تناقلت الصحف قبل أيام خبراً عن قيام الغرفة التجارية الصناعية بجدة بترتيب خدمة إنجاز معاملات الجوازات لمنتسبيها بواسطة البريد السريع والفكرة التي أقدمت عليها الغرفة هامة ومتطورة بكل المقاييس في عالم اليوم الذي يتسم بالسرعة في كل شيء وبالتأكيد ان عملية تنفيذ هذه العملية ستواجه بعض الصعوبات عند بداية تطبيقها ونتمنى أن لا تدفع العقبات القائمين على هذا المشروع الحيوي إلى إلغائه نظراً لأهميته.
ذلك أن مسألة إنجاز المعاملات بالبريد السريع فيها من توفير الوقت والجهد الشيء الكثير ولكنها في ظل الرسوم المرتفعة التي تستحصل في مقابلها قد لا تكون ذات جدوى أو تستفيد منها شريحة كبيرة من المجتمع إضافة إلى ان عملية استلام الوثائق لا تتم وفق مسؤولية ملزمة للشركة التي تتولى تقديم الخدمة في حالة ضياعها.
إلا أن كل هذه العقبات كما أشرنا سابقا يجب أن لا تكون نهاية للتفكير في هذه الوسيلة المثالية لإنجاز المعاملات فقد قرأنا في صحف دولة مجاورة لنا عن تسديد رسوم الرخصة والمخالفات بالإنترنت واستلامها بالبريد بعد أيام وهي خطوة يمكن تنفيذها على شريحة ليست كبيرة في مجتمعنا خاصة بعد النجاح الذي حققته عملية الاكتتاب في أسهم بنك البلاد بواسطة الإنترنت.
وقد يكون في هذه الوسيلة الجديدة لإنجاز المعاملات شيء من تخفيف العبء على المواطن والمقيم في مراجعة الجهات الحكومية التي تكثر فيها المعاملات والمراجعات عليها وخاصة فيما يتعلق بشأن الإنسان اليومي مثل تجديد الرخصة أو استمارة السيارة وتسديد المخالفات المرورية وكذلك تجديد الإقامة، وجواز السفر للسعوديين حيث يلاحظ أن أقسام سفر السعوديين في المدن الرئيسية تكتظ بالمراجعين عند حلول إجازة المدارس في عز حرارة الصيف ولو تم التعامل مع مسألة تجديد الجوازات بواسطة البريد لكانت حركة الإنجاز أسرع من قبل الجوازات ولقلت معاناة المواطن في البحث عن موقف لسيارته في وسط الزحام وحرارة الجو من أجل إجراء بسيط يمكن أن ينهيه موظف الجوازات إذا وصلته معاملة التجديد كاملة بواسطة البريد وبإمكان هذا الموظف أن يتكرم بإعادة الجواز مجددا في اليوم التالي إلى قسم البريد الذي سيقوم بدوره بتسليمه للمواطن وهكذا وبمنتهى البساطة يمكننا أن نتصور عملية سير المعاملات في الجوازات ونعتقد أن المسالة لن تكون معقدة كذلك في المرور أو مصلحة الزكاة والدخل وفروع السجل التجاري والغرفة التجارية من حيث التصديق على المستندات وتسليمها للبريد وأيضا يمكن إنجاز معاملات جهات أخرى بواسطة البريد مثل التأمينات الاجتماعية وشركة الكهرباء ومكاتب العمل ووزارة الخارجية لاستخراج التأشيرات وتقوم فكرة إنجاز المعاملات بهذه الطريقة على أساس توزيع عبء ضغط المراجعين وطوابير الانتظار على مواقع متعددة لمراكز البريد التي تقوم بعملية الاستلام والتسليم في اليوم التالي بعد إنجاز المعاملة وقد لا يجد بعض الناس أن هذه الطريقة مجدية فهم يفضلون أن ينهوا معاملاتهم مباشرة ولكن شريحة أخرى من المجتمع ليست بالسهلة تفضل هذه الطريقة الحضارية في إنجاز المعاملات ولا بد أن المستفيدين من خدمات الهاتف مثلا يشعرون أن هناك نقلة كبيرة حدثت بعد خصخصة هذا القطاع وتحويله إلى شركة فقد بات تركيب الهاتف الثابت لا يستدعى الذهاب إلى مكتب الاشتراكات بملف أخضر به صورة من الهوية وصك ملكية العقار أو عقد الإيجار وكل ما هو مطلوب في الوقت الراهن هو الاتصال بخدمات 907 وتزويدهم برقم مقسم التوزيع للخدمة الهاتفية وبيانات الهوية ويتم بعد ذلك تحديد موعد التركيب وفي مقابل هذا التحول السريع في الخدمة لا بد أننا نذكر كيف كنا ننتظر المهندس الذي يقوم بالكشف على الموقع منذ الساعة السابعة صباحا وكيف نتهافت على أن يكون دورنا في الكشف في بداية جولته وكيف كان الموظف يستأذن من عمله من أجل موعد تركيب الهاتف لان سيارة التركيبات ربما تصل إليه في الثالثة ظهرا وكذلك لا بد أن نشير هنا إلى تطور خدمات البرقيات بواسطة الهاتف.
