ، وليس في الشهرة ، والوصول إلى المناصب ، وليس في الكلمات المصطنعة ، بل سر النجاح هو في الداخل ، في أعماق النفس البشرية ، فهو " شيء معنوي لا يرى بالعين ، ولا يُقاس بالكم ، ولا تحتويه الخزائن ، ولا يشترى بالمال " .
أضخم معارك الحياة هي تلك التي تدور في أعماق النفس البشرية ، ونحن في عصر مليء بالصراعات ، ومليء بالحركة السريعة ، نحن نعيش حياة معاناة ، نعاني من طلب الرزق أحياناً ، ومن الأسرة أحياناً ، حتى من الترفيه أحياناً ، فنحن في حياة تعب وكدر ، لذا يجب أن سر النجاح بلا حدود أن ننتصر من الداخل ، ونتغير من الداخل .
النجاح ليس ادعاء ، بل حقيقة ملموسة مغروسة في قلوب النجحين ، اغرس في نفسك نجاحاً بلا حدود ، ولا تلتفت إلى النجاحات السطحية ولا تنخدع فأنت قوي " المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف " وقديماً قال أرسطو الأشياء التي يجب علينا أن نتعلمها لا نتعلمها إلا عندما نفعلها فعلاً .
سعى الإنسان قديماً إلى النجاح المترسم في داخله ، ولن يكون ذلك إلا بسماع الصوت الداخلي ، والإنصات العميق للصراعات الداخلية المتمثلة بمعرفة الهوية الإنسانية من أنا ؟ ما هو دوري في الحياة ؟ كيف أتصرف ؟ من هم أصحابي ؟ ويكون الصوت أعلى ، وصداه أوجع وأكثر إيلاماً عندما نكذب على أنفسنا إنها الصراعات الداخلية التي نحركها نتيجة للرغبة في أن نكون أعداداً لها قيمة .
كل ذلك يسبب ضغوطاً نفسية كثيرة تؤدي إلى صراع نفسي عميق ، هذا الصراع يؤدي إلى فراسة داخلية لنفسك وصفها لنا أحدهم بقوله " من تفرس في نفسه فعرفها ، صحت له الفراسة في غيره وأحكمها " .
عندها تكون أنت وليس غيرك ، هي النتيجة النهائية للصراع الداخلي كما وصفها أحدهم بقوله " أن تكون نفسك ، يالها من مهمة شاقة " عندها تزنها بمعيارين لك :
المعيار الأول : الخوف من الله تعالى الناتج من الاتصال المستمر بالله عز وجل .
المعيار الثاني : منهج الأنبياء عليهم الصلاة والسلام المنهج الصافي منهج القرآن المتحرك في الأرض