لا شك أن كلا منا يسعي للحصول علي كسب أو منصب أو ميزات معينة حيث ان متطلبات الفرد لا حدود لها. كلما ازداد تملكه - كلما كبرت رغباته وحاجياته نعم لقد تاه البعض عن الطريق، وضل السبيل، وتوقف نبض الإحساس، حيث ان بعض الأشخاص يستغلون مناصبهم وسلطاتهم لتحقيق أهدافهم فيعمل كل منهم علي توظيف أحد أقاربه في الشركات فهو أحق من غيره في العمل.
وللأسف الشديد مما يحزن القلب ويخزي الفؤاد ان الواسطة أصبحت الفيصل في الحكم علي الكفاءة عند الأشخاص علي مستوي جميع القطاعات والميادين حيث تعتبر الواسطة المذمومة أحد مظاهر الفساد الإداري، وقد انتشرت في الوقت الحاضر انتشارا واسعاً كانتشار النار في الهشيم في عموم المؤسسات.
حقاً لقد اكتسبت كلمة الواسطة سمعة سيئة بسبب سوء استخدامها، وسمعتها السيئة أتت من مفهوم قد يكون مبالغاً فيه وهو إن من يسعون لطلب العون من الآخرين علي تحقيق هدف أو أداء خدمة هم علي سبيل الإطلاق لا يستحقون العون والمساعدة وأنهم يحصلون علي شيء غيرهم أحق به منهم، فإذا كانت الحالة هكذا فلا شك تصبح الواسطة عملا سيئاً وعلي المجتمع الواعي ان يرفضه ويحاربه، ولا شك ايضاً ان من يسعي للحصول علي كسب أو منصب أو ميزات معينة لإنسان لا يستحقها إنما يقترف ذنباً لأنه بهذا يحرم منها من هو أحق بها، من ناحية أخري تصبح الواسطة واجباً اجتماعياً إنسانيا وعملاً فاضلاً اذا استخدمت في طرقها الشرعية.
ولا يخالجني أدني شك بأن أغلب الأشخاص يتذمرون من الواسطة وأنهم يلجأون إليها لأنهم أجبروا علي ركوبها، ومهما يكن الأمر فالمفروض ان تحصل علي حقك بدون واسطة من أحد وألا تحصل علي حق غيرك بواسطة من أحد.
فيجب تصحيح المسار بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب، الهدف من وضع الرجل المناسب في المكان المناسب الذي يليق به هو تحريك الدفة في الاتجاه الصحيح ولذلك ينبغي ان يكون الرجل المثقف مخلصاً لدينه ولوطنه وإلا فلا فائدة ترجي منه.
فإذا انسدت الطرق أمامك وفشلت جميع محاولاتك فلا تستسلم وتصدق الشعار الذي يرفعه البعض وإنما ابحث عن واسطة تسقط كل الشعارات أمامها.
والسؤال الذي يطرح نفسه ما هو الحل لهذه المشكلة؟ أو بمعني آخر هل نحن مستعدون للقضاء عليها؟ أعتقد أنه جاء الوقت لمحاسبة النفس والاعتراف بهذه المشكلة كواحدة من معوقات التنمية الإدارية والاقتصادية والاجتماعية.