والناس في هذه الأيام تنتظر الخطوات التي أعلن عنها الدكتور محمد صالح بنتن رئيس المؤسسة العامة للبريد والمتعلقة بنقل الصناديق البريدية التي يذهب إليها المشتركون في مقر البريد إلى عناوين مكاتبهم ومنازلهم بحيث يتم التعامل معها من طرفي العلاقة البريد والمشترك بشكل يومي وفوري لا يستدعى ذهاب المشترك لفتح صندوقه البريدي وتلقى الرسائل منه وهذا يعني أننا مقبلون على نقلة نوعية في مستوى خدمات قطاع هام ترتبط به جميع شرائح المجتمع وهو أن يأتي إليك موظف البريد ولا تذهب إليه وحتى الآن لا نعرف مدى إمكانية أن يقوم موظف البريد الذي يأتي إلى العنوان البريدي بالرسائل باستلام الرسائل الصادرة إلى جهات أخرى وفي حالة وجود مثل هذه الخدمة المتقدمة يمكن أن تكون فكرة إنجاز المعاملات بواسطة البريد أقل تكلفة من المعمول به في الوقت الراهن حيث تتجاوز قيمة خدمة البريد السريع مع الجوازات مائة وخمسين ريالا وهي تكلفة مرتفعة في ظل أن سعر الرسالة السريعة من جدة إلى الرياض 125ريالا وسعرها بالبريد الممتاز خمسون ريالا وفي حال وجود خدمة استلام وتسليم من موظفي البريد في داخل المدن نفسها نعتقد أن تكلفة إنجاز المعاملة بواسطة البريد ربما لا تتجاوز مبلغاً يتراوح بين عشرة وعشرين ريالا وهو مبلغ معقول لأنه قريب من قيمة التصديق على المعاملات في الغرفة التجارية وستكون عملية استخدام البريد العادي المسجل في إنجاز المعاملات عند توفر خدمات أوسع من قبل المؤسسة العامة للبريد وبأسعار مناسبة ذات نطاق واسع ربما يعمم بعد ذلك ويصبح أحد السمات الأساسية في إنجاز المعاملات.
ولا بد أن نؤكد أن مثل هذه الأفكار لا يمكن أن تلغي الحاجة لمكاتب الخدمات العامة والمعقبين السعوديين الذين يعملون في الشركات والمؤسسات الخاصة وكذلك في الدوائر الحكومية خاصة وأن بعض المعاملات مثل التخليص الجمركي وتقديم المستندات لمكاتب العمل والاستقدام ووزارة الخارجية ودفع الرسوم في البنوك هي من صلب عمل هؤلاء المعقبين الذين لا يمكن الاستغناء عن خدماتهم.
المصدر : جريدة الرياض ليوم الاثنين 25 صفر 1426هـ - 4 إبريل 2005م - العدد 13433
http://www.alriyadh.com/2005/04/04/article53617.html