الأربعاء, 13 يناير 2010
أ.د. سالم بن أحمد سحاب
من أحد أهم إفرازات حادثة سيول جدة (وما أعقبها من إعلان بتعويضات المتضررين الأحياء في دورهم وممتلكاتهم وموتاهم) مسارعة البعض إلى التزوير في البيانات لحصد بعض الغنائم غير المستحقة شرعًا ولا خلقًا ولا قيمة تليق بالإنسان الصادق فضلاً عن المسلم السوي.
ومن صور التزوير إدعاء البعض سكناه في دار تضررت بالسيل، وهو ليس كذلك، أو زعمه أنه كان ساكنًا في بيت متضرر قديم يملكه، وهو ليس كذلك. قد تنجح الحيلة طبعًا لأن ليس ثمة نظام معلوماتي دقيق محدّث باستمرار يحفظ بيانات الساكنين للرجوع إليها وقت الحاجة.
ولأن القضية شبيهة بحدوتة الفلوس والسلطان، فإن توفير نظام معلومات فاعل يستوجب نظامًا في المقابل لتسمية الشوارع، وترقيم كل دار وعمارة وأرض وموقع في المدينة المعنية. وقد لا يخطر ببال أحدنا أن آلية من هذا النوع متوفرة ومتاحة في الوقت الحاضر، قد لا تكون الأفضل حتمًا، لكن ربما أدت الغرض بنسبة عالية تقترب من نسب فوز الرؤساء العرب في ضيعاتهم الديمقراطية.
مشروع واصل هو الذي أعني، وهو المنجز الذي تفاخر به مؤسسة البريد السعودي، وهو الذي يعتمد كليًا على أنظمة المعلومات الجغرافية، ويصفه مسؤولو البريد السعودي بأنه يمتاز بدقة عالية تصل إلى متر واحد عند البحث عن أي عنوان باستخدام خدمة البحث عن العناوين البريدية التي يوفرها محرك جوجل.
هل حان الوقت يا ترى للجوء إلى نظام تقني متطور من هذه الشاكلة دون الحاجة إلى رصد مئات الملايين من الريالات لتسمية وترقيم الشوارع عبر إجراءات طويلة خاضعة لاجتهادات وأراء قد تكون متضاربة. مرحليًا يمكن البدء باعتماد التنظيم البريدي للعناوين في المدن الكبرى، وإلزام كل متقدم لخدمة أو موظف في الدولة بتسجيل عنوانه المعتمد من البريد السعودي، حتى لو لم تُوضع لوحة على الدار أو الشارع أو الحي. المهم تحديد الموقع بدقة لبناء قاعدة البيانات المطلوبة تدريجيًا، فهي في النهاية مفيدة على كل الأصعدة خاصة الاجتماعية والأمنية والتنظيمية والديموغرافية، وعلى مستوى تعويضات السيول كمان!
لنبدأ بالخطوة الأولى في مشوار الألف ميل!
http://al-madina.com/node/214825